أقلام حرة

بَينَ زَمَنَين / امين يونس

ضعيفة بفعلِ خروجها للتَو من مُخلفات الحرب العالمية الثانية التي دارتْ فصول كبيرة منها، بالقرب منها .. دولة مُتأخرة علميا، فقيرة إقتصاديا، وفيها أكبر كُتلة بشرية في العالم .. وهم بحاجة الى خُبز ودواء وتعليم .. اليوم .. باتتْ الصين ثاني أقوى دولة في العالم، ومن المتوقَع حسب الكثير من المختصين، ان تُزيح خلال السنوات العشرين القادمة .. الولايات المتحدة الامريكية، من المركز الاول .. لتصبح هي .. أي الصين زعيمة العالم !.

- بعد الحرب العالمية الثانية، بسنتَين .. قام الملك " فاروق " ملك مصر .. بزيارة المملكة السعودية .. وقّدمَ للسعودية والكويت وبعض الامارات الصغيرة الاخرى .. مُساعدات كبيرة من المواد الغذائية وغيرها .. حيث كانتْ هذه البلدان الصحراوية القاحلة، تشكو من الحاجة والمجاعة .. وكان [البروتوكول] حينها، ان لايجلس الملوك والامراء الخليجيون، في حضرة الملك " فاروق " .. حيث يجلس الملك المصري على كُرسي فَخِم .. ويُحيط به [ وقوفاً ] الملك السعودي " فيصل " والامراء الخليجيون !! .

أما اليوم، فأن دويلة " قطر " ومملكة آل سعود .. يتلاعبان بواسطة البترودولار، بالوضع الداخلي المصري .. ويدفعان لبعض الأحزاب لتفوز بالإنتخابات .. وتشترطان ان يكون فلان وفلان مُرشحان للرئاسة .. وان يكون الدستور المصري الجديد، مُتخلفاً بائساً !!.

- قبل ستين سنة .. كانتْ أربيل مدينة صغيرة، تفتقر الى الكثير من المظاهر المدنية .. وحين كان أحد أهاليها، يُسافر الى العاصمة بغداد، فأنه حين يعود .. يتحدث عن التطور والتقدم والأشياء العجيبة التي رآها هناك .. اما اليوم فأن القادم من بغداد الى أربيل .. يستغرب من الشوارع النظيفة والبنايات الفخمة الشاهقة والمنشآت التجارية والثقافية والحدائق والمتنزهات وإستتباب الامن .. أي كُل ما تفتقد اليه بغداد اليوم ! .

دهوك كانتْ قضاءاً صغيراً تابعاً للموصل .. وكانتْ الموصل قبلة لأهالي دهوك من اجل التسوق والحصول على الخدمات الصحية والدواء .. والدراسة .. وإقتناء المنتجات الصناعية وخدمات الصيانة ... الخ . واليوم أصبحتْ دهوك في العديد من المجالات أكثر تطوراً من الموصل .. والخدمات الأساسية فيها، أفضل كثيراً .. والمدينة أنظف وأكثر أماناً وإستقراراً !.

لانُريد اليوم ان تصبح أربيل ودهوك والسليمانية، مثل بقية مدن العراق .. أي ان تعود للوراء .. بل نريد ونسعى، ان تستقر بغداد والموصل والبصرة وكُل العراق، وان تعود بغداد الى ألَقِها الأصيل والموصل الى ربيعها الدائم والبصرة الى عنفوانها المتعدد الجوانب .

- في سنة 1908 .. قام [حمدي باشا بابان] عضو المجلس البلدي لبغداد، بإستيراد أول سيارة تدخل بغداد .. وقد إستغرب الناس كثيراً، حينها، حول كيفية تحَرُكِها دون أن يسحبها حصان ! . المُهم ان حمدي بابان، صاحب أول سيارة في العراق، وعضو المجلس البلدي .. هو كردي من مواليد بغداد .. قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة الحالية ... وهنالك المئات من أبرز الشخصيات الكردية الذين لعبوا دوراً كبيراً في بغداد، في مختلف المجالات .. منذ أكثر من قرن ولحد اليوم ! .

واليوم يُريد (عباس المحمداوي) وتنظيمه الشوفيني، ومَنْ وراءه من أيتام البعث الفاشي من بقايا فدائيي صدام والاجهزة الأمنية السابقة .. الذين إنضموا الى الأحزاب الحالية بعد 2003، بفرعيها من الطائفيين الشيعة والسنة من الإسلام السياسي .. يريدون طرد الكُرد من بغداد وبقية المُدن .. وكأن الكُرد طارئون على هذه الأماكن .

حذاري .. أيها السادة .. إذا أفرغتُم بغداد من المسيحيين والصابئة المندائيين والإيزيديين والتُركمان والكُرد .. كما أفرغتموها سابقاً من اليهود العراقيين .. فأن بغداد ستصبح خاوِية .. مُفرَغة من الروح .. اُحادية الثقافة .. قاحلة .

أمس حين كان " سعيد القزاز " الكردي وزير الداخلية ..الذي أنقذ بغداد من كارثة محيقة بها بفعل فيضان دجلة المُدمر .. أنقذها بحرصه وفطنته ومثابرته وإصراره .. أمس حين كان " بكر صدقي " الكردي، صاحب سطوة ونفوذ في بغداد .. أمس حين كان " صدقي الزهاوي " الكردي، ينشد أشعاره في شوارع ومنتديات بغداد .. الخ . واليوم، ترتفع أصواتٌ نشاز تدعو لتصفيةٍ عرقية .. لن يستفاد منها غير الشوفينيين من العرب والكٌرد !.

 

في المثقف اليوم