أقلام حرة

البطالة / ابراهيم الجبوري

ويعتبر مفهوم البطالة من المفاهيم التي أخذت أهمية كبرى في المجتمعات المعاصرة من البحث والتحليل، لذا استحوذ موضوع البطالة بشكل رئيسي على عناية أصحاب القرارات السياسية، وكذلك على اهتمام الباحثين الاجتماعيين أو الاقتصاديين، بوصفه موضوعاً يفرض نفسيه بشكل دائم وملح على الساحة الدولية، لهذا لا تكاد تصدر دورة علمية متخصصة ذات علاقة بعلم الاقتصاد والاجتماع والجريمة إلا وتتعرض لموضوع البطالة .

 

حجم البطالة ونسبتها:

إن نسبة القوى العاملة في العراق هي من النسب المتواضعة مقارنة مع الدول المتقدمة التي تتراوح فيها نسبة القوى العاملة 50% من مجمل السكان، بينما في العراق لا تتجاوز 30% من مجمل السكان . أثر البطالة على الشباب والمجتمع العراقي

 

1- الجانب النفسي:

تؤدي حالة البطالة عند الشباب إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية، فمثلاً يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة، مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية لديهم، كما أنهم يتعرضون للضغوط النفسية أكثر من غيرهم بسبب معاناتهم من الضائقة المالية التي تنتج عن البطالة .

 

2- الجانب الأمني

تشير الدراسات أن هناك علاقة بين البطالة والجريمة، فكلما زادت نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة، ومن أهم ما ورد في تلك الدراسات :

أ‌- تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكوم عليهم بسبب السرقة 27% من باقي السجناء المحكوم عليهم لنفس السبب

ب‌- كلما ازدادت نسبة البطالة، ازدادت جرائم [القتل - الاغتصاب - السطو - الإيذاء] حيث أكدت دراسة عالمية أن ارتفاع البطالة بنسبة 1% يؤدي إلى ارتفاع نسبة جرائم القتل بـ 6%، وجرائم العنف بنسبة .4% .

 

3- الجانب الاقتصادي:

الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أو ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع، وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي

 

البطالة المقنعة:

إن أبشع أنواع البطالة وأكثرها حدة في الدولة المتخلفة، وتعرف بأنها مقدار قوة العمل التي لا تعمل بشكل فعلي في النشاط المنتج، ويمكن أن نرى ضمن إطار البطالة المقنعة ثلاث نماذج مختلفة وهي :

1- شباب دخلوا مجالات عملهم غير راغبين بها، بل مجبرين وذلك بسبب ضيق مساحة الاختيار أمامهم، خصوصاً في ظل سياسة معدلات القبول الجامعي من جهة، والنظرة الاجتماعية المغالطة لبعض الاختصاصات من جهة ثانية، ومثال خريجون جامعات التحقو الى صنف الشرطة والجيش لعدم وجود فرص عمل لهم ضمن اختصاصهم

2- شباب أجبروا على القيام بأعمال ليست من اختصاصهم لعدم وجود حاجة لاختصاصاتهم، مثل خريجي التربية وهم يمارسون أعمال مالية أو حسابية .او خريج قانون يمارس اعمال كاتب اداري واخر يمارس عمل سائق

3- شباب دخلوا ميدان أعمال تتوافق مع اختصاصاتهم، لكنهم لا يقومون بأعمالهم على أكمل وجه والسبب هو الفراغ التربوي وعدم والولاء لوظيفتة وقلة الدورات والمحاضرات التطويرية، وهو أخطر الأنواع وأكثرها انتشاراً في القطاعات الإنتاجية العامة في العراق

فإذا كانت البطالة المقنعة هي السبب الرئيسي في تدني الإنتاجية، فهي أيضاً تستنزف قسماً كبيراً من الموارد المالية دون أن تنتج حيث تحول العمل ليس كمقابل للأجر المقبوض لكنها وسيلة سهلة له، مما يساعد بشكل خطير على تراكم الموظفين العاملين والمقنعين لدى الدوائر العامة والحكومية

 

ابراهيم ثلج الجبوري

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2060 الخميس 15 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم