أقلام حرة

تنظيم القاعدة بين الغياب والتغييب / جاسم محمد

الانضمام الى القاعدة او التنظيمات الاسلامية الاخرى كوسيلة للتعبير عن رفضه للانظمة العربية والسياسة الاميركية . هذه الثورات كانت احدى عوامل تراجع شبكة القاعدة اعلاميا وميدانيا وهنالك عوامل واسباب اخرى أدت ألى تراجعها، ابرزها :

مقتل عدد من قيادات التنظيم ومنها اسامة بن لادن زعيم التنظيم في مايس عام 2011 واعقبه مقتل انور العولقي في اليمن والاخير كان يعتبر ملهم شبكة القاعدة لتجنيد عدد كبير من العرب والاجانب وكذلك مقتل ابو عمر البغدادي من تنظيم دولة العراق الاسلامية الذي يعمل تحت مظلة القاعدة، وتعرض قيادات التنظيم لعمليات قنص بطائرة بدون طيار عند الحدود الباكستانية الافغانية .

 

ترهل وتقاعد عدد من قيادات التنظيم وخاصة من الجيل الاول ابرزها الظواهري وسيف الدين العدل وعبد النبي من جيش ابين/ اليمن ولجؤء عدد منهم مع عوائلهم الى ايران .

 

تخلي طالبان عن تنظيم القاعدة بعد موافقتها على اجراء حوار مع الولايات المتحدة برعاية قطرية مطلع هذا العام 2012 . علما بان الخلاف الافغاني مع القاعدة يعود الى الايام الاولى من تحرير افغانستان من الاتحاد السوفيتي السابق عام 1989 وهذا الخلاف يتركز في عولمة اهداف القاعدة عكس طالبان التي تتحدد يتحرير افغانستان واستلام السلطة و الخلاف كان واضحا حتى في تحضيرات العمليات الانتحارية والعسكرية ضد القوات الاميركية وقوات حفظ السلام الدولية،ايساف.

 المعلومات ومراسلات التنظيم : ان عمليات اغتيال قيادات القاعدة ضروري التوقف عندها وخاصة مقتل بن لادن، رغم ان مقتله يعد انتكاسا معنويا للتنظيم لكنه لايمكن اهمال ميدانيا . ان عملية اغتيال بن لادن ضخت حجم كبير من المعلومات حتى اقترنها البعض لاحقا بمقتل انور العولقي وقيادات اخرى، ان سقوط هذا الكم من المعلومات في مقر سكن بن لادن وحاسوبه الشخصي بالتاكيد يتطلب من التنظيم ايقاف نشاطه مركزيا واجراء مراجعة شاملة الى شبكة مصادره ووسائل اتصاله وتغيير اماكن تواجد قياداته وهذا لايمكن تجاوزه في ايام او اسابيع بل يمتد الى اشهر عدة .

انخفاض الحماس عند الجيل الثالث من شبكة القاعدة الذي كان يقوم على الجهاد الاعلامي والمنتديات الاعلامية نتيجة تخلي الشباب عن تلك المنتديات والالتحاق بثورات الشباب الشعبية .

 

رسائل القاعدة

جائت رسالة الظواهري في الثاني عشر من شباط / فبراير 2012 لمساندة الثورة في سوريا ضعيفة وتعكس تراجع التنظيم وممكن تفسيرها بانها محاولة من التنظيم للقفز على ثورات الربيع العربي .

فاين كانت القاعدة من تغيير النظام في مصر والذي جاء نتيجة ثورة الشباب الشعبية رغم وجود الضغوطات الاميركية، واين كانت القاعدة من تغيير نظام علي صالح في اليمن والذي تنحى مقابل ثورة الشباب مع مبادرة خليجية اميركية فانها لم تاتي بجديد .

لقد حصد الاسلاميون اغلب المقاعد البرلمانية في الانتخابات التشريعية بعد التغيير وكانت حصة الاخوان المسلمين هي الاكبر لتصل الى اكثر من 50 % مقابل اقل من 10 % الى السلفيه وهنا ضروري التمييز مابين السلفية وتنظيم القاعدة فليس كل سلفي يعني القاعدة فهنالك السلفية الاصلاحية و المعتدلة والسلفيه الجهادية التكفيرية بل هنالك اصوات داخل السلفية وبعض مشايخهم تدين اعمال العنف والغلو في القتل وتطلب من تنظيم القاعدة ان تتقي الله في عباده .

 

القاعدة نموذج مختلف

لايمكن تعميم نموذج واحد للقاعدة على ثورات الربيع العربي فهنالك خصوصية لكل دولة تميزها عن الاخرى :

القاعدة حليف للنظام : هذا النموذج كان ومازال واضحا في اليمن فالتنظيم كان حليفا لنظام علي صالح ومازال، لان رحيل صالح لم ياتي بجديد، فحزب المؤتمر الحاكم وعائلة ومقربي صالح مازالوا يمسكون بزمام السلطة والمؤسسة العسكرية والامنية . وما تشهده اليمن من تطورات امنية وخاصة في جنوب اليمن في ابين ورداع وجبال حطاط واعلان امارات اسلامية من قبل انصار الشريعة/الذهبي هي جزء من تقاسم الادوار بين السلطة والتنظيم .

