أقلام حرة

الوضع العراقي: خمسة على خمسة / امين يونس

انتَ لاتحتاج الى نظارات ولا الى أدوية . فشكره الرجل . فقال له الطبيب مازحاً: وكيف حالك في الفِراش؟ أجاب الرجل: في الفِراش وضعي 5/5 . الطبيب: كيف وماذا يعني ذلك؟ الرجُل: نحنُ ننام وظهرانا مُتلاصِقان !! " .

الوضع في العراق، بجوانبه السياسية الاقتصادية الاجتماعية .. يشبه حالة صاحبنا أعلاه .. فالموارد النفطية عالية وتتجاوز المئة مليار دولار سنوياً .. والمساحة والأرض شاسعتان، فيها السهول الخصبة الصالحة للزراعة بأنواعها، فيها الصحاري الغنية بمختلف الثروات النفطية والغازية والكبريت والفوسفات ...الخ، فيها الجبال العالية الخلابة، بإمكانياتها السياحية الكامنة الهائلة، فيها الانهار والجداول والبحيرات والعيون، التي لاتتوفر في الكثير من البلدان الاخرى، فيها الشمس التي يمكن ان تكون مصدراً مهما للطاقة البديلة، والأهم من ذلك كله .. في العراق، ثروة بشرية مُهمة، إذا توَفرتْ لها شروط مناسبة من التنمية المستدامة والرعاية المعقولة، فلن نحتاج الى عمالة أجنبية، ولا الى خبرات خارجية في مختلف المجالات، ونسبة كبيرة من السُكان أطفال وشباب، فالبلد أمامه المُستقبل كله . نعم لدينا الأرض الرائعة، والموارد البشرية الواعدة والموارد المادية الطائلة .. إذن ان امورنا عال العال، مثل حالة عيون صاحبنا العجوز أعلاه : ستة على ستة ! ... حقاً انها ستة على ستة .. فكُل شئ مُتوفرٌ لنا .. جغرافيتنا ممتازة إذا عرفنا كيف نستغلها ... نفوسنا مُناسبٌ تماماً، لو خططنا بصورة جيدة، وتوجهنا نحو التنمية البشرية المستدامة ... مواردنا هائلة، تكفينا نحن والأجيال القادمة أيضاً، إذا تعاملنا معها، بشفافية وامانة وحُسن تدبير .. ان كُل اُمورنا والحمدُ لله .. 6/6 ! .

المُشكلة ... تكمنُ في " الفِراش " ! .. فالعراق في الفِراش، وضعه 5/5 ... معظَم الطبقة السياسية، فاسدة للنُخاع .. القوى السياسية مُتصارعة ومُتنابذة .. ليسَ من أجل التنافس على تقديم أفضل الخدمات الى الشعب .. بل من أجل الإستحواذ على السُلطة والمال والنفوذ .. الفساد وصلَ الى مَديات غير معقولة في كافة المجالات ... البلد مُفّكَك وهزيل، ورغم شعارات القادة السياسيين، البراقة والمُخادِعة .. فان العراق في أضعف حالاته .. الكُتل السياسية الكبيرة المتنفذة، تُتيح للقوى الخارجية القريبة والبعيدة، للتدخلات الفّضة في شؤوننا، وتعطي له الفُرصة، لتعيث فساداً وفوضى في أرجاء البلد ... دخلنا السنة العاشرة، منذ الإحتلال .. ولا زال الوضع الأمني هَشاَ، ولازالت الخدمات الأساسية في أدنى مُستوياتها، ولازالتْ الحُريات غير مُصانة بالشكل الكافي .. ولا زالَ القادة السياسيون، بعيدون كُل البُعد عن هموم الناس وإحتياجاتهم ... كُل هذا يعني .. ان الوضع هو خمسة على خمسة .

 

.................................

كيفَ سيولَد في العراق يومٌ جديد بمعنى الكلمة .. ومن أينَ ستولد ديمقراطية حقيقية ... [ إذا كُنا ننام وظَهرانا مُتلاصِقان؟!] .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2102 الخميس  26 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم