أقلام حرة

أجندة عراقية مفخخة / جاسم محمد

ان سلسلة تفجيرات يوم الخميس 19.04.2012  الماضي جاء ليكمل ايام الاسبوع الدموية، لتكون اجندة العراقيين مفخخة مع رائحة الموت والقتل، على مدار رأس الاسبوع والشهر والسنة .

 

سلسلة عمليات مسلحة و منظمة

لقد تحولت  العمليات المسلحة منذ العام الماضي من عمليات عشوائية الى عمليات منظمة ومنسقة، فالمجموعات المسلحة، هي  من تملك  المبادرة، ومن  تقرر المكان والتوقيت، فأستهدفت العمليات  مقرات المحافظات ومجالسها ومنها محافظة بغداد، ولم تكن المنظقة الخضراء بالبعيدة عنها، بالاضافة الى الوزارات والمؤسسات الحكومية .

وحولت المجموعات المسلحة اسلوب عملها الى  موجة او سلسلة عمليات الواحدة بعد الاخرى بدل العمليات الفردية او زرع العبوات .  هذه العمليات بالتاكيد  تثير الصدمة والرعب  وتثبت وجودها ميدانيا واعلاميا ويعكس قدرتها التنظيمية . كثيرا ماتبنت دولة العراق الاسلامية  تلك العمليات، رغم مبايعة بعض الفصائل العراقية المسلحة لها او العمل تحت مظلتها العراق .

لقد أجمعت الدراسات، بان القاعدة انسحبت من العراق باتجاه منابعها الأصلية وما تبقى من القاعدة في العراق هي فصائل عراقية ذات هوى قاعدي أو من تدرب على أيدي المقاتلين العرب ومنها دولة العراق الإسلامية . ما يحدث الان في العراق من عمليات هي تصفية حسابات ما بين الميلشيات السياسية  لانتزاع المواقف ولي الأذرع، ليتحول الساسة الى واجهات لتلك الميلشيات . فالقاعدة تنظيميا تراجعت لكن الفصائل المحلية صعدة الى الواجهة بعد ان استفادت من تجربة تنظيم القاعدة المركزي ومن تنطيم التوحيد والجهاد في العراق .

ان اختيار دولة العراق الاسلامية لاهدافها  بهذه الطريقة، يعني هنالك خلايا استطلاع وكتائب عمل نشطة تعمل بشكل مرن  داخل المناطق المحصنة وكذلك المناطق المغلقة ، محاولة منها لترويج خطابها الطائفي، ومغازلة من يدعم مشروع تقسيم العراق، رغم براء الطائفة السنية منها  ومن تنظيم القاعدة .

أن تبني دولة العراق الاسلامية لاغلب العمليات مع كل أزمة سياسية  يؤكد بان العملية السياسية في العراق باتت  مفخخة بالكامل، وكأن هذه العمليات تردد لغة تهديد  ألساسة  داخل الحكومة والبرلمان  . و تصاعد وتيرة  هذه العمليات جاء تماما مع المشروع ألاقليمي ألذي يهدف الى فرض الاخوان المسلمين في العراق مثلما حصل  في  بعض الدول العربية الاخرى .

 

أنفراط العملية السياسية

لقد فقدت العملية السياسية في العراق توازناتها بغياب المعارضة السياسية داخل البرلمان وبدأت تدفع سلبيا في الوضع الامني في العراق والعنف مازال يضرب بغداد والمدن الاخرى بكل اشكاله والصراع السياسي والطائفي والقومي مازال ينذر بتفتيت وحدة العراق الى اقاليم ضعيفة. وهنالك صراع سياسي بين صفوف الساسة العراقيين لا يقتصر على الكتل السياسية المتناحرة فيما بينها فحسب وانما يتعداه الى صراع داخلي داخل الكتلة السياسية الواحدة .

  مسار العملية السياسية كان ومازال فاشلا ، منذ تشكيل مجلس الحكم الإنتقالي في 13 تموز 2003 والى يومنا هذا، فقد دخل الفشل مرحلة التصدع   ليكون أكثر  انحدار وفسادا واخفاقا  كونها قائمة على المحاصصة و المصالح الشخصية والحزبية بدلا من مصلحة العراق  وشعبه، و قد وصلت العملية  الى طريق مسدود واعلنت فشلها  ليصبح الساسة ذاتهم، ورم سرطاني و تركة ثقيلة على الشعب العراقي .

 

غياب الستراتيجية الاستخبارية

يسيطر رئيس الحكومة على سلطات القوات المسلحة والامن القومي وعلى اللواء  / 56 الرد السريع و مكتب المعلومات ـ في مكتبه ـ  والامن و قسم ام 2 داخل الاستخبارات العسكرية المعني بجمع وتحليل المعلومات العسكرية، هذه المجموعة من الاجهزة والهيئات الامنية خلقت الكثير من التداخلات والتقاطعات واثقلت ميزانية الدولة مع غياب التنسيق فيما بينها،  بعد ان فرضت الحكومة مفهوم الدمج اي توظيف ومنح الرتب بدون اي مؤهل  استخباري او عسكري، مع ابقاء وزارة الدفاع والداخلية تدار بالوكالة .

وتفتقر الاجهزة الامنية الى ألية تحليل وتوظيف المعلومات، فالكل يراهن على فشل الاخر وهذا لايعني ابدا بان المؤسسة الاستخبارية الواحدة تعمل ضمن اجواء عمل وطنية وجماعية فانها تعاني ايضا من فقدان ثقه منتسبيها ببعضهم الاخر بسبب تفاوت خبرات وخلفياتهم المهنية وكثير ماتعرض البعض الى التهديد بالاجتثاث وقانون المسائلة  .

 غياب الستراتيجية الامنية والاستخبارية جعل الحكومة تعتمد على نشر القوات التقليدية ونقاط التفتيش والتي لم تأتي بشيء جديد مع افتقارالاحهزة الامنية العمليات التعرضية الاستخبارية القائمة على جمع المعلومات الاستخبارية، لمنع العمليات قبل حدوثها. واصبحت تصريحات الحكومة بالقاء القبض على منفذي العمليات بعد كل عملية، مشهد بائس متكرر يثير مصداقية الاجهزة الامنية وجاهزيتها في حماية المواطن .

لم يعرف العراق أبدا، وضوحا في ستراتيجياته الامنية والسياسية  واعتمد اسلوب رد الفعل وراء كل ازمة سياسية ويبدو ان عامل التحزب بدا يفرض بنفسه على الواقع  ويلقي بظلاله على  ألمشهد العراقي  ليكون قريبا من  واقع  افغانستان  والصومال .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2097 السبت  21 / 04 / 2012)

كاتب في قضايا الارهاب والاستخبار

في المثقف اليوم