أقلام حرة

سرقة ارشيف المخابرات العراقية 2003 / جاسم محمد

في الغرب ومنها وكالة الاستخبارات المركزية، لكن هذا لايعني  ان مخابرات الدول الغربية هي مخابرات حميدة  وشفافة ابدا بقدر ما تتحدد  شفافيتها  بطرح هيكليتها على وسائل الاعلام  اما عملياتها المغطاة فتبقى غوستابية .

 

جهاز المخابرات العراقية ماقبل 2003

تعتبر المخابرات العراقية ماقبل 2003  احدى اجهزة المخابرات الاقوى في المنطقة العربية ودول العالم الثالث وكان المراقبون يصفوها بانها المنافسة الى المخابرات المصرية بحكم تماس المخابرات المصرية مع الموساد، وقد تدرب ضباط المخابرات العراقية اكاديميا  على ايدي خبراء من كوبا ويوغسلافيا والكي جي بي وغيرها من الدول واكتسب ضباطها الخبرات ليتحولوا  اكاديميا الى مدرسة  استخبارية .

كان مبنى جهاز المخابرات العراقية  وسط بغداد /  المنصور قد تم تصميمه على غرار مبنى لانغلي / مقر السي اي اية  وكان نصب الجهاز مدخل مبنى المكتب الخاص يمثل العين التي تراقب العالم باكمله.

 يقوم المبنى الرئيسي على  ثلاث مباني رئيسية من ثلاث طوابق وترتبط مع  بعضها بممرات .

 حركة الضباط داخل المبنى والغرف  مقيدة ضمن اجرائات امنية مشددة وفق باجات لضمان سلامة امن المعلومات، لذلك لم يشهد جهاز المخابرات حالات اختراق او تجنيد سلبي حتى داخل شبكات عمله في الخارج الا ما ندر بل كان ينفذ  عمليات تماس/ اي عمليات تعرضية  مع بعض اجهزة المخابرات ومنها وكالة الاستخبارات الاميركية، استخباريا لا يتمكن اي جهاز القيام بحالات التماس ان لم يكن واثقا من قدراته البشرية والفنية لما مثل هذه العمليات من مخاطر  .

شهدت الدبلوماسية العراقية  لجوء عدد من موظفيها  للغرب بعد انتهاء اعمالهم لكن جهاز المخابرات/ الخدمة الخارجية لم يعاني من حالات  اللجوء الى الغرب الا بعدد الاصابع ابرزها في نيودلهي واثينا في ظل ظروف الحصار عام 1990 .

 

مهام جهاز المخابرات

كان جهاز المخابرات  يعمل على حماية الامن الوطني العراقي ومواطنيه  في الداخل والخارج ويتحدد بنظام معلومات و صلاحيات عمل مثبته  وفق القانون، اما الاهداف فقد كانت هنالك خطة يتم الاعداد لها مسبقا قبل سنة تحدد فيها الصلاحيات والميزانية والسقف الزمني وعلى ضوئها يتم تقييم نجاح او فشل الضابط ، ولا تصبح  الخطة نافذة الا بعد المصادقة عليها من قبل المركز .

وبعيدا عن النظام السياسي السابق فقد كان جهاز المخابرات العراقية يقوم على منظومة عمل استخبارية  منسقة  ابرزها  مكافحة التجسس والخدمة الخارجية .

وباعترافات وكالة المخابرات المركزية المصنفة  عام 1990 بانها لم تملك المعلومات الكافية عن العراق انذاك لشن حملتها العسكرية لصعوبة الحصول على مصادر من داخل العراق، وقد اكدت ذلك عميلة الاستخبارت الاميركية فاليرا ولسن المسؤولة عن ملف اسلحة العراق الكيمياوية وفرق التفتيش عندما قالت "لم نستطيع تجنيد اي مصدر داخل المؤسسات الحكومية العراقية وخاصة منظومة التصنيع العسكري رغم الزيارات المتعددة لفرق التفتيش "

 

ارشيف جهاز المخابرات

ان ارشيف المخابرات يعتبر ارث وطني تحرص عليه الدول ويكون موضع للدراسة والبحث وتعتبر الموساد احدى ابرز دول العالم التي تحتفظ بارشيفها وتفتخر به باعتباره ارث وطني  وكذلك دولة الكويت التي استعادت ارشيفها من العراق بعد عام 2003 .

جهاز المخابرات العراقي السابق تقع مسؤولية حفظ ارشيفه  ضمن مديرية المعلومات والقيود / شعبة المايكروفلم،  والارشيف الاستخباري لايعني الارشيف الاداري الاعتيادي الذي يقع ضمن مسؤولية الشؤون الادارية الاعتيادية والمعني بادارة الاشخاص والمنشات .

تكتسب المخابرات  التقنية قبل بقية مؤسسات الدولة الاخرى  وهكذا اعتمد جهاز المخابرات الاساليب المتقدمة  بارشفة معلوماته على شكل مايكرو فلم بدلا من اعتماد الملفات الورقية منتصف الثمانينات ثم تحويله  على الحاسبة الالكترونية وترميزها  مطلع التسعينيات  .

لقد تعرض جهاز المخابرات العراقي ماقبل 2003 الى سلسلة ضربات  جوية ابرزها عام  1991 /عملية عاصفة الصحراء واعقبتها عدة ضربات منها عام 1994 و1998 وكانت مؤثرة جدا لتحول اغلب مباني الجهاز الى ركام ،  لذلك حرص الجهاز على نقل ارشيفه والملفات الهامة الى المواقع البديلة  .

 

ارشيف المخابرات مابعد 2003

لقد شهد ارشيف جهاز المخابرات  العراقية سرقة مبيته  مع اجتياح  القوات الاميركية لبغداد  وفي حديث لي مع  شهود عيان في  بغدا د عام 2003 اكدوا فيها، بان احدى الكتل السياسية الكبيرة المؤثرة بالعملية السياسية كانت متورطة بنقل الارشيف واضافوا بان تلك الكتلة كانت تعرف مسبقا المواقع البديلة للمخابرات العراقية وهي بناية الرافدين الاولى و الثانية في  ضاحية المنصور حيث كانت هنالك شاحنات طويلة تقوم بنقل الارشيف .

 

دوافع سرقة ارشيف المخابرات

ان سرقة ارشيف المخابرات لم تكم خطوة عشوائية ابدا وهنالك عدة دوافع  منها :

  • عدم كشف تورط بعض  اسماء الساسة  العراقيين في المعارضة  انذاك  بتعاملهم مع المخابرات العراقية ماقبل 2003  وطمطمة الحقائق .
  • كشف مصادر معلومات المخابرات العراقية في بعض الدول وخاصة ايران، لان جهاز المخابرات العراقية السابق كان يمتلك نشاط واسع لشبكة عملاء في ايران   .
  • استهداف وتصفية بعض ضباط ومنتسبي المخابرات  بدلالة عناوين السكن والمعلومات الشخصية وهذا ماحدث فعلا مباشرة بعد سقوط بغداد وخاصة  من الضباط العاملين في مديرية ايران . 

ادارة بريمر تستثمر خبرات جهاز المخابرات السابق

لقد استثمرت ادارة بريمر معلومات وخبرات وامكانيات ضباط جهاز المخابرات السابق / ماقبل 2003 باستدعاء البعض منهم وتبين فيما بعد بان الهدف هو محاولة اميركا  استعادة شبكة  مصادر المخابرات العراقية داخل ايران، هذه الحقيقة  تبين من خلال شهادات بعض ضباط المخابرات العراقية لي مباشرة بعد ان وجدوا انفسهم مجرد ضباط جمع معلومات ليس اكثر، ولا يوجد لديهم اي قرار وان ملفات القضايا المهمة التي تصعد الى مسؤوليهم لا تعود اليهم وفق السياق الاستخباري المعهود وهذا يعني ان ملفات القضايا الاستخبارية كانت ترحل الى جهة اخرى وهي الادارة الاميركية . هذه الخطوه فسرها بعض الضباط المخضرمين بانها  اهانة لمهنيتهم وتقليل من شانهم مما دفعهم الى الاستقالة .

 

نقل ارشيف الحكومة العراقية الى اميركا

لقد تناقلت وسائل الاعلام نقلا عن مسوليين في الحكومة  خبر نقل ارشيف المؤسسات  العراقية الى الولايات المتحدة لغرض صيانته ولكن رغم الانسحاب الاميركي مازال العراق لايملك ارشيف مخابراته ولا مؤسساته الحكومية الاخرى .

  

ارشيف مخابرات المانيا الشرقية

 كان جهاز المخابرات السرية لجمهورية ألمانيا الشرقية السابقة  يصنف ضمن أفضل أجهزة المخابرات في العالم تنظيما، ورغم مرور اكثر من اثنا وعشرون عاما على سقوط  جدار برلين  وحل جهاز مخابراتها  (شتازي) مازال  هنالك اهتماما باسرارهذا الجهاز .

و هنالك قانون  تحت اسم  وثائق شتازي ينظم عملية التعامل مع إرث هذا الجهاز .

وهناك مشروع  لإعادة تجميع الملفات الممزقة لجهاز (شتازي) بمساعدة  الكمبيوتر، حيث سيتم إعادة تجميع قصاصات الأوراق الموجودة في 400 كيس وانه  من المتوقع أن يكشف هذا الارشيف عمل جهاز شتازي الذي بات غامضا لحد الان ويستقطب اهتمام الالمان خاصة من جيل الشباب .

 يبقى ارشيف اجهزة المخابرات ارث وطني تفتخر فيه الشعوب، مهما اختلفت الانظمة السياسة .

  

كاتب في قضايا الارهاب والاستخبار


العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2051 الثلاثاء 06 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم