أقلام حرة

انجيلينا جولي تتبنى طفلة عراقية !

بيت طفلة عراقية من المهجرين الذين تقدر الأم المتحدة عددهم بـ 4 مليون لاجئ  فروا من العراق منذ سقوط نظامه السابق عام 2003 .

إنجيلينا زارت يوم الجمعة الماضي المصادف 3-6-2009 للمرة الثانية خلال سنتين برفقة صديقها براد بيد اللاجئين العراقيين في سوريا وحثت العالم على عدم نسيان وتجاهل هؤلاء الذين لا يستطيعون العودة لديارهم بسبب الصدمة المرعبة التي واجهوها في العراق، حيث على الرغم من عودة الكثير من العوائل العراقية من سوريا وغيرها من الدول المجاورة اثر تحسن الأمن النسبي الذي طرأ في العراق إلا أن اغلب المهجرين لم يستطيعوا أو لم يرغبوا  بالرجوع إلى العراق بسبب ما حدث لهم في العراق والوضع المبهم للانتخابات القادمة والخروقات الأمنية التي تحدث فضلا عن الافتقار للخدمات الأساسية.. لذلك فأنهم بحاجة دائما لاستمرار جهود الدعم من قبل المجتمع الدولي كما قالت انجيلينا.

صحيفة ميل اون لاين كتبت مانشيتا عريضا:

"هل تتجه انجيلينا جولي لتبني طفلا سابعا؟ انجيلينا جولي تغذي الشائعات التي تحدث عن تبنيها طفلا!".

الصحيفة استندت في ذلك الى صورة شوهدت من خلالها انجيلينا وهي جالسة لمدة ساعة في بيت لمهجرة عراقية في سوريا بقرب طفلة صغيرة، ماسكة بيديها والدموع تكاد تنزل من عينيها، ويستذكر مراسل الديلي سندي ما نُقل في بداية هذه السنة عن انجيلينا حينما قالت " نحن وبراد نحب الأطفال ونحن نريد عائلة كبيرة ولهذا لا نقول لا أبدا؟ في أشارة لرغبتها بتبني أطفال آخرين مستقبلا!

الخبر ربما يبدو غريبا ويدعو للتأمل والقراءة استنادا إلى معايير الخبر الصحفي الذي يجعل من عنصر الغرابة مادة أساسية لالتهام الخبر الصحفي ومعرفة مكنوناته والغوص في أعماقه ، وهو يفجر سؤالاً كبيراً يقول :

 ما هي ردة فعل السياسيين العراقيين والحكومة إذا ما أقدمت انجيلينا على تبني هذه الطفلة العراقية؟

ومالذي سيقوله الشارع العراقي إزاء هذا الموقف؟

الشارع العراقي سيعتبر هذه القضية أهانه موجهة للعراق وحكومته حينما يرى أطفال العراق يصل بهم الحال والوضع المزري إلى أن يقوم "الغربة" ليس "بالصرف" عليهم فقط بل يقومون ، وهذه المصيبة، بتبنيهم وهي دلالة قوية ورسالة جلية على تقصير حكومي واضح، وربما يصفه آخرون بالفاضح ، في معالجة ملف المهجرين العراقيين في الخارج وخصوصا في سوريا التي تقول الأمم المتحدة انه  215 ألف منهم فقط مسجل لدينا وهم الذين توزع لهم بعض المواد الغذائية والأموال القليلة .

مشكلة المهجرين العراقيين في سوريا يمكن لها أن تُحل أذا اجتثت الحكومة العراقية الفساد الغارقة فيه بعض مؤسساتها  حتى النخاع ، فالكثير من الأموال المهربة إلى الخارج أو التي تمتصها جيوب الداخل، يمكن أن تساهم بشكل كبير بمساعدة الأسرة العراقية التي تعاني من فقر مدقع لا يشكل إلا عارا في وجه كل سياسي عراقي فاسد يسرق من المال العام ويشتري بالآلاف الدولارات القصور والشركات في خارج العراق بينما هنالك عراقية أرملة تعيش في بيت كالقبر في  سوريا لا تملك عشاءاً لأطفالها اليتامى ثمنه ثلاثة أو أربعة دولارات؟

الحملات الانتخابية سوف تبدأ ...والأحزاب السياسية في العراق تتهيأ للتحضير من أجل تلميع صورتها وتبييض وجهها وحث الناخب على التصويت لها ولبرامجها التي توعده فيها بالجنان الدنيوية والتقدم والأمن والأعمار والازدهار ...وذلك عبر الدعايات والإعلانات والبوسترات والملصقات التي تكلفها ملايين الدولارات بينما هنالك مهجرين  في سوريا وغيرها لا يملكون دولارا واحدا ويعيشون على "حسنات " الخيرين والأمم المتحدة !

كيف يضع حزب سياسي في الحكومة العراقية ميزانية مهولة لحملته الانتخابية ويتناسى وضعية هؤلاء المهجرين وأطفالهم الذين بدأ الآخرون يحنون عليهم ويسعون من اجل

 تبنيهم سواء كانت هذه الشائعة حقيقة أم كذب !      

أي عار هذا يمكن أن يلحق بهؤلاء الغاطسين في الفساد والرشاوى والاختلاس والمزايدات السياسية وهم يسمعون أشاعة انجيلينا جولي المتعلقة بتبني طفلة عراقية لتنتشلها من واقعها المزري الاجتماعي والاقتصادي والخدماتي ؟

 

مهند حبيب السماوي

رئيس مشروع وزارة السلام العالمي في العراق

[email protected]

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1191 الخميس 08/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم