أقلام حرة

حكومة جديدة في أقليم كردستان / امين يونس

أعتقدُ ان أصل المُشكلة، هو "النظام" المتهرئ الذي يقوم عليه الحُكم في الاقليم .. والأسُس الخاطئة التي بُنِيَتْ عليها السُلطة في الأصل . وإذا كانتْ الذرائع التي إستندَتْ عليها السُلطة، أي الحِزبَين الحاكمَين .. منذ 1991 ولغاية 2003، قَد نفعتْ في تهدئة الشارع الكردستاني .. من قبيل وجود خطرٍ خارجي وأعداء كثيرين يستهدفون التجربة الوليدة .. فأن معظم هذه الحُجَج، قد إنتفتْ .. والظروف الاقليمية تغّيرتْ بصورةٍ كبيرة .. وما زالَ النظام المُتَبَع في الحُكُم هو هو .. ف " أسلوب المُناصفة " سيئ الصيت مازال فاعلاً في الاقليم، وتقاسُم النفوذ والإمتيازات كذلك .. وسيطرة الحِزبَين شُبه كاملة على جميع المرافق الحكومية وغير الحكومية .. والمؤسسات " الديمقراطية والمدنية " التي من المُفترَض ان تلعب دوراً جوهرياً في التشريع والرقابة .. مُجّرَدة من صلاحياتها .. فالبرلمان بِلا حولٍ ولا قُوة، ولايستطيع " ان يحل رِجل دجاجة " بدون إيعاز من قيادات الحِزبَين ! .. و مجالس المُحافظات والمجالس البلدية، عاجزة ولا تقوم بشئ من مهامِها، وهي مُجرد أداة بيد الحزبَين الحاكمَين ! .. وكافة النقابات المهنية والإتحادات، التي من المُفتَرَض ان تكون مُستقلة ومُدافعة عن حقوق المنتسبين، ليستْ إلا واجهات للأحزاب الحاكمة بدرجةٍ أو بأخرى ..وحتى الكثير من مُنظمات المجتمع المدني، بعيدة كُل البُعد عن الإستقلالية والحيادية وأصابع السُلطة ممدودة داخلها بوضوح ! . وليسَ هذا فقط ... بل ان التشكيلات العسكرية مثل البيشمركة، هي في معظمها مُسَيَسة وولاءها الأكبر للحزبَين وليسَ للأقليم والدولة .. وعلى العموم، فعدا عن بعض القطاعات البسيطة وغير المؤثرة التي إتحدتْ الى حدٍ ما، فما زالتْ هنالك إدارتان في المسائل الأمنية والمالية، من الناحية العملية، رغم كُل ما يُقال ويُرّوَج عن التوحيد .

أما عن التداخل المفرط بين الاحزاب الحاكمة ومؤسسات الدولة، فحّدِث ولا حَرج .. بل قد جرى التفّنُن والإبداع، في مجال الفساد بأنواعه، ولم يَعُد شيئاً إستثنائياً وإنما أصبح هو القاعدة ! .. ومن أبرز مظاهر الفساد : التعتيم، والضبابية، وإخفاء الحقائق حول الواردات والمصاريف .

....................................

أمامَ السيد " نيجيرفان البارزاني " مُهمة صعبة، وهي الإرتقاء بعمل الحكومة الجديدة والبدء بمحاربة حقيقية للفساد، ومأسسة الحُكم وُفق رؤى مُتطورة تلائم المرحلة الجديدة . أرى ان الفُرصة مُتاحة أمامهُ لفعل الكثير .. [[ بِشَرط ]] أن :

- يطرح برنامجاً حكومياً واضحاً مُحّددا، للإصلاح، آخذاً بنظر الإعتبار التطورات الجارية في المحيط الاقليمي والدولي، والإحتياجات الاجتماعية الاقتصادية السياسية لشعب الأقليم .

- يثبت ان العلاج يبدأ من " فوق " وليسَ من تحت .. فيبدأ بشخصه ويجعل من نفسه قدوة للآخرين، ويكشف علناً أمامَ الملأ وأمامَ لجنة النزاهة والجهات الرقابية الاخرى والصحافة .. عن أمواله وممتلكاته ويثبتها رسمياً، ويعرب عن إستعداده للخضوع الى القانون بحذافيره .. ويأمر كل الآخرين الأدنى منه ان يحذو حذوه . من الطبيعي ان تسبق هذه الخطوة، إعادة هيكلة القضاء وتفعيل إستقلاليته .

- يكشف بجرأة عن جميع الملفات التي يلفها الغموض، من أجل إسكات جميع الأصوات المُشكِكة، ويأمر بأن تكون كافة أبواب صرف الميزانية، شّفافة وواضحة .

- بإعتباره نائباً لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وله نفوذٌ قوي داخل الحزب، يستطيع إفساح المجال، لأعضاء البرلمان من حزبه، لمُمارسة مهامهم التشريعية والرقابية بشئٍ من المِهنية والمصداقية .. وكذلك أعضاء مجالس المحافظات .

- يستطيع الشروع، بتطوير الزراعة والسياحة والصناعة في الأقليم، من خلال تخطيطٍ سليم متوسط المدى وبعيد المدى، والإستعانة بخبراء ذو كفاءة ونزاهة .. وإستغلال الميزانية خير إستغلال، لإقامة مشاريع إنتاجية تُقّلِل من إعتمادنا الكُلي على الإستيراد .. وجعل السياحة مصدراً مُهماً لإقتصاد الأقليم .

- التنسيق مع القطاع الخاص المحلي والاجنبي، لتوفير فُرص عمل " حقيقية " لجموع العاطلين في الاقليم، العاطلين فعلياً، وعشرات آلاف بل رُبما مئات آلاف من " البطالة المُقنعة "، الذين يستلمون رواتب من الدولة بدون عملٍ فعلي .

.......................................

لانريد ان نصبح شبيهاً ب " دُبي "، فدُبَي مدينة كوسموبوليتية، تحكمها في الواقع الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات، وواحدٌ من كُل سبعة من سكانها إماراتي، والبقية أجانب ! .. نريد ان نصبح مثل ماليزيا : تنمية مُستديمة، شعبٌ مُنتِج، إقتصاد قوي، مُستقبل مُشرِق .. نستحقُ ذلك ياسيدي .. وندرك انكَ [ إذا أردتَ ] أن تبدأ الخطوة الاولى على هذا الطريق .. فأنك تستطيع ذلك .. فإبدأ اليوم، أول يومٍ في الحكومة الجديدة .. وإثبتْ أننا كُنا على حق، حين أملنا فيكَ خيراً .

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد 2084 : الاحد  8 / 04 / 2012 )

 

في المثقف اليوم