أقلام حرة

الصحوات العراقية بين فك القاعدة والحكومة / جاسم محمد

 اي  بعد إعلانه براءة  العراقيين  من تنظيم القاعدة والتصدي اليه.

وقد تأسست الصحوات في العراق عام 2007 بدعم من الحكومة والقوات الأميركية لمواجهة تنظيم القاعدة في معاقلها والتي وصفها المراقبون بقندهار العراق .

ولعب تجنيد أفراد القبائل  دورا بارزا في إضعاف القاعدة عام 2007 و 2008 ليصل تعداد الصحوات الى اكثر من مائة ألف . وأشرف الجيش الأميركي على الصحوات قبل أن يسلم مسؤوليتها للحكومة ألعراقية  عام 2008 وفق أمر رئاسي  يحمل رقم 118  والتي وافقت على منح  20% منهم  وظائف بالشرطة والجيش، على أن تدفع للبقية  مرتبات شهرية مقابل حماية مناطقهم ضد القاعدة .

ودعمت العشائر العراقية  الصحوات، ظناً منها أن ذلك سوف يوفر لها  الأمن والحماية، بعد ما عانت من مطرقة تنظيم القاعدة .

 

موقف الحكومة من الصحوات

ان العلاقة بين الحكومة  ومجالس الصحوات  كانت ومازالت متوترة، فقد  اهملت الحكومة  ملف الصحوات ليتحول مقاتليها الى اهداف مكشوفة  امام القاعدة .
اما مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي وفي مقابلة له  مع إذاعة العراق الحر أكد فيها  أن الحكومة العراقية لم تهمل حقوق الصحوات واضاف :" انه لم يبقى  إلا نحو 44 ألفا فقط من عناصر الصحوات بدون عمل من  مجموع  98 الفا، وسيتم دمج هؤلاء في الوزارات المدنية بموجب إجراءات المصالحة الوطنية كل حسب اختصاصه وشهادته الدراسية ".

وترتبط الصحوات  بمديرية نزع السلاح ودمج المليشيات في رئاسة الوزراء ولا ترتبط بوزارة الدفاع

ويتم توزيع رواتبهم  عبر لجنة مشتركة تابعة للجيش العراقي وليس هناك أي دور لقيادة الشرطة في هذا الملف . لكن رغم ذلك يتم اعتقال البعض من مقاتلي الصحوات عقب أي خرق امني يأتي في أطار التحقيق معهم او التقصير، لذا فان العلاقة مابين الحكومة المركزية والصحوات باتت تعاني من شرخ وازمة الثقة .

وقال الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي في تصريح صحفي إن " وزارة الداخلية تمتلك معلومات عن ضغط كبير يمارسه تنظيم القاعدة الإرهابي لثني أفراد الصحوات عن موقفهم الوطني وإعادتهم إلى صف القاعدة أو ما يسمى" بدولة العراق الإسلامية"

أن دمج الصحوات في الأجهزة الأمنية حاليا يراه بعض المعنين بالشان الامني، بانه غير ملائم لما له من تداعيات سلبية على الوضع الأمني،  منها : أحتمالات تسريب المعلومات ووجود عملاء مزدوجين للقاعدة داخل الصحوات .

حيث حذر الخبير القانوني إسماعيل التميمي من " دمج الصحوات في الأجهزة الأمنية،بسبب علاقة الصحوات بالقاعدة وإلمامهم بخطط وتحركات القاعدة  ".وبين التميمي لوكالة كردستان للأنباء (آكانيوز) ان "دمج الصحوات في الأجهزة الأمنية خلال الظرف الحالي سيقوض الجهود الاستخبارية التي تسهم في الحد من نشاطات المجاميع المسلحة وتفكيك خلاياها النائمة"

لكن هذا لايعني ابدا ترك ملف الصحوات بدون معالجة حقيقية اي باتباع ستراتيجية امنية لاحتوائهم وحمايتهم، هم وعوائلهم من عمليات التصفية وفي نفس الوقت الاستفادة من خبراتهم الميدانية والتنظيمية لضمان عدم عودة البعض منهم الى تنظيم القاعدة او" دولة العراق الاسلامية ".

وقد لا يكون شعور صحوة العراق بالاهمال الحكومي والتقصير في حمايتهم مبالغ فيه، فحادث اغتيال القيادي السابق في الصحوة والمنشق عن تنظيم القاعدة الملا ناظم الجبوري في  24 كانون الثاني     2012في بغداد مازال يلقي بظلاله .

وأعربت عضو اللجنة الأمنية في مجلس ديالى سهاد الحيالي عن "تأييدها وترحيبها لقرار الحكومة في 18. نيسان 2012 بدمج الصحوات ضمن وزارة الدفاع واعتبرته انصافا لآلاف العوائل التي تعاني عوزا معيشيا ."

 

موقف القاعدة من الصحوات

أن تنظيم القاعدة  يمارس ضغوطاً كبيرة لاستمالة الصحوات وإعادة انضمامهم إلى صفوف التنظيم مرة أخرى، و محاولته خلق فجوة عدم ثقة بين الصحوات والأجهزة الأمنية من خلال تنفيذ عمليات التفجير والقتل في مناطق مسؤولياتهم الأمر الذي  ينتج عنه  اعتقال مقاتلي  الصحوات وتحميلهم مسؤولية الخروقات الامنية في مناطقهم . أن السنوات الماضية شهدت تصفية للصحوات وان  أيامهم تحولت إلى ترقب وخوف من ما سيحمله المستقبل، وفقا لروايات عدد من مقاتليها وخاصة من اللذين اقعدهم العجز .
فبدون شك فأن القاعدة  لاتتردد من  اخذ الثأر من مقاتلي  الصحوات والعشائر التي ساندتها، هذا التهديد ازداد ميدانيا في أعقاب الانسحاب الاميركي .

أن الكثير من أفراد الصحوة رفعت عنهم الحماية الأمنية، وهم  بين فك القاعدة والحكومة، والبعض اعلنت القاعدة أسمائهم كأهداف، فضلا عن معاناتهم  من العوز المادي مثل غالبية العراقيين  وهو الأمر الذي يبعث في نفوس أبناء الصحوة والعراقيين مشاعر القهر والظلم .

وينتقد النائب عن القائمة العراقية احمد المساري خطوة الحكومة لانهاء ملف الصحوات وسحبهم من مناطقهم، ويعتبر أنه "  يمثل خطرا كبيرا على الوضع الامني والتفافا على بند الصحوات في اتفاق اربيل الذي نص على دمج اغلب هولاء في الاجهزة الامنية " .

لذا بات من الضروري التعامل مع ملف الصحوات أنسانيا ووطنيا لدعم مقاتلي الصحوات وعوائلهم وابعاد احتمالات عودتهم الى تنظيم القاعدة او" دولة العراق الاسلامية " او المجموعات المسلحة التي تترصدهم عن قرب .

مقاتلي الصحوات هم جزء من الشعب العراقي يعانون من الارهاب بشكل مباشر بالاضافة الى البطالة ونقص في مورد العيش، ورغم ان زج مقاتلي الصحوات بشكل جماعي او عشوائي دون الرجوع الى ملفات كل مقاتل ومعرفة تفاصيل سيرته الذاتية وتحصيله العلمي، قد يعزز منهج الدمج التي اتخذته الحكومة للمليشيات داخل وزارة الدفاع والشرطة والاجهزة الامنية . هذا الرأي قد يعزز فشل الاجهزة الامنية ويجعلها خزان بشري اكثر مما يجعله مؤسسة استخبارية مهنية . فكان الاجدر بالحكومة العراقية ومنذ عام 2008 ان تعتمد ستراتيجية جديدة باستيعاب اعداد البطالة في العراق من خلال خطة اقتصادية وبرامج تنمية  لاتقوم على اساس رد الفعل والمناورة السياسية المرحلية، والتي جعلت  من مقاتلي الصحوات ورقة في بورصة  العملية السياسية .

ومن الخطأ الفادح ان تجعل الحكومة الاجهزة الامنية وسيلة لمعالجة مشاكلها، لان المؤسسات الامنية ذاتها تعاني من مشاكل معقدة  وبؤس امني كارثي و لايمكن تحميلها مسؤولية  أكثر، بعد  ان أصبحت الخروقات الامنية حالة عامة وليس استثناء .

صحيح أنّ القاعدة تراجعت خلال السنوات  الأخيرة، لكن هذا لا يمنع من عودتها وتقويتها أمام  تراجع الوضع الأمني  . تنظيم القاعدة في العراق / التوحيد والجهاد في وادي الرافدين ضعف وتراجع مثل تنظيمه المركزي منذ عام 2006 بعد مقتل الزرقاوي وقياداته منها أسامة بن لادن في شهر مايس 2011، لكنه بدا يعتمد على التنظيمات المحلية وبالتحديد" دولة العراق الاسلامية"، ليواجه حالات الرفض والتراجع في حواضنه السابقة وتجاوز مشاكله التنظيمية في العراق . لذا من الخطأ ان نعول تراجع الامن على  تنظيم القاعدة.

أما التصريحات والتحليلات التي تاتي من المراقبين السياسيين ومن الحكومة في أعقاب كل عملية او سلسلة عمليات فأصبحت عديمة الجدوى ومكررة والتي لاتتضمن غير الادانة واستخدام نفس الشماعة، فالاجدر بالحكومة وضع الخطط والستراتيجية الامنية في معالجة الوضع الامني المتدهور، والقيام بالعمليات الاستباقية واتباع نظام المعلومات أكثر من الوسائل التقليدية بدلا من تحميل الاجهزة الامنية اخطاء الحكومة والعملية السياسية  كاملة .

 

وقد أصبحت اخبار اعتقالات قيادات تنظيم القاعدة "ودولة العراق الاسلامية" : ليست ذات اهمية للمواطن العراقي وسط الفوضى الامنية وتراجع العملية السياسية . ففي الوقت التي تنشر فيه الحكومة  أخبار اعتقالات  قيادات التنظيمات المسلحة وقياداتها من قبل خلايا النخبة ومكافحة الارهاب، تعقبها سلسلة وموجة من العمليات المسلحة الدموية، فلم تكم هنالك مقارنة  مابين عدد الاعتقالات والنتائج ابدا. اما الاعتقالات العشوائية التي تشمل الابرياء فبالتأكيد كانت لها نتائج عكسية في تحويل البعض منهم وافراد عوائلهم الى خصوم . وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأميريكية نشرت  :" با ن العديد من اعضاء الصحوات قد وقعوا فريسة لحملة التطوع المركزة التي تقوم بها القاعدة."

 

موقف الاحزاب من الصحوات

لم تلبث الكتل السياسية من ابداء ارائها ازاء دمج مقاتلي الصحوات في الاجهزة الامنية او المدنية، وبحسب ما هو مقرر لها او مخطط، فمنهم من رحب بهذا القرار واعتبره خطوة اولى نحو تعزيز المكاسب الامنية وتتقدمهم  ألقائمة العراقية، ومنهم من ابدى شكوكه ومخاوفه وحتى اعتراضه على دمجهم ويتقدمهم دولة القانون والمجلس الاسلامي الاعلى، على الرغم  إن مشروع الصحوات مرتبط بمشروع المصالحة الوطنية . فالعملية السياسية  لم تلقي الا سلبا بظلالها  على المصالحة الوطنية الحقيقة .


أما ألاحزاب الكردية، فهي  تدعو الحكومة الى دراسة ملف الصحوات بشكل واقعي، معتبرة  أن المبادرة لا تزال بيد المجاميع المسلحة وليس بيد الاجهزة الامنية وهذا مايبعث  التشاؤوم في مستقبل العراق الامني .

 

أعلان 18 نيسان بدمج صحوات ديالى

 أعلنت صحوات ديالى  في 18نيسان/ وفقا لما الى وكالة(آكانيوز) والسومرية ووكالات انباء عالمية، عن دمج كافة عناصرها ضمن وزارة الدفاع  بموجب  كتاب رسمي صادر من لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية التابعة لرئاسة الوزراء وفقا للضوابط والاليات المعمول بها  في الوزارات الأمنية، وكان عدد المشمولين يتجاوز 6800 عنصر يستثنى منهم  2600 عنصر تم شمولهم بعقود بشائر الخير والذين صادق مجلس النواب على تثبيتهم  وتتقاضى الصحوات راتبا شهريا قدره 295 الف دينار من قبل دائرة نزع السلاح ودمج المليشيات التابعة لرئاسة الوزراء .

وكان مجلس الصحوات في محافظة ديالى، تأسس في العاشر من شهر تشرين الأول من عام   2009، بعد اتفاق جرى بين أكثر من 30 من قياداته،  ووفقا لتصريحات بعض قيادات الصحوات في ديالى بان اعضاء الصحوة لم يبق منهم  الا بضعة مئات  قبل اصدار قرار نيسان الاخير  بسبب التسرب، في المقابل لم يحدث مثل هذه التسرب بين صحوات محافظتي صلاح الدين ومدينة  سامراء و محافظة الانبار . و تعاني محافظة ديالى والموصل بعد بغداد  من سلطة الميليشيات المسلحة التي تقوم على القتل والاتاوات . 

يمكن ان نشبه حال الصحوات اليوم في العراق بانهم باتوا في محنة بين مطرقة  ألاجهزة الأمنية  وبين سندان  القاعدة نظر لما الحقته الصحوات من خسائر بالقاعدة . 


في المثقف اليوم