سوريا : كانت سوريا للفترة 2005 الى 2009 اهم معبر لتنظيم القاعدة في العراق بل كانت الحكومة السورية / ومؤسساتها الاستخبارية تشرف على تدريب المتطوعين في معسكرات خاصة ابرزها معسكر اللاذقية واعداد الانتحاريين يتم تسريبها علنا ضمن شبكة عمل واسعة ابرزها معبر ربيعة والذي مازال يمثل المعبر الرئيسي لنقل الانتحاريين الى داخل العراق .

القاعدة وتنظيم الشام كان ذراعا سوريا وحليفا لفرض شروط سوريا على الادارة الاميركية وكان تصريح بشار الاسد المتضمن " عندما تريد الولايات المتحدة فرض الامن في العراق عليها التفاوض مع سوريا " وهو اشارة واضحة على تورط الحكومة السورية في عمليات الارهاب داخل العراق وباعتراف معتقليي القاعدة . لذا فكيف تكون القاعدة وراء تغيير النظام في سوريا ؟ بل اعتبر بعض المراقبون للشان السوري، ان اتهام الرئيس بشار للقاعدة في عمليات قتل وعمليات انتحارية بين المدنيين بانها عملية توزيع الادوارومحاولة للتنصل من التزامات الجكومة امام مواطنيها .

تونس : لقد نجحت تونس بتحييد تنظيم القاعدة ومنع المتسللين الى اراضيها من دول الجوار وتفكييك بعض الخلايا الصغيرة .

ليبيا : ثمة معطيات سياسية وأقليمية داعمة لحضور القاعدة داخل المشهد الليبى و لم تأتي مشاركتها من فراغ و أنما لاسباب سياسية وإجتماعية، أن الدور القيادى للقاعدة فى حرب ليبيا جاء بموافقة أمريكية غربية .

ان تعيين الشيخ الصادق / الحصيدي كآمر للواء طرابلس وهو أمير داخل القاعدة وحارب بأفغانستان ويشك بانه كان معتقلا في غوانتناموا وله سجل طويل مع السي اي اية، لم يأتي من فراغ . ان استخدام الادارة الاميركية شبكة القاعدة والمقاتليين من الاسلاميين وخاصة السلفية والجناح العسكري لاخوان المسلمين ممكن تفسيره بانه ياتي او يتماشى مع سياسة وكالة الاستخبارات المركزية والدفاع الجديدة القائمة على تقليص نشر القوات الاميركية ونفقات الميزانية بالاضافة الى استثمار الروح الجهادية للمجموعات الاسلامية والقاعدة بالتخلص من نظام القذافي بوقت اقصر .

 

ان اشراك تنظيم القاعدة في العمليات العسكرية ممكن تفسيره بانه خطوة اميركية بالتخلص من بعض مقاتلي التنظيم وسحبهم من معاقلهم في افغانستان والباكستان باتجاه شمال افريقيا، وخطوة استخبارية ذكية من قبل الاستخبارات المركزية باستقطاب مقاتلي التنظيم بعد استخدامها الصادق كطعم لمقاتلي التنظيم والمجموعات الاسلامية، وان صح ذلك تصح نظرية اعادة تجنيد مقاتلي تنظيم القاعدة داخل السجون والمعتقلات الاميركيه كما حدث في العراق .

 

لقد نشرت صحيفة ال ديلي تلغراف شهادة الادميرال ستافريديس قائد الناتو في مجلس الشيوخ الامريكي قائلا :"انه يشك بوجود فلول القاعدة في ليبيا " ولكن كان رد مجلس الشيوخ : " لا يوجد فلول فقط ولكن فيضان " . عملية اشراك القاعدة في ليبيا تشبة فضيحة ايران /كونترا غيت لكنها اكثر شفافية .

 

القاعدة تنظيم انتهازي

القاعدة تنظيم انتهازي يسعى إلى استغلال الاضطرابات من أجل تنشيط طموحاته الاقليمية، بعد ان غابت في الانتفاضات الشعبية و الربيع العربي وفشلت في التغيير.

أن البيئة السياسية والإجتماعية العربية تبدو مهيأة لصعود التيار الديني بأ ستثناء القاعدة واحتمال اتخاذ دور الاسلام السياسي المعتدل في التغيير باعتباره تنظيم ايدلوجي منظم يملي الفراغ السياسي .

فرغم تراجع وضعف شبكة القاعدة تنظيميا لكنها كانت وماتزال نسبيا اكثر انتشار ايدلوجيا لتتحول الى فكرمتطرف يغلو بقتل من يخالف فرض خلافته الاسلامية الافتراضية . هذا التراجع كان وراء اعتماد التنظيم على التشكيلات الاقليمية ابرزها تنظيم اليمن والجزيرة العربية والشام والعراق وشمال افريقيا ، لكن الملاحظ ان الضعف لم يتحدد فقط في التنظيم المركزي بل تمدد الى التنظيمات الاقليمية .

 ان احتضان تنظيم القاعدة المركزي لتنظيمات محلية تعمل بمظلتها ومنها " دولة العراق الاسلامية " وانصار الشريعة في اليمن ممكن تفسيره بانها خطوة تنظيمية للاعتماد على التنظيمات المحلية لاستقطاب التاييد المحلي بعد مواجهة التنظيم رفض الراي العام و حواضنه، واحتمال فقدان قياداته لدورها الميداني، فهي تحاول حصد عمليات التنظيمات المحلية لصالحها خاصة بعد معاناة التنظيم من مشكلة التمويل والحركة، فالقاعدة تستغل رموز قياداتها لفرض اهدافها وسياساتها على تلك التنظيمات المحلية .

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2039 الخميس 23 / 02 / 2012)


في المثقف اليوم