أقلام حرة

الشبوط يصارع حيتان الشبكة / اقبال المؤمن

ايضا في كافة الميادين والمشاهد الحياتية، لذا نجد شذرات الامل والتفائل تدب في نفوس الطيبين لاعادة بناء واحياء امجاد العراق . ومن اولويات اعادة بناء العراق هي الارتكاز على اعمدة المشهد الثقافي لانه يرسم الخطوط العريضه لمبدء الديمقراطية وبناء الانسان بأحياء النفوس الخيرة بعد ما اصابها الياس بسيطرة اناس لا ينتمون للثقافة بشئ ناهيك عن هجرة العقول والمفكرين من العراق حينما كان يلاحقهم النظام الدكتاتوري الصدامي انذاك والتصفيات العشوائية التي طالت الكثيرين منهم في فترة الطائفية المفتعلة ولكن كون جذور الثقافة العراقية لها تاريخ يمتد من قبل بدء التاريخ الميلادي بألف وسبعمائة عاما هذا يعني ان جذورنا الثقافية متاصلة ولايمكن قلعها مهما حاول اعداء العراق قطعها او سحقها لذا نرى اليوم محاولات فردية او جماعية لصحوة فكرية يشنها المثقف العراقي ضد كل ماهو دخيل او متشرذم اوغريب على المشهد الثقافي . 
بعد سقوط الطاغية وانتهاء شموليه الحزب الواحد والفكر الواحد والقائد الاوحد . بالاضافة للتطور المهول الذي حصل في عالم الاعلام والاتصالات والثورة الانترنيتة والعولمة في كل الميادين وكوننا جزءا لا يتجزء من هذا العالم المترامي طال العراق هذا الانفجار الثقافي واثر في مشهده الاعلامي الامر الذي فتحت الابواب على مصراعيها لهذا الطوفان الفكري فتنوعت الوسائل الاعلامية والفنية فنرى اليوم عشرات القنوات الفضائية ومئات الصحف اليومية والموجات الاذاعية المؤدلجة منها والربحية، الغثة منها والسمينة وبكل الوانها الصفراء والحمراء والرمادية وبكل الرؤى القدرية منها والفلسفية بابعادها المعقولة وغير المعقولة ولكون الشعب العراقي تربى ولعقود على مبدء فكر الحزب الحاكم فقط اصابتة صدمة ثقافية للوهله الاولى فمنهم من رفض هذا المشهد بكل قوته ومنهم من تجاوب معه بكل سلبياته وايجابياته ومنهم من انتقى ما انتقى استنادا لخلفيات ثقافية متنوعة . فلتغييرالجذري الذي حدث بالعراق جاء بمؤسسة اعلامية جديدة في التبعية والتشكيلة والفكر ايضا الا وهي شبكة الاعلام العراقي المتمثلة بالقانون 66 الخاص بتاسيس الهيئة العراقية العامة لخدمات البث والارسال
فترأس شبكة الاعلام العراقي ولفترة امتدت من 2003 الى اكتوبر 2011 اناس بعيدين كل البعد عن عالم الاعلام والمشهد الثقافي الجديد فتخبط من تخبط واصاب من اصاب وانهزم من انهزم الامر الذي طال هذه المؤسسة الكثير من التخلف والتصدع والتأخر والتشرذم والانقسامات فأبتعد المتلقي عنها وشكك بنواياها . لكن بألتفاتة اعتبرها صحوة ثقافية جاءت بالرجل المناسب في المكان المناسب وبشهادة اغلب اهل الاعلام في المؤسسة ليأخذ بيدها فدبت في اوصالها وجسدها حركة فكرية لتنعش روحها وتعيد نبضها لتعيش من جديد بعدما اشرفت على الممات فهي البداية أذن ليبدء العد التنازلي للارتقاء بالمشهد الثقافي العراقي .أذن من هو صاحب هذه العصى السحرية...
بغض النظر عن الترشيح والانتخاب والاختيار الاداري الحكومي لصاحب هذا المنصب اود ان تكون لي طريقة قياسية في التقيم بعيدة عن الحسابات السياسية والحزبية الضيقة وانما مستندة على اولا :
في عالمنا اليوم ونظرا للتطور الالكتروني والانفجار المعلوماتي اذا اردت ان تعرف معلومة ما او تتعرف على شخصية عامة لتقيمها لاحقا تلتمس العملاق كوكل فيجود لك بما في جعبته عن اي سؤال تطرحه لتنهال عليك الاجابات من كل حدب وصوب وما عليك الا ان تنتقي ولكن بضمير حي وفطرة سليمة وذكاء متميز و ثقافة فكرية لاباس بها لتقرء ما بين السطور لتصدر الحكم ولو افتراضيا !! وهو اضعف الايمان .
ثانيا :من خلال المعرفة الشخصية كأن تكون من خلال العمل او السفر او موقفا ما حدث لك معه تحدد به من تريد تقيمة سلبا او ايجابا اي المسألة ترتبط بتجربة ما تخوضها مع الشخص المعني وهو تقيم ضيق محصور في ذاتية المقيم واحكام خاصة لا يجوز تعميمها بكل حالا من الاحوال .
ثالثا : تقيم عام شامل عن طريق الاسئلة و الاستفسارات و الانجازات والمتابعة ويمكن ان تكون عشوائية او منظمة لمعرفة مواقف وخدمات و مبادئ من تريد تقيمه وهنا تكون الغلبة للايجابيات طبعا وما قدمه الشخص المعني للصالح العام وتعد من اهم المقايسس في التقيم .
رابعا : وهو الاهم في تقيمنا الا وهو اسلوب النهوض بالمشهد الثقافي العراقي بمهنية ونوعية عالية في العمل باعتماد الاسس والثوابت القياسية في علم وفن الادارة مؤطرة بفن هندسة البشر و متوجة بالصفة الاعلامية البحتة المواكبة للتطور التكنلوجي والالكتروني .اي القيادة النوعية بروح اعلامية لصالح الارتقاء بالمشهد الثقافي العراقي.
وعلية واستنادا لما ذكرت سيكون تقيمنا لصاحب العصى السحريه في رمرمت ما تشرذم من الاعلام العراقي والاخذ به الى بر الامان ليبدء صولة كلكامش في البحث عن الخلود ببناء صرح شبكة الاعلام العرقي الا وهو السيد محمد عبد الجبار الشبوط مدير عام شبكة الاعلام العراقي حاليا .
الحقيقة كل منا له سلبياته وسبحانه ذكرها في كتابة الكريم قائلا بأنه يحب الخطائين التوابيين وكوني لا اعرف اخطاء الشبوط الشخصية ولا يهمني معرفتها اطلاقا لانني مؤمنة بمبدء ولا تزر وازرة وزر اخرى وهذا يعني ان وجدت لاتضر ولا تنفع احدا لانها سلوكيات شخصية فردية بشرية وسبحانه يمهل ولا يهمل عليها فليطمئن الجميع وحسب علمي هو انسان له من الايجابيات ما يحسد عليها .
اما على الصعيد العام وبشهادة الكترونية اعلامية كوكلية لم اجد له مثالب شخصية مهنية او اعلامية بحته وانما تهم واحكام فردية من هنا وهناك عن اناس عرفهم الشبوط او عمل معهم اما في مجال العمل او الحياة العامة فلسقت به وهذا لا يعطينا الحق بأن نضفي اخطاء الاخرين عليه بأي شكل من الاشكال لكونه تعامل مع بعثي او شخص ما عليه مؤشرا سلبيا لانه لا يملك اي صفة قضاية او الاهية ولا يجوز له ايضا ان يكون طرفا فيها لان من المفترض ان نقبل الناس كما هم عليه لا كما نريد نحن وهناك قنوات متعددة هي من لها الحق والسلطة في القصاص من كل مذنب، مثلا كون المدير الفلاني سارقا او الموظف العلاني مرتشيا او الامين زميل العمل فاسدا هذا لا يعني من يتعامل معهم في مجال العمل بالضرورة ان يحمل نفس الصفة فالادعاءات والتسقيط والشهير أنا ارفضها جملية وتفصيلا والصادق من يقدم الدليل القاطع ويواجه المسئ بكل جرءة .فالاعلام الالكتروني أذن والحمد لله لم يدين الشبوط اطلاقا وهذه شهادة كوكلية ثانية نشيد بها .
ولهذا سيكون تقيمنا للشبوط استنادا للمهنية الادارية والاعلامية و المنجزات التي يقدمها لشبكة الاعلام بصورة خاصة والمشهد الثقافي بصورة عامة ليس الا، لنرى هل بأمكانه ترويض الحيتان و استنفار جانبها الايجابي للصالح العام والنهوض بالجانب الثقافي ام الحيتان ستبتلعه !!!!.
الشبوط لم يمض على توليه المنصب اكثر من اربعة اشهر فقط لمسنا من خلالها ردود افعال ايجابية من الاغلبية العظمى لمنتسبي الشبكة .لان الشبوط بدء أدارته للشبكة مستندا على مبدء الجزرة و العصى ان صح التعبير بدئها اولا بالجزرة فتحسنت الرواتب والاجور وتنفس الكل الصعداء ومن ثم بدء بتطبيق مبدء العصى بالمحاسبة و التقيم المهني وبأسلوب هادئ ورصين معتمدا على الخبرة في المجال الاداري والمهني وبمواكبة عصرية ملمة بالتطور التكنلوجي والالكتروني . 
لذا ومن خلال هذا المنبر نلتمس منه ان يمضي قدما وابعد بقليل في ربط الاعلام الداخلي بالاعلام الخارجي و بالنهوض فعليا به من خلال الاهتمام بالاعلام الالكتروني بدءا بموقع شبكة الاعلام وانتهاءا بتهيئة كادر يفقه بمكامن الاعلام الالكتروني ليكون نافذة العراق المشرقة على العالم وحسب علمي انه مهتما جدا بهذا الجانب وصرح علنا مرارا وتكرارا بأنه يريد ان ينقل واقع الثقافة العراقية بهذا الصرح المبجل من القرن العشرين الى الواحد والعشرين فعالم الانترنيت اليوم هو لغة العصر وعمودها الفقري في نشر الثقافة وتقريب وجهات النظر في دخل العراق وخارجة و بين اطياف الشعب العراقي .
فالشبوط أذن بدايته موفقة ومبدءه جوهري في التعامل الاداري والمهني وبشهادة من تعامل معه فهو صاحب كلمة ودقيق في مواعيده وتعهداته ووراث لرصيد حافل في الادارة والمهنية الصحفية ونأمل ان تطلق يداه في بناء الشبكة فيعتمد الكادر المهني بدون أملاءات محاصصاتية ولا ضغوطات حزبية ولو تكون نسبية وانما بالاختيار واعتماد مبدء الكفاءة لان العراق لازال يفتقر لرؤية فلسفية اعلامية واضحة ولايزال ايضا محاصرا بالفكر الشمولي التعصبي من هنا وهناك و الذي بامكانه ان يطيح بالعملية السياسية ومبدءها الديمقراطية برمته.
فالشبوط شخصية اعلامية واثقة من ملكاتها عصامية وليس عظامية غير متسرعة باتخاذ قراراتها الا انها لا ترحم لو اتخذتها وعلى مبدء احذر الحليم لو غضب .ادارته للامور تشاورية ديمقراطية لا تخلو من المركزية .
علما انني لم اكتبت هذا المقال ولم اصدر تقيمي او حكمي علية الا بعد متابعة جادة لما حققة الشبوط فعليلا في شبكة الاعلام العراقي وعن كثب مضافا اليها اراء منتسبي الشبكة الا أن لازال الكثير امام الشبوط ليفعله لتنقية الاجواء وابعاد كل من يعمل على عرقلة العمل الاعلامي النزيهه مثل الادارة الكلاسيكية والروتين القاتل والتقاليد الاعلامية البائسة التى لا تواكب العصر والبيروقراطية التى تقتل الطموح وتشل الفكر وذلك بالاعتماد على المواهب والتحرر من سطوة الروتين والمكاتب والالتفات لمثقفي وكوادر العراق المتخصصة اعلاميا مبتدئة كانت ام عريقة لان بالعلم تبني الاوطان وبالكوادر والرموز الثقافية تتفاخر البلدان والاجيال فالسياب والرصافي والجواهري وابن خلدون و كاظم الساهر وجواد سليم وغيرهم من سفراء المشهد الثقافي العراقي بهم عرف العراق فهل يا ترى سينافسهم الشبوط في صراعه مع حيتان الشبكة وابعادهم عنها او تحيدهم من اجل بناء شبكة اعلامية تخدم المشهد العراقي وترتقي به ليصبح صرحا شامخا في بناء الانسان على مفهوم الديمقراطية باحترام الراي والرأي الاخر ليتألق المشهد الثقافي من جديد و يصبح الشبوط سفير العراق في بناء المشهد الثقافي المعاصر ام سيستسلم وتتأبطه الحيتان في نهاية المطاف وحينها سنقرء السلام على المشهد الثقافي .هذا ما ستكشف عنه الايام القادمة .

 

د أقبال المؤمن

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2064 الأثنين 19 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم