أقلام حرة

المواطن ومطرقة القانون / ثامر الحاج امين

والاحترام المتبادل، وبحكم ظروف متعددة اصبحت هذه العلاقات ضرورة تفرضها حياة المجتمعات وحاجاتها،  وذلك من أجل النهوض بواقعها في ميادين عدّة بسبب ماتوفره من حالات استقرار في العلاقات السياسية والأمنية اضافة الى اكتساب الخبرات وتبادلها في الحقول المعرفية المتعددة . ولأجل الحفاظ على ديمومة هذه العلاقات وتطورها، اصبحت الحاجة ملحة لوجود اعراف وقواعد قانونية تحميها وتوقف حالات التدهور التي قد تحصل بسبب تهور البعض في التعبير عن آرائه وذلك من خلال وضع الحدود التي يجب ان يسير عليها سلوك الأفراد في المجتمع.

لقد شهدت العلاقات بين البعض من الدول حالات من الشد والجذب والتصدع نتيجة الانفلات السياسي والتراخي في تطبيق القوانين الكفيلة بردع الممارسات التي من شأنها احداث التدهورفي العلاقات واحيانا القطيعة  بين الدول . فقبل ايام اعلنت السلطات الكويتية ان مواطنا كويتيا وضع في الحبس لثلاثة اسابيع بانتظار محاكمته بعد ان حرق علما ايرانيا في تظاهرة احتجاجية، واعتبرت السلطات المذكورة ان هذا العمل غير مسؤول ويمكن ان يفضي الى نتائج لاتحمد عقباها اذا ماترك دون محاسبة او ردع .

لاشك ان حرق العلم لأية دولة يعد خروجا على الأعراف واساءة صريحة للعلاقات القائمة بين الدول، وفي القانون العراقي يعد هذا السلوك من الجرائم الواقعة على السلطة العامة  حيث لم يغفل المشرع  هكذا جريمة، فقد جاء في نص المادة 227 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 (يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سنتين وبغرامة لاتزيد على مائتي دينار كل من أهان باحدى طرق العلانية دولة اجنبية أو منظمة دولية لها مقر بالعراق أو أهان رئيسها أو ممثلها لدى العراق أو أهان علمها أو شعارها الوطني متى كانا مستعملين على وجه لايخالف قوانين العراق) . عند نص هذه المادة القانونية نتوقف ونتسائل،  كم من العراقيين يدرك أو على علم بأبعاد هذه الجريمة التي شهدنا وقوعها مرارا في أماكن وأوقات متعددة ؟ وكم من العراقيين يدرك ان الجهل بالقانون لا يعتبر عذرا لمن يرتكب جرم حيث جاء في نص المادة 37 ـ آ  من قانون العقوبات العراقي (ليس لأحد ان يحتج بجهله باحكام هذا القانون ......... ) .

ان قواعد العدالة توجب تحقق علم المواطن بالقانون سيما ان جريمة حرق العلم لدولة أجنبية هي ليست من الجرائم التقليدية كالسرقة والقتل التي لاتحتاج الى علم مسبق بخطورتها ومخالفتها للقانون وبالمقابل ان  مايهم السلطات  هو الحفاظ على مصالح البلاد من خلال استقرار علاقاته الدولية، والنتيجة ان المواطن يقع بين مطرقة القانون التي هي الاداة لتحقيق الاستقرار وبين الجهل وعدم الادراك للفعل المخالف، مما يتطلب حملة من التوعية القانونية على الأقل لبعض النصوص التي يخالفها المواطن خلال سلوكه اليومي دون ادراك ودون قصد .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2091 الأحد  15 / 04 / 2012)

 

في المثقف اليوم