أقلام حرة

ماذا بَعد؟ / امين يونس

ما هو موقف رئيس الجمهورية "جلال الطالباني" من هذا الوضع؟ كيف ستتعامل المعارضة الكردستانية مع هذه المعضلة ؟ ماذا سيفعل التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي، إذا ساءتْ الامور اكثر بين الاحزاب الكردستانية وإئتلاف دولة القانون ؟ وأي من اطراف العراقية، سيؤيد الكُرد وأيها سيصطف مع المالكي ؟

- يجب الإشارة الى بضعة مؤشرات سابقة : المالكي خلال فترة حُكمهِ الأولى [كما يبدو]، قد إتفقَ مع التحالف الكردستاني (دون مُشاورة حُلفاءه ودون أخذ رأي مجلس النواب أيضاً " كما يبدو ")، على انه، إذا تأخرَ تشريع قانون النفط والغاز، فالأقليم له الحَق بعقد إتفاقات مباشرة مع الشركات الأجنبية .. وفعلاً لم يتُم إصدار ذلك القانون لِحَد الان .. وفعلاً قامتْ حكومة الاقليم، بعقد عدة صفقات مع شركات أجنبية . غير ان أحد شُركاء المالكي في التحالف الوطني، الشخصية القوية " حسين الشهرستاني "، ومنذ ان كان وزيراً للنفط في الدورة السابقة، قد كان مُعارضاً للنهج الذي بموجبه يُدار ملف النفط، في جانبه الكردستاني . وتكرس هذا الموقف، بعد ان إستلم الشهرستاني، ملف الطاقة . المالكي كما أعتقد [إضطَرَ] الى التنصُل من إتفاقه غير المُعلَن مع الكرد .. من خلال ضغط الشهرستاني عليه، ولولا ذلك الضغط لِما وصلتْ الامور الى ماوصلت اليه الان من شُبه قطيعة بين الجانبَين .

- زيارات رئيس المجلس الاعلى الاسلامي،" الذي لايحمل أي صَفة رسمية حكومية "، الى تركيا قبل أسابيع بِدعوة رسمية وإجتماعه مع أعلى المستويات التركية، وبعدها زيارته الى الموصل ولقاءاته المُطولة مع أثيل النجيفي وقائمة " عراقيون "، ثم زيارته الى اقليم كردستان .. كُلها تعطي، إنطباعاً، الى الدَور المُتزايِد لتركيا في الملف العراقي الداخلي .. وكذلك يُشير الى "القطيعة" بين المجلس الاعلى الاسلامي ودولة القانون .. لاسيما، بعد [ إنفصال ] منظمة بَدر عن المجلس الاعلى رسمياً . ومن ذيول القطيعة بين الجانبَين، محاولة دولة القانون، من خلال " شيروان الوائلي " إستجواب أمين العاصمة (صابر العيساوي) " المحسوب على المجلس الاعلى الاسلامي " وطلب إقالتهِ .. ولكن عدم إصطفاف أغلبية النواب مع الوائلي، وخصوصاً نواب التحالف الكردستاني والعراقية، أفشلَ الأمر !.

- العلاقة الشائكة، بين حزب الدعوة، والتيار الصدري، منذ 2004 ولِحد اليوم، والتي تعاني من المَد والجَزر .. أصبحتٍ اليوم على مُفترق طُرق .. فالدعوة زائداً جناح الدعوة تنظيم الداخل، مُضافاً اليهم مجموعة الشهرستاني، والكفاءات وبعض المُستقلين، وقسمٌ من حزب الفضيلة، ومنظمة بدر .. باتوا مُسيطرين فعلياً على أكثرية مفاصِل الحُكم [المُهِمة]، مثل الجيش والشرطة والمخابرات والطاقة .. وتُركَتْ بعض وزارات الخدمات للتيار الصدري، الذي إكتشفَ مؤخراً، انه لايستطيع فعل الكثير من خلالها !. ونتيجة ضغط الشارع وبقاء معظم شعارات التيار، نظرية، بدون تحويلها الى فِعلٍ ملموس .. فأعتقد ان التيار الصدري، سوف يحسم أمره أخيراً، ويخرج من التحالف الوطني [بعد ان يضمن مكاسب مُهمة من حلفاءه الجُدد ! مثل العراقية والتحالف الكردستاني] .. وليستْ الأصابع الإيرانية بعيدة عن هذا الموضوع، فإيران تُريد ان يكون لها أدوات فاعلة، في أية تحالفات جديدة على الساحة العراقية .

- قبلَ أكثر من سنةٍ ونصف، كانتْ القائمة العراقية، تقول مُخاطِبَةُ الكُرد : لاينفعكم التحالُف مع التحالف الوطني والمالكي، فمشاكلكم الرئيسية الكُبرى، أي كركوك والمناطق المتنازع عليها، كلها في مناطق نفوذ القائمة العراقية .. فمن الأجدى والانفع لكم، التحالف معنا، اي مع القائمة العراقية !. واليوم هنالك بوادر لحصول ذلك فعلاً، فالغَزَل المُتبادل، بين قائمة نينوى المتآخية، وقائمة الحدباء ولاسيما " عراقيون " أثيل النجيفي، بِمباركة ودفع من تركيا . وتليين موقف " بعض " نواب محافظة كركوك من العرب، وتحييد النواب التركمان .. مؤشرات لظهور إصطفافٍ جديد . لكن المشكلة، هي ان هنالك أطراف داخل القائمة العراقية، من أشَد مُعارضي هذا التوجُه، سواء في كركوك او نينوى او صلاح الدين وديالى . وذلك يعني، انه حتى القائمة العراقية، لن تكون بمنأى عن الإنقسامات ( إذا حدثَ فعلاً تحالفٌ بين الكُرد والعراقية ) .

- الساحة الكردستانية، ليستْ أيضاً سِمناً على عَسل، ولا العلاقات بين الاطراف السياسية خالية من المشاكل، كما اعتقد . فالبارزاني الذي يُحاول أن يُسّوِق صورة الزعيم الأكثر تمثيلاً لطموحات الشارع الكردستاني، والأصدق تعبيراً عن مايريده الشعب .. لم يكن " خطابه " في نوروز، بالمُستوى الذي [تَوّقعه] المواطن العادي، ولم يشعر الناس، ان هذا الخطاب لَبى تمنياتهم . الطالباني، الذي طالما كان في العقدين الماضيين، يتصرفُ كأنهُ ندٌ للبارزاني " وكان مُحِقاً في ذلك " .. أصبح خلال السنتَين الاخيرتَين، يشعر ان البِساط سُحِبَ من تحتِ قدميهِ، ورغم كونه رئيساً للجمهورية العراقية، إلا انه سيكون محظوظاً لو إستطاع حيازة المركز "الثاني" كردستانياً، بعد البارزاني .. حيث ان نوشيروان باتَ هو الأقرب !.

- حاولَ "نيجيرفان البارزاني" جاهداً، إقناع أي طرفٍ من أطراف المُعارضة الثلاث، الإشتراك في حكومته الجديدة .. من دون جدوى .. فالمعارضة تدرك جيداً، ان قُوتها الحالية، تكمن بالذات في كونها (مُعارَضة) .. وبِمُجرد إشتراكها في التشكيلة الحكومية،[قبلَ تنفيذ الإصلاحات الجذرية] .. فأنها ستصبح بعد فترةٍ، مثل الحزب الشيوعي الكردستاني او الحزب الاشتركي الكردستاني !. غير ان المعارضة، لاتستطيع " تجاوز " المَطالب الكردستانية، تجاه الحكومة الاتحادية في بغداد .. مثل تطبيق المادة 140 والثروات المعدنية والبيشمركة ... الخ . لكنها اي المُعارضة، تقول: "ان بقاء هذه المطالب المشروعة مُعّلَقة لِحد الان، يتحمل مسؤوليتها، ليسَ حكومة بغداد فقط، بل الحصة الاكبر من المسؤولية، تقع على عاتق، حكومة أقليم كردستان والحزبَين الحاكمَين، لتقاعسهما وإهمالهما في هذا الموضوع ! " .

- لأول مّرة، تُقام إحتفالية نوروز، بصورةٍ [لنية] في جبال قنديل، برعاية حزب العمال الكردستاني، وتنقلها المحطات الفضائية، وكذلك في مجمع مخمور .. وتُرفَع صور "عبدالله أوجلان" ويوصَف من قِبَل مؤيديه المُحتفلين ب " الرئيس " او " الزعيم " . وفي سوريا أيضاً كانتْ هنالك إحتفالات بنوروز ترفع اعلام حزب العمال وصور اوجلان، ناهيكَ عن كافة المدن الكردية في تركيا ... هنا في اقليم كردستان العراق، الذي تعم فيه إحتفالات نوروز، تُرفَع أعلام الأقليم الى جانب أعلام الأحزاب، كُلٌ في منطقة نفوذه .. لكن " صور " الزُعماء غير موجودة !.

- لا أرى، ان الأحداث الأخيرة، لها علاقة قوية، بمؤتمر القمة العربي الذي من المُزمع إنعقاده في بغداد، بعد ايام .. ففي كُل الاحوال، لن يستغرق المؤتمر أكثر من يومٍ واحد، وسيتركز على الاغلب، على تداعيات ما يُسمى الربيع العربي، والوضع في سوريا .

- إذا كانتْ هنالك حَسَنة واحدة، للتجاذُبات العنيفة الجارية اليوم، على الساحة السياسية العراقية .. فأنها رُبَما تكون : الكشف المُتبادَل لكافة الأطراف، عن [مساوئ ] الطرف الآخَر !.

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2068 الجمعة 23 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم