أقلام حرة

هل كان الرئيس عاقلا أم؟ / كفاح محمود كريم

يعطي مؤشرا ايجابيا لاحتمالية تخلي بعض الأنظمة الدكتاتورية عن مواقعها دون حروب أهلية وضحايا وتدمير كلي للبلاد، كما حصل في العراق وأفغانستان وليبيا ويحصل الآن في سوريا.

 

وبصرف النظر عن الأهداف أو الغايات التي ربما تكون بعيدة عن تصورات المحللين في سلوك الرئيس اليمني، إلا أنها لحد الآن تعطي انطباعا بإبعاد تلك البلاد عن حرب أهلية ضروس ربما تكون تكاليفها وضحاياها أكثر بكثير من الهدف المرتجى، خصوصا إذا ما أدركنا هشاشة التكوين اليمني فيما يتعلق بالاتحاد ألقسري بين الجنوب والشمال، والتكوين القبلي المتكلس في بنية المجتمع، مع ما يرافق ذلك من أمية حادة وتخلف اقتصادي واجتماعي كبيرين، ورغم ذلك نجح الشارع اليمني بشقيه الشمالي والجنوبي وتدخل مؤثر جدا لدول الخليج اقنع منظومة النظام القبلية والسياسية والاقتصادية بقبول الإزاحة، على أمل الدخول في انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة ونزيهة ربما تمنحهم كما يتأمل الرئيس علي صالح بالعودة ثانية إلى دفة الحكم.

 

وبغض النظر عن إمكانية العودة أو احتمالية الالتفاف ثانية من خلال الرئيس الجديد الذي يصنف بأنه رجل علي صالح ونظامه الأكثر قبولا من الأهالي لفترة انتقالية فقط، فان ما جرى مقارنة كما ذكرنا مع مأساة العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا يشكل مرحلة مهمة جدا في الوصول إلى حلول أكثر مدنية وسلمية لتداول السلطة بعيدا عن الحروب وإراقة الدماء وتدمير البلاد، وتبقى هناك أسئلة كثيرة في مقدمتها هل إن ما جرى يمثل تصرفا عاقلا من رأس النظام أم انه نوع من الفهلوية والتحايل مع وجود كل أفراد أسرته وطاقمه في مراكز القوة والمال، مما يثير تساؤلات خطيرة عن احتمال وقوع صراع بين الرئيس الجديد وطاقم الرئيس السابق خلال الأشهر القادمة ربما تقود إلى حرب أهلية!؟

 

وعموما فان تداعيات الأحداث في كل من تونس ومصر واليمن تمثل برأيي تطورا أكثر ايجابية مقارنة بما حدث في العراق وأفغانستان وليبيا ولاحقا سوريا، حيث أدى إصرار تلك النظم الدكتاتورية على التشبث بالسلطة ومن ثم إبادة المعارضين، إلى اضطرار المجتمع الدولي والقوى العظمى إلى شرعنة احتلال تلك البلاد وتدمير بنيتها التحتية، وما نتج عن ذلك من دوامة عنف حادة حصدت مئات الآلاف من الضحايا ومثلها من الأموال مع تدمير كلي لمعظم البلاد!؟

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2046 الخميس 01 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم