أقلام حرة

الانتخابات بين الوعود والمصداقية / جمال الهنداوي

التي تستهدف عقل وقلب المواطن من خلال وسائل الاعلام المختلفة والصحف و الندوات و الرسائل الهاتفية وشبكات التواصل الاجتماعي الالكترونية..

معركة قد يكون للازمة السياسية الناشبة في جسد الوطن دور في دفع الكتل السياسية لاستباق استحقاقاتها الدستورية رغبة في حجز المساحات الوجدانية الاعرض والاعمق في وجدان وضمير الشعب..وقد تكون الانقسامات الناجمة عن نفس هذه الازمة العضال هي المبرر لكل ذلك التنابز والمناكفات التي تطغى على صوت التعايش والتقارب بين ابناء المجتمع بسبب رغبة كل فئة بلملمة جماهيرها في الطرف الآمن الابعد عن الفئة الاخرى وباستخدام كل وسائل الترهيب والتحشيد والتحريض حد التلويح المستمر-بل التبشير-بالعودة الى مربع الاقتتال الطائفي والحرب الاهلية والتشظي المجتمعي كبديل اوحد لانكفاء الناس عنهم وعن شعاراتهم الزائفة..

ولكن في خضم كل تلك الفوضى الضاربة باطناب المشهد السياسي العراقي نجد ان هناك عاملا واحدا قد يكون القاسم المشترك بين جميع الفرقاء او هو ما يمكن لنا ان نجمع خطاباتهم المتنافرة تحت لوائه..الا وهو الاسراف في كيل الوعود الانتخابية بوفرة قد لا تتناسب مع كل ذلك الفشل المدوي لجميع الكتل في تحقيق النزر الادنى من كل ذلك الضجيج الذي قرع اسماعنا واقض احلامنا في فترة ما قبل اعلان نتائج الانتخابات النيابية..

فرغم كل هذا الارتباك الذي يسود الاداء السياسي للكثير من الرموز السياسية وبعد تلك الخوانق الامنية والمجتمعية التي يزج بها العراق واهله بسبب صعوبة التوفيق بين مصالح القوى السياسية العراقية المتضادة..وبعد كل ذلك التغييب للمواطن العراقي عن المشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسي..نجد الالحاح الوقح في سياسة سفح الوعود الخيالية والطوباوية البعيدة عن القدرة الحقيقية على تشخيص الواقع والوسائل التي من الممكن ان تتجه بالبلد الى بر الاستقرار السياسي والاقتصادي..ومحاولة استمالة الناخب العراقي بنفس الخطاب الفقاعي السمج الذي لم يتلمس المواطن من خلاله الا اليسير الذي لا يغني ولا يسمن ولا يوازي الامكانات والطاقات البشرية والاقتصادية التي يعج ويتمتع بها العراق..

ان المواطن العراقي البطل الذي اثبت في العديد من المواقف المفصلية تقدمه الكبير على السياسي اصالة ووعيا وانتماءً للقيم والثوابت الوطنية العليا مطالب اليوم بان يكون على مستوى المسؤولية الضخمة التي يحملها بان يدفع زكاة صوته الثمين بان يضعه في المكان المناسب من خلال التقويم الواعي لأداء المرحلة السابقة وممارسات الاحزاب التي تصدرت المشهد السياسي العراقي ومقارنة الوعود الانتخابية الواعدة المدغدغة لاحلام المواطنين مع ما تحقق فعلا على ارض الواقع على المستوى الامني والاقتصادي والخدمي..والاهم هو السؤال عن اداء وفاعلية مجلس النواب في ممارسة دوره الرقابي والتشريعي..

المواطن العراقي مطالب بمقاربة موضوعية بعيدة عن الانتماءات الايديولوجية لمسيرة العملية السياسية ورموزها وسجل عناوينها البرلماني والمؤشرات والاسباب التي دفعت بها تجاه خياراتها السياسية..وهذا ما قد يضفى المزيد من المصداقية على نتائج الانتخابات المقبلة والامل بتحقيق الهدف الاسمى من الاحتكام الى صناديق الاقتراع الا وهو ايصال العناصر الكفوءة المؤهلة الى موقع تمثيل الشعب العراقي العظيم..

ان الانتخابات هي وسيلة الشعب الكبرى في محاسبة ممثليهم المنتخبين واجبارهم على تقديم الكشوف المفصلة حول انشطتهم البرلمانية طيلة فترة نيابتهم وحول ما قدموه لهذه المنطقة وما جلبوه من مشاريع ومنافع للمواطنين ان المراقبة والمحاسبة والتقويم ومساءلة المرشحين عن وعودهم الانتخابية ومساعيهم في تحقيقها هي اول الطريق نحو تكوين الجمعية الوطنية التي تستطيع قيادة الوطن وترميم الخراب المتراكم في مفاصل العملية السياسية وهي القادرة في تسليك المرور من استحقاقات مرحلة بناء الدولة وتجاوز الازمات واعلاء كلمة النظام والدستور والقانون..ودون هذا الوعي فان المنزلقات السياسية التي تسبب بها الكثير من عناوين المرحلة الحالية مرشحة للاستمرار ان لم تكن مثابة لتخليق ازمات اخرى اشد وادهى..

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2040 الجمعة 24 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم