أقلام حرة

المَجد للحزب الشيوعي العراقي / امين يونس

رُبما منذ البواكير الاولى لتأسيس الحزب .. وليسَ هذا شيئاً إستثنائياً، ولا خاصاً بهذا الحزب فقط .. فكُل الاحزاب حول العالم، ولا سيما في الظروف المُشابهة لظروفنا .. الموضوعية منها والذاتية .. يحدث فيها ذلك . ففي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، وما تلاها من سنين لغاية ثورة 1958 .. كان الإنتماء للحزب الشيوعي، مُجازفة لاتُحمَدُ عُقباها، وتُعَرِض المرء، للمُضايقة والملاحقة والسجن، ورُبما حتى الإعدام .. كما حدثَ مع مؤسس الحزب ونُخبة من قيادييه المناضلين .. والمُلفِتْ للنظر .. انه رغم المخاطِر المُتوقَعة .. كانتْ القاعدة الجماهيرية للحزب في إتِساعٍ مُضطرِد ... أعتَقِد ان تَوّجُه الناس للإنخراط في الحزب الشيوعي العراقي في تلك المرحلة، له أسباب عديدة، منها : المصداقية والجُرأة والنزاهة التي كان يَتَسِم بها مؤسس و" معظم " قياديي وكوادر الحزب .. الوضوح والثبات في الدفاع عن مصالح الفقراء والمُعدَمين والعمال والفلاحين .. تَبّني قضايا الأقليات القومية والدينية، مثل الكُرد والتركمان والمسيحيين واليهود .. مُقارعة الإستعمار البريطاني والحكومات الرجعية المتعاقبة ...الخ .. إضافةً الى أسباب اُخرى، من قبيل : إرضاء الذات من خلال التظاهُر بالثقافة اليسارية والمعرفة العامة، من دون إيمانٍ بها .. تَصّوُر البعض ان تَقّربه للحزب يُوّفِر له إمكانية الخروج عن الأعراف والتقاليد الدينية والإجتماعية .. إستغلال آخرين، إنتماءهم للحزب، من أجل مصالح ذاتية صرفة وغايات مادية شخصية . ان هذه الفئات الإنتهازية الثلاثة .. هي التي آذتْ الحزب الشيوعي العراقي، طيلة تأريخه، رُبما أكثر من الأذية التي لَحقتْ به من أعداءه ! . هذه الفئات، هي التي تنهارُ بِكُل سهولة، في أول تجربةٍ لإختبار صلابتهم ومصداقيتهم .. وطالما " إعترفوا " على رفاقهم ودّلوا الجهات الامنية على بيوتاتهم السرية .

بعدَ ثورة تموز 1958، بدأت مرحلة [ المَد ]، حيث تَزاحَم المواطنون للإنتماء للحزب الشيوعي العراقي، بأعداد هائلة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب .. أرى ان الحزب الشيوعي، أخفقَ في التعامُل الصحيح، مع هذه الظاهرة المُستَجِدة، ولم يكن يمتلك كما يبدو، إمكانية التنظيم الأمثل لِكُل هذه الأعداد الغفيرة، وإستخدامها لمصلحة الحزب وبالتالي لصيانة الوطن والجمهورية الوليدة . ومَهما تكن الذرائع والحُجَج، فأن الحزب الشيوعي " كما اعتقد : يتحمل جزءاً هاماً من مسؤولية، ما حدثَ في 8 شباط الأسود .. بسبب تهاونه وسوء تقديره وعدم حسمه !.

اليوم .. كما أرى .. فأن الحزب الشيوعي العراقي، رغم كُل المصاعب الجّمة التي تُحيط بهِ من جميع الجوانب .. ورغم نكوص الحركة الشيوعية العالمية بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي .. ومع نهوض وسيطرة أحزاب الاسلام السياسي الرجعية المدعومة من الغرب .. ورغم عدم إمتلاك الحزب، للإمكانيات المالية وإفتقاره الى الحوافز المادية .. ورغم إبعادهِ المُتعمد من السلطة في بغداد، بل ومُحاربته بِشتى الوسائل والطُرُق ..

رغم كُل ذلك .. فأن [ نزاهة ] الغالبية العظمى من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي وأصدقاءهم .. يُؤرِق جميع الفاسدين القابضين على السُلطة في بغداد .. ونظافة يد الشيوعيين ومصداقيتهم ووطنيتهم الحَقّة.. شوكة في حناجر الإرهابيين والسُراق والناهبين . 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2077 الأحد 01 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم