أقلام حرة

ألتيــــار الصــدري وحكــومة الــتوازن الســـياسي / ابراهيم الجبوري

نتائجها من شد وجذب بين قائمتي العراقية ودولة القانون وما سببته من عسر كبير لعملية تشكيل الحكومة فأنتجت حكومة غير متجانسة وغير ملبية لطموحات الشعب العراقي ولا الاهداف التي يتمنى ان تتحقق له سواء من حيث التنمية والاقتصاد اوالامن والخدمات وملف الاعمار والبنى التحتية... وابقت هذه النتائج الملف السياسي وتأثيراته وتجاذباته محركاً رئيسياً لعمل الحكومة  ووزارات الدولة التي تعطلت في اكثر من مناسبة بسبب التجاذب والتناحر السياسي .

في كل مراحل عملية تشكيل الحكومة وما اعقب الانتخابات البرلمانية اسهمت قيادات التيار الصدري وكتلة الاحرار في تحقيق توازن وطني ولعبت دوراً رئيسياً في التقريب بين وجهات نظر الاطراف المختلفة من اجل الاسراع في تشكيل الحكومة وتحقيق مطاليب اخراج المحتل الامريكي من البلاد ضمن المواعيد المحددة ومن دون خلق ذرائع جديدة للتمديد والبقاء وللخروج بنتائج مقبولة وواقعية من معظم الكتل السياسية وتجاوز الازمة التي كادت ان تعصف بالعملية السياسية برمتها .

واليوم وبعد مرور اكثر من عامين على تشكيل الحكومة التي لم ترتقي في عملها ولم تستطع معالجة الملفات المهمة كالفساد والبطالة والاستثمار بسبب صراعات مكوناتها التي تحولت خلافاتها الى حالة مزمنة ومستديمة ودخول اطراف وجهات جديدة في هذا الصراع لاسباب مشروعة واخرى غير مشروعة  كالتحالف الكردستاني ، اصبح من الصعب بقاء الحال على ماهو عليه وينذر بعواقب وخيمة على البلد والتصدعات الكبيرة شلت عمل البرلمان وتسببت في عرقلة الكثير من قوانينه وتشريعاته وايضا حولت عمل البرلمان من التشريع الى الصراعات الاعلامية والتخندق الحزبي والقومي والطائفي وتأجيج الشارع المتعب اساسا من هذه الصراعات والانفلات الامني.

كل هذه الصراعات والتيار الصدري كان له دورا مميزا في تحقيق توازن سياسي مبني على اساس مراعاة المصلحة العليا للوطن والمواطن والبحث عن حلول توافقية للخلافات بين الكتل السياسية التي وجدت في سماحة السيد مقتدى الصدر اعزه الله القائد المنصف والامين والحريص على تجنيب العراق للازمات السياسية والعمل على التوفيق بين القيادات المتصارعة وتقريب وجهات النظر بينها وايضا الحامي والمدافع عن حقوق الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية ، وفي كتلة الاحرار الممثل السياسي للتيار الصدري خير من يمكن ان يمثل المرحلة الانتقالية التي اصبح العراق بحاجة ماسة وشديدة لها في الوقت الحاضر بسبب الوضع المتأزم والفوضى السياسية ...والدكتاتورية المخفية التي بدأت تطفوا على السطح على شكل ردود فعل انفعالية ومواقف ارتجالية وملفات ضغط وابتزاز سياسي هنا وهناك .

ومانقصده بالمرحلة الانتقالية لايعني ترشيح رئيس وزراء بديل لوراثة الحمل الثقيل من المشاكل والخلافات التي يصعب حلها وانما مرحلة التوازن السياسي ودور الوساطة لايجاد الحلول مع تهيئة الظروف لحكومة اغلبية سياسية تفرزها التحالفات الانتخابية في المرحلة المقبلة لغرض تحقيق متطلبات التحول الديمقراطي التدريجي والحقيقي وادارة الحكومة وفق برامج انتخابية ومن قبل حكومة مسؤولة امام الشعب وناخبيها .

ان خلافات اليوم سببها الغموض الواضح في شكل العلاقة بين الحكومة المركزية من جهة واقليم كردستان من جهه اخرى وغياب الارادة والشجاعة من الكتل السياسية في حسم طبيعة هذه العلاقة وفق الدستور والقانون وبما يضمن حقوق الدولة والاقليم على حد سواء ،وايضا الخليط الغير متجانس من الافكار والتوجهات والاهداف في الحكومة المركزية والتي يحاول كل طرف ان يسير عملها بما يتناسب مع مصالحه واهدافه الحزبية بعيدا عن المصلحة العليا ومصلحة الشعب العراقي بسبب قلة التشريعات القانونية وغموض الفقرات الدستورية المتعلقة بعمل مجلس الوزراء ورئيس الحكومة.

ان الطريقة التي يتعامل بها التيار الصدري مع الازمة ربما سوف توفر ارضية مناسبة لحلحلة  بعض الخلافات ولكن البعض الاخر الاخر منها بحاجة الى جهد حقيقي من باقي الكتل مع عدم الاستقواء بدول الجوار او الاعتماد على التدخل الدولي لانه غير مجدي وغير مقبول ... ان التوازن السياسي بين الاهداف المطلوب الوصول لها من قبل بعض الاطراف والقبول بواقعية الاهداف التي يمكن تحقيقها عبر الواقع الذي تفرضه خارطة الواقع السياسي العراقي الذي افرزته الانتخابات البرلمانية ونتائجها المتحققة وعدم وجود اغلبية لكتلة على حساب باقي الكتل السياسية تفرض على الجميع واقع التعايش والقبول بالحلول التوافقية والنزول عن بغلة القاضي التي تركبها معظم قيادات الكتل السياسية !!!

المطلوب اليوم من الكتل السياسية توفر النوايا الصادقة والمخلصة لخدمة الوطن والمواطن وان تمارس دورها الحقيقي وتعبر عنه بمواقف ورؤى واضحة ومحددة في المشهد السياسي وان تكون لها ارادة قوية لحل المشاكل والعقد السياسية وتشخيص الاسباب والمسببات بشفافية والعمل على تلافيها مع التأكيد على الشراكة في العمل السياسي وعدم السماح بالتدخل الخارجي في الشأن العراقي مع ترك التصريحات والتجاذب الاعلامي الذي يخلق مشاكل اضافية بين المكونات القومية والدينية للشعب العراقي للاستفادة من كل الايجابيات التي تحققت من خلال انعقاد القمة العربية لعودة العراق لمكانه الطبيعي في منظومة العمل العربي والاقليمي لخروج العراق من البند السابع من قرارات الامم المتحدة .

ان التوازن السياسي ودعم الحكومة المركزية والمحافظة على وحدة العراق واستقلاله والابتعاد عن سياسة الاقصاء والتهميش والتوزيع العادل للثروات بين مكونات الشعب العراقي واستقلالية القضاء واعتماد الحوار سبيلا وحيدا لحل المشاكل والخلافات هي اهم الاسس التي قدمها سماحة السيد مقتدى الصدر اعزه الله كورقة عمل للمرحلة المقبلة لحل الخلاف وبدء مرحلة جديدة من مراحل العمل السياسي في العراق مبنية على اساس الحوار الصريح والشجاع والبحث عن حلول بدلا من الاختباء خلفها وتركها لتتفاقم وتصبح عقد مؤثرة ومهددة للعملية السياسية برمتها.  

                    ابراهيم الجبوري

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2105 الأحد  29 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم