أقلام حرة

حضر الأحرار وغاب الأشرار / مهدي الصافي

الظلم والاستبداد والانحراف، فكانت بحق قمة الشعوب وليست الحكام،

جاء إلى بلاد الرافدين رجال الربيع العربي الديمقراطي، واختفت تحت التراب الوجوه الكريهة المجرمة، وغاب الخائفون من عبارات الحرية والعدالة والمساواة والانتخاب، فكانت أعذارهم أقبح من تمثيلهم الرسمي الضعيف، واثبت العراق إن يده لن تكون بأيدي المتسلطين على رقاب شعوبهم، رغم إننا لانؤمن بقطرية الحدود، ولا نتردد بالوقوف إلى جانب إخواننا العرب (في سوريا البحرين السعودية وقطر الخ) .

إذا كان عذر الحكومة القطرية (المتعلق بقميص عثمان تهميش السنة) الطائفي والاستفزازي في تقليل مستوى تمثيلها في قمة بغداد، على اعتبار انه النفس الطائفي الديمقراطي المتبع من قبل حكومة الوحدة الوطنية، فنقول إن أكثر الحضور من الوفد العراقي في القمة، كانوا من إخواننا السنة (العرب والأكراد-وزير التجارة والخارجية ورئيس الجمهورية والمالية الخ.)،

ونقول أيضا ماعلاقة هذه الإشكالية مع ميثاق أو عمل أو برتوكول الجامعة العربية، أو التحضير لمواد أو بنود القمة التي عقدت تحت عيون وموافقة وزراء خارجية دولكم، ثم بماذا يفسر لنا أمير قطر استقباله للنائب الهاشمي المطلوب قضائيا، ولكن نحن نعرف الإجابة مسبقا، انه مشروع إحياء السلفية العربية الوهابية المدمرة للربيع والديمقراطيات العربية الوليدة،

وهو أخر سلاح يواجهون به تطلعات الشباب العربي الطموح، التواق للنهضة والحداثة والمعرفة الحضارية، فقد سقطت القاعدة في الوحل الإرهابي، وسيكون مصير السلفية المنحرفة عن الكتاب وسنة الرسول محمد ص مزبلة التاريخ.

هناك سؤال أخر موجه لملك المغرب والأردن حول أسباب امتناعهم عن الحضور

 (الدول المدعوة للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، والذي تطمح السعودية لتعديله وتحويله إلى اتحاد فيدرالي وهي احدى الفقرات التي وردت في اجتماعات تأسيس الجامعة العربية 1945)،

لبلد قاسى شعبه بسبب تصرفات نظامه الإجرامي البائد الأمرين، مرارة وضراوة وقساوة الحروب العبثية الداخلية والخارجية، وبشاعة الحصار الاقتصادي الدولي والإقليمي والعربي، وماتبعها من جرائم إرهابية رافقت حرب إسقاط النظام، ولازالت تدخلات هذه الأنظمة العتيقة المتعفنة في الشؤون الداخلية العراقية مستمرة بدعم فلول التكفير والانحطاط الثقافي،

ولكن الجواب على هذه المؤامرة الخبيثة التي تحاك ضد العراق (أو مايسمى بدول الهلال الشيعي)، يكون من خلال اتحاد دول الربيع العربي، وقيام شراكة ثقافية وتجارية واقتصادية وثقافية وحتى سياحية، بين حكومات وشعوب هذه البلدان، مع تقديم بعض هذه الدول المستقرة نوعا من الدعم اللوجستي والأخلاقي والثقافي للدول الحديثة العهد بالنظام الديمقراطي،

 (مع إن الدول العربية جميعها حديثة ولكن العراق قادر أن يلعب دورا تاريخيا من خلال تحركه بشكل جدي وسريع لاحتواء ودعم تلك الدول، والعمل على المساعدة الكاملة لتكملة مشوارها الديمقراطي)،

وكنا قد تحدثنا سابقا عن مجلس التعاون الإسلامي (يضم إيران وتركيا ودول الربيع العربي)،

وألان نقول إن العراق تقع عليه مسؤولية تاريخية بالتوجه إلى دول المغرب العربي (دول شمال أفريقيا)، لتقوية الأواصر وتعزيز التبادل المعرفي الشامل،

ومواجهة احتمالية عزله عربيا، في مواجهة المشروع السعودي القطري الراغب باستدراج تلك الدول إلى حظيرته الخبيثة،

الكلام يجب أن يكون واضحا وأكثر شفافية، إن المملكة العربية السعودية ومنذ أن نشرت فكر الترهيب والتكفير الوهابي، ونحن نتخبط في دائرة مغلقة، لم نستطيع أن نموضع كياننا العربي في خارطة العالم الجديد، تلاحقنا الأزمات التاريخية، وفرضيات عهد الأنوار، وأزمنة الازدهار الحضاري القديم، وثقافات قبلية وتراثيات ملغمة جاهليا، لم نتمكن الانفكاك أو التخلص منها،

ثم تعززت أزمنة الانحطاط بالسلفية الوهابية الجديدة، والمدعومة غربيا وأمريكيا، هي عملية إحياء الفكر الوهابي، الذي يراد منه أن يحطم الإرادة العربية ويكسرها ويقطع أوصالها.

إن قيادة العراق للقمة العربية لهذا العام تكفي لكي تكون ممرا لمشروع التحديث العربي الطموح، لتقوية العلاقات الأخوية المتبادلة، وتطوير الجامعة العربية نفسها (نريد أقطاب جديدة في القمة يكون لها كلمة مسموعة يواجه القطب الخليجي أو بعض دوله) .

إن غياب الأشرار أو المترددين والمشككين بتغير العالم عن القمة دليل حيوية العهد العربي الجديد، ودليل تخوف هذه الدول الرافضة لعودة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي، الحذرة من امتداد الآثار والثمار وشرارة التغيير الديمقراطي إلى بلدانها،

 (علما إن هناك دول خليجية محايدة لا تريد أن تهتم بالقضايا العربية المصيرية، لأنها تعرف إن عليها أن تصرف شيئا من حقوق الشعوب العربية لبعض الدول الفقيرة، لا إن تهدر الأموال العربية في تفاهات ونزوات أمراء البترول، هل يعقل إن اليهود في مختلف دول العالم يتبرعون بملايين الدولارات لدولة إسرائيل، بينما تتخلف وتتقاعس بعض الدول العربية الغنية عن نصرة إخوانهم في الدين والعرق وحتى المذهب، نجد إن إيران تدعم المقاومة اللبنانية، فيقولون لا تدعوا الله لنصرة المقاومة لان المال مال الشيعة، وتدعم إيران أيضا حماس فتصفر الأوجه وتنعقد الألسن ويخرج التأويل الباطل)،

لهذا بدؤها بتحريك جنود السلفية، التي كانت تأكل وتشرب في قصعة ال سعود لسنين، فصار همهم محاربة التشيع، والدفاع عن ارث معاوية والدولة الأموية، رحم الله محمد علي باشا (1807 تلقى أوامر السلطان مصطفى الرابع لمحاربة الوهابية) عندما أطاع السلطان العثماني لدحر وسحق فلول ما كانوا يعرفون أو يسمون بمكة أو نجد والحجاز بالخوارج (الوهابية)، إلا انه لم يستأصلهم ليريحنا من همهم وسخافات أتباعهم

 

مهدي الصافي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2078 الأثنين 02 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم