أقلام حرة

تبقى رائحة النفط .. كريهة / امين يونس

وفي إنتظار الأزمات المُتلاحقة والخَطر القادم والمُستقبَل الغامِض؟ هل نصيبنا أن نكون دائماً، على حافة الهاوية؟ ... إذا كانَ الامرُ كذلك .. فَمَن الذي [كتبَ] علينا ذلك؟ هل الله يفعل؟ أنا لا اُصّدِق مُطلقاً، ان يقوم الرَبُ الرحيم، بإختيارنا بالذات، لتعذيبنا وإقلاقنا على طول الخط ! .. فالعراق مَهد الأنبياء والرُسُل، وتنتشر فيه المساجد والجوامع والحسينيات والصوامع والكنائس والأديرة والأئمة والقساوسة وآيات الله والشيوخ والمُلتحين والمؤمنين بأنواعهم .. وكُلهم يُسّبِحون بعظمتهِ وجلاله . هل الولايات المتحدة الامريكية، تُخطط لإبقاءنا ضُعفاء، لكي تستغلنا؟ ليسَ هذا صحيحاً، فأمريكا والغرب عموما، ليسوا بحاجة الى اللف والدوران من أجل ذلك .. فالطبقة السياسية الحاكمة بِرِمتها، مُستعدة للجلوس في حُضن الماما امريكا عن طيب خاطر ! . رُبما إيران او تركيا، تُريدان ان يكون وضعنا مُضطرِباً، ونعيش في إرتباكِ دائم، ولا تُريد عراقاً مُعافى؟ .. هذه الأخرى حجةٌ غير معقولة .. فمن الطبيعي، ان أي دولة مُجاورة أو غيرها .. تبحث عن مصالحها وتحاول تحقيقها بِكافة السُبُل .. وكما لهذه البُلدان، أوراق ضغطٍ تستخدمها، من أجل إدامة المشاكل لدينا .. فنحن لدينا بالمُقابل، أدوات عديدة وفاعلة، للضغط عليهم، وإجبارهم على التفاهم والركون الى معادلة المصالح المتبادلة .

إذن .. ما هو السبب، في هذا الوضع المُزري .. فما أن تلوح في الأفُق بوادر، لِحَل أزمةٍ ما .. حتى تبرز علامات أزمةٍ اُخرى أشَد وأقوى؟! ... هدأ الوضع الأمني في بغداد نسبياً .. فجاءت قضية الهاشمي . حصلَ تقاربٌ في وجهات النظر بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم .. فكانتْ أزمة العقود النفطية مع الشركات الاجنبية . جرى التفاهُم بين الكُتل السياسية على البدء في حَل القضايا العالقة بين اربيل وبغداد .. فثارتْ مسألة حصة الأقليم ال 17%، وهل هي مُنصفة او هي أكثر من إستحقاق الكُرد؟ تَحّققَ تنسيق وتقاربٌ بين " قائمة نينوى المتآخية " الكردية، وبين " قائمة الحدباء "، لِحل المشاكل في نينوى، وكذلك في كركوك لاحقاً.. فَجُلِبَ مشعان الجبوري من سوريا، وبَرأته المحكمة في بغداد فوراً من تُهمه، ليُعلن : انه سوف يُضحي بآخر قطرة من دمائه، لكي لاتنظم كركوك الى اقليم كردستان ! .

نحنُ .. وحين أقولُ [نحنُ] .. أعني الشعب، الجماهير .. في أقليم كردستان وفي بقية العراق عموماً .. الناس العاديين الذين وثقنا بهؤلاء السياسيين الذين يقودوننا اليوم .. نُريدُ ان نعرف : الى أين يقودوننا بالضبط؟ وهذا مِن حَقِنا عليهم بالطبع .. فنحنُ مَنْ إنتخبناهُم وجعلناهم قادةً علينا .. لقد تعبنا حقيقةً من المعارك والصراعات .. لقد سئمنا من الهروب من بيوتنا ومُدننا .. نحنُ نحب وطننا كثيراً .. نُريد ان [نعيش] من أجل هذا الوطن .. لا أن نموت من أجل حفنةٍ من السياسيين ! .

........................

 

الشهرستاني والطاقم الذي يُدير ملف النفط في بغداد، ومن ورائهم المالكي وتحالفه، عليهم مئات علامات الإستفهام، وهم مسؤولون عن الفساد والهدر الكبير في واردات النفط، والعقود المشبوهة والسياسة الخاطئة وتهريب النفط، منذ 2003 ولغاية اليوم . المالكي مسؤولٌ الى حَدٍ ما، عن التلكؤ في تنفيذ المادة 140 . كُل الكتل الكبيرة الحاكمة ولاسيما تحالف المالكي، مسؤولة عن عدم تشريع قانون النفط والغاز لحد الان .

حكومة اقليم كردستان وبرلمان الاقليم ورئيس الأقليم .. مسؤولون عن الضبابية التي تَلُف مُجمل الملف النفطي في الأقليم .. والواردات الاخرى أيضاً . لماذا لاتكون جميع الأمور شّفافة، لِقَطع الطريق على الشهرستاني وغيره؟ لماذا لاتكون العقود علنية وواضحة مع الشركات الاجنبية، لكي يَطَلِع عليها البرلمان والشعب؟ فإذا كان الشهرستاني مُحِقاً بالكامل فيما يذهب إليه .. فلماذا نقوم بِخرق القانون؟ وإذا كان مُخطئاً، فلماذا لا نجعله يصمت، عن طريق كشف جميع العقود والحسابات بأمانةٍ ودقة؟ حتى الصحافة هنا والإعلام، طالما ذكروا، ان أرتالاً من الشاحنات تنقل النفط ومشتقاته يومياً الى إيران .. فمن اين يُؤخذ هذا النفط؟ هل هو من إنتاج حقول الاقليم؟ ام يُهرب من بيجي او غيرها؟ وهل ان هذه المسألة حقيقة أو لا بالأساس .. لماذا لاتُكشَف الحقائق، وإذا كانتْ حقيقة، فأين تذهب الواردات؟

لماذا سكتَ المالكي وحكومته، لسنين عن " جرائم " طارق الهاشمي وحماياته؟ ولماذا لم يقبض عليه في مطار بغداد قبل توجهه الى اقليم كردستان؟ ولماذا تَعّمدَ المالكي وحكومته، التأجيل المُتكرر لعملية إجراء " التعداد السكاني " العام .. لِمعرفة حصة أقليم كردستان من الميزانية بشكلٍ دقيق .. والكَف عن المُزايدات في هذا الشأن؟

..........................

 

لا أتكّلم بإسمِ أحد .. لكنني أدّعي ان هنالك الكثيرين، يُفكرون في نفس الإتجاه: لستُ مُستعداً لِخوض حَربٍ من أجل مصير شخصٍ مثل الهاشمي .. ولا من اجل براميل نفطٍ لا أعلم من أين تأتي ولا أين تذهب !. فسواءً في البصرة او اقليم كردستان .. تبقى رائحة النفط كريهة .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2081 الخميس 05 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم