أقلام حرة

ثقافة الشراكة الوطنية / انتظار العتيبي

بعيدا عن تجربة العراق او غيره وبعيدا عن التجارب العربية الاخرى بين جمهوري وملكي فان الشراكة مرتبطة في احد اهم جوانبها بالخصوصية الوطنية مثلها مثل الديمقراطية والمفاهيم الاخرى.

ولكن كثقافة للشراكة فانها ترتبط بفهوم التأكيد الدائم من ان الوطن يتسع للجميع وأن عملية بنائه مسئولية كل أبنائه وذلك هو الخطاب السياسي المنتمي الى وطنه اكثر من اجندات خارجية دون النظر الى مصلحة الوطن والمناهج المسنودة بالأدلة العملية والمجسدة في شواهد واقعية وحية من بلدان ناهضة عمليا أكثر من كونها اطلاق شعارات وان كانت تلامس مشاعرنا ايجابيا من ناحية مثلا الدين او القومية وغير ذلك.

 هذه الشراكة الوطنية تتجلى في ثقافتها في تناول وتدارس مختلف القضايا المتصلة بكافة مجالات الحياة السياسية وطنيا وعالميا والاقتصادية ايضا بمحوريه المصلحة الوطنية والمحاور الداعمة اقتصاديا في القوى العالمية لمنفعة البلد وايضا الثقافية من حيث العلم والتعليم وايضا الاجتماعية وغيرها من خلال كون الدنيا اردنا او لم نريد بحكم الاتصالات باتت عالما واحدا اذا ا كنا نحذر مصطلح القرية الصغيرة، ومن اهم ما يرد في هذه المحاور لثقافة الشراكة مواصلة الحوار الدائم والمستمر دون انقطاع بين اطراف الشراكة الوطنية وان اختلفت وعلى اختلاف مواقعها في السلطة والمعارضة او من القاعدة الاجتماعية البعيدة عن الطرفين المذكورين كون الجانب الثالث مهم في انسجام الوطن وتنميته ربما اكثر من السلطة والمعارضة ولا اعني المستقلين لانهم ربما يكونون اما مع السلطة او مع المعارضة.

فثقافة الشراكة تتحدد في تعزيز النهج الوطني وخطوات البناء كهدف أساسي أو اطار عام لاتجاهات والتزامات الحوار السياسي بين الأطراف والتنظيمات المختلفة، فذلك ما يحمل التأكيد على المضمون الانساني والإنمائي للعملية الوطنية.

وترتبط هذه الثقافة جذريا بالثقافة الانمائية ان امنت بها الاطراف لتفضي بالفعل إلى تنقية الأجواء السياسية مما يشوبها وعلاج ما يعكرها من عمليات الشد والجذب وتلك الممارسات التي تعمد إلى الإثارة مدفوعة بنزعة الكيد والاصطياد في المياه العكرة ولاشيء غيره وهو السلوك الأقرب إلى الهدم منه إلى البناء وبالاخص المرتبط باجندات عدائية او خارجية لا تصب بمصلحة البلد.

ولاجدوى من ثقافة لاتتوافر لها الارادة المشتركة للتواصل إلى ما يزيل أسباب الجفوة ولايفضي إلى تضييق مسافات سوء الفهم ومن ثم التباعد والبين الذي يعود إلى انعدام التواصل واللقاء الذي يسد الطريق أمام فرص التداول والتفاهم حول قضايا الاختلاف والتقريب بين وجهات النظر والمواقف .

ولابد من التشديد هنا على أن العقلية الوطنية في ذاتها تمثل أول وأكبر أنظمة وقنوات التجسيد الواقعي لمبدأ الشراكة في بناء الوطن ونهضته، لتتسنى الشراكة في ظل الحياة الوطنية من خلال مسالكها الدستورية المفتوحة على فرص وإمكانيات التمثيل للشعب والتواجد المشارك في سلطة اتخاذ القرار التشريعي الذي يتسم بالطابع الاستراتيجي والسيادي بحكم ما هو مناط للدستور من مهمات وماهو ممنوح له من سلطات وإقرار الخطط والمعاهدات الدولية أبرزها وأهمها، فينفتح المدى الجغرافي والوطني على اتساعه أمام الشراكة الوطنية بالمنافسة بين كافة الاطراف وتكفل تمثيلها في هيئاتها القيادية والوطنية تنفيذا وتشريعا .

فضلا عن ما يعزز ثقافة الشراكة  من الايمان بوسائل التعبيرعن الرأي والرأي الآخر وحتى النقد البناء في حال تمثل ذلك قيم وتقاليد ممارسة الاختلاف والمعارضة بالرؤى التي تقدم البدائل وتقترح اتجاهات العمل وأساليب المعالجة التي تحدد أسلم المخارج وتأتي بأنجع الحلول، حيث يصعب تصور الشراكة الوطنية بدون تكريس تقاليد احترام الآخر ومبادئ العمل السلمي وتأطير السلوكيات بالالتزام القانوني والدستوري وتحديد موقف واضح لا مواربة في رفضه، من اجل استكمال وتقوية بناء الدولة والاستمرار لما تتوفر من عوامل التأمين لمبدأ التداول السلمي للسلطة وتأكيد الشراكة الوطنية المستدامة في تحقيق النهضة الشاملة، فان العكس من ذلك هو اعطاء الفرصة للثقافة المنطلقة من الفكر المتطرف والعنصري ومظاهره الإرهابية وغاياته التدميرية.

انظار العتيبي

السعودية

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2105 الأحد  29 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم