أقلام حرة

قـِــــمـة .. بَــلا اِبــتـزاز ومُفخخات / ابراهيم الجبوري

سواء بين الاحزاب السياسية لتلك البلدان او بين الدول الا قمة بغداد حيث كثر الحديث وطال ولم يقصر عنها سواء على مستوى الفساد المالي الذي طال مشاريعها او الابتزاز الذي مارسه الشركاء في الحكومة على الحكومة، او حتى عن مدى جدية وجدوى انعقادها  في العراق واصبحت امكانية انعقادها فيه لغزاً وحدثاً خاضع للمزايدات والمهاترات السياسية والخلافات الحزبية والاقليمية وحتى العربية العربية .

نعم ... ان انعقاد القمة العربية في بغداد سيعيد للعراق جزءاٌ من وضعه ومكانته الطبيعية  في العالم العربي ونحن مع ترحيبنا بكل الاشقاء العرب في قمتهم السنوية التي من المفترض ان تكون عادية في بلدهم العراق ... الا اننا وفي ظل اجواء خريف التطرف العربي وما انتجه من اصطفافات وتخدنقات جديدة ومع تصاعد حدة الصراعات بين دول المنطقة واجواء الانقسامات الحادة بينها تجاه قضايا مهمة كالبحرين وسوريا ومع بدء موجة جديدة من التدخلات الاقليمية لدول الجوار في شؤون العراق الداخلية واستمرار بقاء البند السابع من قرارات الامم المتحدة سيفًا على رقاب العراقيين مضافاً له الضغط الذي يسببه الدعم المادي واللوجستي الذي توفره بعض الاطراف لقوى الارهاب التي تعبث بالامن العراقي، اِزاء كل هذه المخاطر والتحديات نجد انفسنا امام خيارين هما انعقاد القمة في بغداد بمن حضر والقبول بالنتائج المتحصلة حتى وان كانت دون الطموح للعودة مجددا للحاضنة العربية وتحقيق بعض المكاسب لدعم العملية السياسية في العراق او فشل انعقادها وهو ما تسعى له بعض القوى الداخلية والخارجية لابقاء العراق منعزلا عن محيطه العربي وممارسة دوره الطبيعي في منظومتها وهو الخيار الذي لا نتمناه ولكننا لا نستبعده.

ان الشعب العراقي بغالبيته مع انعقاد القمة العربية ببغداد كأستحقاق طبيعي ودوري للقمم العربية ولكن على ان لايكون مشروطاً ومقروناً بسلسلة من المطالب الرخيصة والتي لا يمكن ان تندرج الا في خانة الابتزاز الرخيص سواء على صعيد القضايا الخلافية او الحدود المتنازع عليها او الديون او الارهابيين الذين عاثوا بأمن العراق والعراقيين  او القضاء وبعض المتهمين المطلوب تسليمهم اليه!!!

ان المشكلة التي نعاني منها اليوم بمرارة هي الابتزاز الداخلي الذي هو اشد وطئة وخطورة من الابتزاز الخارجي لئن الثاني لايترتب عليه سوى عدم الحضور او ضعف التمثيل في القمة وبالتالي يمكن للعراق كدولة ان يتعامل معه بالمثل مستقبلا وفق الاعراف والتقاليد الدبلوماسية، ولكن الابتزاز الداخلي اثاره اكبر واخطر لانه تحول الى مفخخات وعمليات ارهابية وتصعيد اعلامي وامني بعيد عن الروح الوطنية والحرص الوطني على الدولة العراقية والمواطن العراقي الذي اصبح الضحية الاولى في كل صراع وأزمة وخلاف سياسي.

ان الدول العربية التي تقرن مشاركتها بالقمة بشروط غير موضوعية وتمس بهيبة وسيادة العراق كدولة مستقلة وقضاء مستقل من قبيل المساومة على اطلاق سراح بعض المعتقلين بتهم الارهاب او التسوية السياسية لبعض القضايا المتعلقة بالقتل والارهاب من الواجب الاخلاقي والوطني عدم الخضوع لابتزازاتها وعدم حضورهم للقمة افضل كثيرا وأعز للحكومة من المساومة على دماء العراقيين التي ذهبت ضحية الارهاب الاعمى ولغة الموت والقتل والاغتيالات التي خاطبوا بها معظم اطياف الشعب العراقي، والمحافظة على استقلالية القضاء وكرامة الوطن وعدم الخضوع للتدخلات والضغوطات من أية جهه كانت... أسمى وأرفع وأشرف للعراق وشعبه من حضور خجول وفيه مِــنة على حكومة وشعب العراق ومبني على الابتزاز الرخيص .

أما الكتل السياسية التي بدأت تصعد من مطالبها الفئوية ومصالحها الضيقة متناسيتاً شراكتها في الحكومة والوطن فنحن لا نلومها لاننا نعلم تماماً انها بعيدة تماماً عن الشعارات والاهداف التي تطلقها ولكننا نطالبها بأن تكون اكثر حكمة وتعقل وان لا تسمح بالتدخل الخارجي في مشاكل داخلية يمكن ان تحل على اساس التوافق والمحاصصة المريضة التي ابتلينا بها كشعب مغلوب على امره بملئ ارادته لئن التدخلات الخارجية سوف لاتزيدها الا تعقيدا وتزيد من حدة الخلافات وتطورها والخاسر هو المواطن العراقي الذي كلما اشتد الخلاف والصراع السياسي بين الكتل السياسية نزف دمه الطاهر شهداء وضحايا لمفخخات وعبوات واغتيالات اصبحت عبارة عن رسائل موت جوالة في عموم مناطق الوطن .

ان الدم العراقي وحرمته اكبر من عقود نفط لم يتفق عليها او مجرم هارب يمكن للقضاء ان يثبت جرمه من براءته او منصب بالي يرضي علاوي وهي قضايا كلها اليوم اصبحت نقاط ابتزاز للحكومة من اجل عقد القمة، فما الذي سيجنيه العراق من قمة للعرب، والبعض يريد منها ان تكون بوابة ضغط للمساومة على مطالبه او ان يمنع انعقادها بالمفخخات ودماء العراقيين او مساومته على ارضه ووحدته وسيادته ؟؟؟  

 

 ابراهيم الجبوري

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2066 الاربعاء 21 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم