أقلام حرة

إحتيالٌ وتزوير / امين يونس

وهوعبارة عن طابقٍ أرضي أو سرداب، تحت بنايةٍ سَكَنية .. حيث تأتي سيارات مُحّمَلة بِرُز الحِصة التموينية، مثلاً، وهومُعبأ بأكياس ذات خمسين كيلوغرام، ومن النوعيات الرديئة .. فيتم تفريغه في " المعمَل " وتعبئته في أكياس اُخرى ذات علامات تجارية معروفة، من قبيل الديك وغيرها .. وكذلك نفس الحالة مع الشاي والعدس والفاصوليا والكثير من المواد الغذائية، بل حتى المُنتهية الصلاحية منها، والغير معروفة المنشأ أيضاً . أي بإختصار، ان ما يُسمى ب (المعمل)، هو في الحقيقة، مُستَودَع للعبوات الفارغة من أكياس مُختلفة الأحجام والانواع، مكتوبٌ عليها بِدقة نفس كلمات المنتوج الأصلي، وكذلك تأريخ الإنتاج وتأريخ إنتهاء المفعول، وتُخيَط الأكياس بِحِرَفية عالية .. وتذهب الى الأسواق لِتُباع على أنها، مواد أصلية، وهي في الحقيقة، من أسوأ أنواع المواد الغذائية والتي تُسّبِب ضرراً للمُستهلِك، سواء من الناحية الصحية او الإقتصادية . وللأسف، لم يكشف الإعلام الرسمي، تفاصيل كافية عن هذه الفضيحة، ولا تداعياتها على السوق المحلي، ولا الكشف عن أسماء المتورطين وإحالتهم على القضاء علناً، ليكونوا عبرةً لِمَنْ يعتبِر !.

- كنتُ في السابِق، مُدّخِناً شَرِهاً ... وأعرف انواع السكائر وأدركُ مدى الضَرر الذي تُسّبِبه، وأتفهم لِما تقوم بلدان العالم المُختلفة، بِسَن قوانين صارمة تَحُد من التدخين، ومن الأمور التي تلجأ إليها، هي الضرائب المُرتفعة التي تفرضها، على صناعة وعلى إستيراد السكائر  . ولا اعتقد انه توجد دولةٌ في الدُنيا، تتوفر فيها أنواع السكائر الرخيصة جداً، مثل أقليم كردستان ! . فهنالك باكيت " من ماركات مُختلفة " يحتوي على عشرين سيكارة، سعره بالمُفرد 500 دينار عراقي، وإذا إشتريت كلوص أو عشرة باكيتات، فسعره 3500 دينار، أي ان كُل أربعة باكيتات من هذه السكائر، تُكّلف دولاراً واحداً فقط !. فنحنُ هنا، بدلاً من فَرض ضريبة معقولة على السكائر، لِرفع سعرها وجعل ذلك أحد الأسباب لترك او التقليل من التدخين .. فأننا تركنا الحبل على الغارب، لإنتاج السكائر محلياً، من دون مراقبة ولا مُتابعة، ولا احد يعرف، ماهو هذا " التبغ " الذي يُعبأ، وما هي مواصفاته، ومدى ملائمته للإستهلاك البشري، والأضرار الناتجة عنه ؟! ان التزوير جارٍ على مَلف السكائر هنا منذ سنين طويلة . الأمر أعلاه ينطبق تماماً عل المشروبات الكحوليةِ بأنواعها . ان أسعار هذه البضائع، مُتدنية كثيراً مُقارنة مع أسعارها في البلدان القريبة، والدليل على ذلك، ان هذه المُنتجات البالغة الرداءة، عدا عن أنها تُستَهلَك هنا، فانها تُهّرَب الى دول الجوار ولاسيما إيران .

- أتعجبُ من دولةٍ عملاقة، بِحجم الصين، التي تُنافِس اليوم الغرب عموماً، ومُرّشحة ان تصبح الاقوى إقتصادياً بعد سنواتٍ قليلة .. اتعّجبُ من سماحها لمصانعها، أن تنتج بضائع ( رديئة ) وبأسعارٍ بخسة، حسب طلبات تُجار، سواء من العراق او غيره ؟!. فإذا كانَ التاجر، او [ الفاجِر ] في الحقيقة، من أقليم كردستان، يرتضي لنفسه، ان يجلب بضائع مُتنوعة، شديدة الرداءة، ليبيعها هنا، ويخدع المستهلك .. فكيف ترتضي الصين، التي تغزو بضائعها أسواق الولايات المتحدة وأوروبا، الصين التي ترسل شهرياً أقماراً صناعية الى الفضاء .. كيف ترتضي ان تُمّرَغ سُمعَتها الصناعية في الطين، هُنا .. مِن اجل بضعة صفقات سخيفة مع تُجارٍ جشعين مُنافقين ؟!

- كُل البضائع الإستهلاكية والمواد الغذائية، الرديئة، الموجودة في السوق المحلي، من ناحية ... و [ الأدوية ] المغشوشة .. من ناحيةٍ اُخرى .. فأنكَ إّذا إشتريتَ مصباحاً أي " كلوب " صيني رخيص، فإشتغلَ يومَين ثم إحترق .. فأن الضرَر الناتج، محدود .. لكنكَ لو إستخدمتَ " دواءاً " غير فّعال أو مُنتهي الصلاحية، فأن الخطر، مُضاعَف وله علاقة مُباشرة بحياة الإنسان . ومن الشائع جداً .. هنا .. ان يقول لك الصيدلي، ان الدواء الفلاني، بألف دينار، أي أقل من دولار واحد، ونفس الدواء من منشأ رصين بعشرة آلاف ! .. ومن الطبيعي، ان غالبية المرضى عندنا، لايملكون المال الكافي لشراء الدواء الغالي، فيضطرون الى إستخدام الرخيص حتى لو كان قليل، بل احياناً .. عديم الفعالية ! . ان التزوير والتحايل، في قطاع الادوية، مُنتشِر على نطاقٍ واسع، للأسف الشديد .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2056 الأحد 11 / 03 / 2012)

......................................

صحيح ... لدينا جهات " رقابية " من الناحية [الشكلية] .. لكنها لاتقوم بعملها، على نحوٍ مُرضٍ .. ولا تُتابع ولا تفحص ولا تقيس، ولا تُحاسِب ولا تُقاضي المُقّصِر .. وان " حماية المُستهلِك " مُجّرَد عِبارة فارغة من المعنى .

في المثقف اليوم