أقلام حرة

إلى جماعة الإخوان ... ب?لاشْ نادية، ب?لاشْ سوسو / إيناس نجلاوي

ليوافق على الزواج بإحدى بناته نادية أو سوسو في مقابل التعجيل بمناقشة رسالة الماجستير التي كان يحملها طوال المسرحية. وكان المهندس يردد على أسماعه "خذ نادية، بلاش سوسو". وحين تمتنع نادية عن القبول، يعاود عرضه بالقول: "بلاش نادية، خذ سوسو".

ينطبق وضع التخبط هذا بين نادية وسوسو على إخوان مصر، مع مراعاة انه في المسرحية كان الأب يعرض بناته للزواج والعريس يأبى. أما في مصر، فالإخوان هم الذين يطلبون السلطة لأنفسهم والمجلس العسكري يعترض ويمانع.

طلق الإخوان التحرير وتربعوا على البرلمان، ثم اكتشفوا بعد 3أشهر من محاولات مستميتة لبسط سطوتهم على مصر أنهم يملكون مقاعد البرلمان لكنهم لا يحكمون. أدركوا أن السلطة أبعد من مجلسي الشعب والشورى، فانقلبوا على حكومة الجنزوري التي سبق أن بايعوها وأيدوها ضد معتصمي شارع محمد محمود.

طالبوا بإسقاط الحكومة بتهمة التهاون في تحقيق مطالب الثورة، متناسين أن برلمانهم أيضا لم يحقق شيئا من أهداف حركة 25يناير. لكن طنطاوي –والد العروستين- رفض تزويجهم نادية (رئاسة الوزراء) واستمر في دعم حكومة الجنزوري- التي لم يعد يظهر لها اثر واحتجبت عن الظهور- وصم آذانه عن نداءات الإخوان بتشكيل حكومة جديدة. وهكذا أحبط مخطط الجماعة للحصول على السلطة التنفيذية وتشكيل مجلس وزراء برئاسة خيرت الشاطر صاحب مشروع "النهضة". لكن هذا لم يزدهم إلا إصرارا على الوصول لكرسي الحكم، واعتقدوا أن العفو المتستر الذي منحه الوالد للشاطر خيرت هو بمثابة ضوء اخضر للتقدم لخطبة سوسو بعد أن استعصت عنه نادية. وهكذا تنازل الإخوان عن زهدهم في الرئاسة وطرحوا الشاطر كمرشح محتمل لرئاسة مصر. وحين بدا لهم أن طنطاوي مازال ممتعضا ورافضا، قدموا محمد مرسي كمرشح احتياطي وبديل محتمل للشاطر: "خذ سوسو للشاطر أو لمرسي" أو بالأحرى "يا سوسو خذي الشاطر أو مرسي"!!!    

لكن اللجنة العليا للرئاسة حسمت أمرها وأقصت الشاطر من السباق. ولما علم الإخوان أن مرسي جواد خاسر وبلا شعبية، تركوا مقاعد البرلمان وعادوا أخيرا إلى ميدان التحرير بحجة "حماية الثورة"، رغم أنهم ما انفكوا يؤكدون أن الميدان انتهى دوره منذ أن انتخب الشعب مجلسه بغرفتيه وقالوا أن شرعية الثورة انتقلت من الميدان إلى البرلمان وأن السلطة التشريعية كفيلة بتحقيق كل مطالب الثورة دون العودة إلى الميدان.

مع يأس الشعب من الإخوان بسبب التفافهم المستمر على أقوالهم وعهودهم، لم يجد بديع من مخرج سوى اللجوء إلى التحرير بعد قطيعة طويلة، التحالف مع القوى السياسية المصرية التي حل ميثاقه معها منذ أكتوبر 2011، تنكيس أعلام الإخوان وحمل علم مصر فقط بدعوى "استمرارية الثورة". عجبا لهذه الثورة! من يملك زر تشغيلها؟ إذا تحقق للإخوان ما أرادوا، تخبو الثورة. أما إذا تهدد وجودهم بترشح عمر سليمان، تستعر الثورة من جديد وينشط البرلمان ويمرر في ظرف يومين قانون العزل السياسي.

في جمعة "لم الشمل (20/04/2012)"، يطالب الإخوان بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري المتضمنة تحصين قرارات اللجنة العليا للرئاسة. ومن أفعالكم سُلِط? عليكم أيها الإخوان. أليس هذا هو نفس الإعلان الذي زينتم للشعب التصويت لصالحه في مارس 2011؟ لكن حين أدت إحدى مواده إلى طرد الشاطر أصبح الإعلان باطلا، لا دستوريا ومن صنع الشيطان.

اندسوا بين المتظاهرين بدعوى المحافظة على الثورة ومصلحة مصر، حتى إذا ما تحقق لبديعهم ما يصبو إليه وتزوج سوسو، انسحب من الميدان مجددا واستفرد بالحكم. ولكن زواج بديع من سوسو باطل باطل.

لماذا هذه اللهفة على الحكم وانتم الأدرى بأن لو دابة تعثرت في العراق لسئل عمر عنها يوم القيامة، وما أكثر المطبات والحفر في مصر؟ ألا يمكنكم خدمة مصر بعيدا عن سدة الحكم؟ ألستم جماعة منظمة أنصارها ينتشرون في كل ربوع مصر وتمويلها من السعودية وقطر لا ينضب؟ لماذا لا يبدأ شاطركم مشروعه النهضوي بإقامة المشاريع وتشغيل الشباب وتحريك عجلة الاقتصاد إن كنتم فعلا صادقين؟ لماذا عرقلة كل شيء وشل الحياة السياسية والاقتصادية في انتظار أن تفوزوا بكرسي الرئاسة، وان لم تصلوا إليه فحيا على الاعتصام والعصيان المدني.

الجماعة فئة سياسية قد تخطئ وقد تصيب، لكن ما يؤسفني في كل هذا أنها نسبت للإسلام المنزه عن الخطأ. وسوف لن يغفر الله تعالى لحسن البنا انه سمى مغامرته بـ"جماعة الإخوان المسلمين"، وبالتالي تسقط كل أفعالها وهفواتها على الإسلام والإسلام منها براء.

وهذا بالضبط ما كان يصبو إليه الماسونيون الذين خططوا للدمار العربي الذي أرادوا له أن ينطلق من تونس. فقد كان الهدف من الإطاحة بحلفائهم الطغاة وصول الحكم إلى هذا النوع من المتأسلمين. فما سمي ظلما "الربيع العربي" ليس سوى مرحلة جديدة في مخطط ضرب الإسلام. فمنذ افتعال إسقاط العمارتين في سبتمبر 2001 ونسبها إلى خيال يدعى بن لادن والقاعدة، سُوِق? للإسلام على أنه دين إرهاب وشنت حرب عشواء عليه من الخارج. ثم جاء الربيع وكان انطلاقة الحرب على الإسلام من الداخل أي أن المتأسلمين هم من سيضطلعون بتشويه صورة الإسلام، أما الماسون الأكبر وأمريكا فينسحبان من مسرح الأحداث إيمانا بالمثل القائل "إذا رأيت عدوك منشغلا بتدمير نفسه فلا تقاطعه". وقد قدم لنا الربيع حازم أبو إسماعيل، نموذج الإسلام السياسي الاندفاعي الكاذب المزور، والإخوان، نموذج الإسلام البراغماتي الميكيافلي، والقرضاوي نموذج مفتي الشيخة موزة، وحمد بن خليفة نموذج العاصي الخائن صاحب الصهاينة والباحث عن زعامة على أنقاض العرب.    

إننا مسلمون بالفطرة ولن نبتغي غير الإسلام دينا ولا يضيرنا أن يتولى أمرنا حكام يخافون الله، يقيمون حدوده ويحرصون على تطبيق كتابه العزيز وسنة رسوله الكريم. لكن هل هذا الصنف من الإسلاميين الذين أفرزهم "الربيع" مؤهل ليحل محل عمر بن الخطاب أو هارون الرشيد؟ فلم نرى منهم لحد الآن سوى حسابات سياسية قذرة وأقوال لا ترفقها أفعال وولاءات لبشر دون الله. وإن أشدّ الناس نفاقا من أمر بالطاعة ولم يعمل بها، ونهى عن المعصية ولم ينته عنها...

رسالة إلى طنطاوي: مصر ليست قاصرا وأنت لست وليا عليها، فلا "ت?سُك?" عليها...

والى الإخوان: بلاش نادية، بلاش سوسو واحرصوا على مصر...

اللهم أحفظ الإسلام من المتسيسين اللاهثين وراء السلطة، واحفظ بلاد العرب من شرور الربيع...

 

                                                                            بقلم: إيناس نجلاوي – خنشلة

                                                               أستاذة جامعية بجامعة تبسة- الجزائر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2098 الأحد  22 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم