أقلام حرة

المسؤولون العراقيون وشَجرة الجّنَة / أمين يونس

فتسائَل عن هذه الشجرة، وسِرّ تساقط الأوراق منها ... فقالَ لهُ الحارس : .. كُلما قامَ مسؤولٌ عراقي كبير، بالسرقة او النهب او خيانة الأمانة، تسقط ورقة من هذه الشجرة ! .. اُنظر الكومة العظيمة من الاوراق المتراكمة خلال السنوات الماضية . قالَ المَلَك : هل هي شجرةٌ واحدة أم شجرتان ؟ أجاب الحارس : انها بالأصل شجرة واحدة، ولها جذور مُشتركة، ولكنها على شِكل فِرعَين، وكما ترى، فأن الاغصان مُتشابكة بصورةٍ كبيرة، بل ان هنالك ما يشبه السباق، فكُلما سقطتْ ورقة من هذا الفرع، سُرعان ما تسقط واحدة من الفرع الآخر ! " .

نعم، فهذهِ الوزارة، وزيرها عربي سُني، ووكيل الوزير كُردي، وتلك وزيرها كُردي ونائبه عربي شيعي، والرأس الكبير شيعي ونوابه سُنة وكُرد، وهكذا دواليك . والكُل متواطئون في إرتكاب جرائم الفساد الكبيرة بأنواعها، والجميع يعرفون حق المعرفة، ما آلتْ إليه مئات مليارات الدولارات خلال السنوات التسعة الماضية، وخلافاتهم ليستْ على أصل المُشكلة، ولا على إظهار الحقيقة، ولا على تشخيص الناهب والسارق، ولا على مُحاسبة الجاني ... بل ان كُل الحكاية .. هي ان أفراد العصابة " مثل أي فلم كاوبوي تقليدي، أو قصص المافيات العائلية " ... يتعاركون فيما بينهم، على [الحصص] ! .. فيصدف، ان أحد أعضاء العصابة المافيوية، يطمع، ويأخذ أكثر من حصته من " الغنيمة "، فيثور عليه الآخرون، ويُحاولون بشتى الطُرق، إسترجاع " حقِهم " ! . نعم، كُلهم يعتبرون المكاسب والإمتيازات والتصرُف بالمال العام .. يعتبرونها (غنائم) .. والغنيمة الكبيرة يحصل عليها، الأقوى والأشرَس والأخبَث .. كما في أي عصابةٍ كلاسيكية !.

ان أخلاق عوائل المافيات الإيطالية والإيرلندية في الولايات المتحدة الامريكية، قبل أكثر من مئة سنة، كانتْ أفضَل كثيراً من أخلاق المافيات السياسية المتواجدة على الساحة العراقية اليوم .. فكانتْ حينها تمتلك بعض " القِيَم " رَغم أفعالها الإجرامية، وكانتْ واضحة في أساليبها وأهدافها  وغاياتها التي تنحصر في النفوذ وكسب المال . أما الآن في العراق ببغداده وأربيله .. فأن كُل الموبقات والجرائم وأنواع الفساد، تجري، تحتَ يافطات شتى، مُخادعة ... تتراوح بين إدعاءات التَدّين الملفوفة باللحى وأغطية الرأس السوداء والبيضاء، وترديد بعض الآيات والاحاديث، التي يضحكون بها على عقول البُسطاء .. من ناحية، ومن الناحية الأخرى، التَشدُق بشعارات، الوطنية والقومية الزائفة، والمُزايدات الكاذبة . ان كُل الذي يحدث، هو التعارك بين أفراد العصابة، على الحصة الأكبر من الكعكة الغنيمة، والتنافُس على الإستحواذ، على اكبر قَدرٍ من النفوذ والسلطة والمال .

وطالما، بَقِيَتْ هذه الطُغمة المُتسلطة على مقاليد الامور في العراق، بهذه العقلية النَتِنة .. فأن الأوراق ستظل تتساقط مِدراراً من أغصان شجرة الجنة أعلاه !.

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2046 الخميس 01 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم