أقلام حرة

التعتيم الأعلامي المقصود على الإقتتال الميليشياوي المشهود / مصطفى الأدهم

حضوره كان وما زال لا يتناسب مع المستوى المطلوب مهنيا من الإعلام (العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص) لتغطيته ونقل أحداثه على الأقل كما هي "بلا حدود".. حتى وان لم يكن "في العمق".. لكن لا الخبر ولا "ما ورائه" ينقلان! فأن في الأمر "أن" وكأن وأخواتها.

البديهي في العمل الصحافي - الإعلامي هو نقل الأخبار أولا، ومن ثم تحليلها ثانيا. هذا هو الإتجاه الطبيعي. لكن يبدو أن "الإتجاه المعاكس" - للطبيعي من بديهيات العمل الصحافي - الاعلامي هو من يخط بقلم "الحبر السري" المشهد الليبي - ما يجعله مخفيا، مبهما ومشوشا للمتلقي - هذا في حال ما مكن الأخير من تلقف مفردات ذلك المشهد واحداثه. 

 

من هنا يمكن عد المشهد اللليبي / الأمني بأنه الغائب بأمتياز وعن سبق اصرار وترصد من جدول أعمال وشريط أخبار وسائل الاعلام العربية لا سيما الخليجية على وجه التحديد. وان ما "حدث في مثل هذا اليوم" وتم التطرق له، فالمدخل سيكون من باب التعاطف مع الوضع الجديد ودعمه مع التركيز على عدم الدخول في ال"نقطة الساخنة" - وهي الجانب الأمني بتفرعاته وتفاصيله وما وراء وراء اخباره وخفاياه.

 

أما السبب وراء هذا النهج الاعلامي الغريب في التفاعل غير الكامل مع المشهد الليبي في شقه الأمني هو من ضمن عدة أسباب يكمن في أن الدول العربية - الخيلجية المالكة لوسائل الإعلام من قنوات وصحف واقلام، كان لها يد في عملية اسقاط نظام الديكتاتور القذافي - الذي يستحق بلا أدنى شك السقوط - لذلك لا تريد هذه القنوات أو بالأحرى قل الحكومات أن تسلط الضوء على نقاط سلبية في ما بعد خيمة الجماهيرية، خصوصا وانها تعد العدة لإستنساخ ما بات يعرف ب"التجربة الليبية" في دول أخرى. هذا من جهة.

من جهة ثانية، فأن أغلب الميليشيات المسلحة في ليبيا اليوم - وهي الحاكم الفعلي للأرض - ترتبط بعلاقات عضوية مع عواصم هذه الدول وتتلقى الدعم السياسي، المادي، الإعلامي وربما حتى العسكري منه. والغاية هي ايصال الشريك في العقيدة السياسية أو الإيدلوجية لسدة الحكم أو اقله دورانه في فلك صناعة القرار أو التأثير في وعلى عملية صناعته وطريقة اخراجه.

 

ليبيا الجديدة وللأسف تشهد بشكل شبه يومي العديد من العمليات المسلحة من اعتداءات واقتتال داخلي تقوم بها الميليشيات والجماعات المسلحة والقبائل في الصراع على مثلث القوة المتكون من: الجغرافية (الأرض)، المال والسلاح.

لكن، هذا الاقتتال، وهذه الإعتداءات على المواطن، والخرق للقانون، بل وتجاوزه لفرض قوة الأمر الواقع في تجاهل للمجلس الوطني الإنتقالي وحكومته المؤقتة ونداءاتهما، لا يتم نقله بحجمه من قبل هذا الإعلام، هذا أن لم يتم تجاهله عن عمد. والضحية في النهاية: المواطن الليبي. 

 

على العكس من ذلك، كان هذا الإعلام وما يزال ينقل كل شاردة و واردة في المشهد العراقي لا سيما في جانبه الأمني. بل وفي عدة مناسبات تم نقل المفبركات، والأشاعات، والإكاذيب، والإسرائيليات من الروايات والصور والشهادات، و"الوثائق"، و"التحاليل" عن الوضع الأمني والعملية السياسية لا لشيء سوى الغاية الطائفية في نفس "يعقوب"هم، لتشويه سمعة العراق وصورة ديمقراطيته الوليدة، وهز الثقة بها داخليا وخارجيا، ما يسهل من شرعية محاربتها، والعمل على اسقاطها، لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. في أكبر عملية نصب واحتيال غوبلزية في التزوير الإعلامي على الإطلاق خلال العقد الماضي. 

 

أنها صورة بشعة أخرى من معرض الإعلام العربي مرسومة بريشة طائفية محترفة. 

 

مصطفى الأدهم 

01.04.2012


 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2079 الثلاثاء 03 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم