أقلام حرة

سقوط أوراق المالكي في فصل الربيع السياسي / سامان سوراني

فمحاولات رئيس الح?ومة الحالية والقائد العام للقوات المسلحة العراقية ووزير الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات ما هي إلا سعيه لاحتكار السلطة والحقيقة والرأي، بعد أن أنطو? سيادته عل? ذاته وأنسب اليها كل الفضائل والقدسية وبعد هجومه عل? الآخرين وإنكاره لفضائلهم وفي النهاية يلجأ لاستخدام العنف بأشكاله المتعددة لفرض أفكاره ومعتقداته على الآخرين لانقياد الاستدلال ال? العقم والسقم وقيادة العراق بعد خلاصه قبل مدة وجيزة من نير الاستبداد نحو الهاوية وإدغامه أو تس?ينه في الديكتاتوريات الظالمة المتبقية في المنطقة. هذا الاسلوب السياسي الخاطئ والترف الفكري والتفكير السطحي والآني بعقله الضرير لا يولّد سو? واقع سيء ومرير.

فهو لا يعترف بما هو عليه أو فيه لكي يتعرف إل? نفسه ويشخص واقع العراق. هل هو قادر حقاً عل? إحداث تغيير في مجر? العراق الراهن، حيث الأزمات تصنع أعطالها وكوارثها، وحيث الفكر الطائفي والقوموي لد? "دولة القانون" يولد أمراضه الخطيرة والفتاكة؟

من الواضح بأن الفلسفة السياسية هي إحدى المحاور الأساسية لموضوعات الفكر السياسي، إذ تقوم بتعريف القانون وتحاول تحديد واجبات المواطن تجاه حكومته الشرعية، إن كانت تحكمه حكومة شرعية.

نقوله‌ للمرة الالف بأن محاولات المالكي لقمع او الاستيلاء على المؤسسات المفروض ان تكون مستقلة، كمفوضيتي الانتخابات والنزاهة والمصرف المركزي ونواياه الخفية يمكن تسميتها بسيف بتار لنحر فلسفة العيش المشترك وقلع جذور الدستور اليانع. لماذا الإنهاض بالحكم الشمولي وجعل العراقيين يعيشون مرة أخر? في مستنقع التخلف تحت ظلم الذين يريدون تسمية العراق باسمهم لامتلاكه كمالك المُلك؟

إن الطغيان الأمني عل? الدولة والمجتمع والناس لإلغاء الحيز العام والمداولة العلنية والمحاججة العقلانية وهدر الأموال ونهب الثروات وضرب مشاريع الإنماء بشراء طائرات الـ F16 وإعلان نوايا غير سليمة، كالتخطيط خلف أبواب مؤصدة وفي اجتماعات سرية للضباط العسكريين لحرب ضد الكوردستانيين والتيارات العلمانية يجعل من العناوين الكبيرة المتعلقة بالديمقراطية والفدرالية وحقوق الانسان والمجتمع المدني أسماء خاوية جوفاء.

الجهات الخارجية التي تغذي المشاكل المتواجدة وفقاً لمصالحها الاستراتيجية لا تنجح إن لم تكن هناك أيادي داخلية تساعدهم في توطين الدين في دولة السياسة والقانون لتحقيق مصالح وغايات آنية بعيدة عن الاهداف والمصالح العامة التي تخدم الوطن والشعب.

نقول، من يجعل من قبول الارتباط بالموروث السياسي والثقافي الديني بأي شكل كان حتى ولو كان بالشكل السلبي وتقليد الاصوليات الدينية والسياسية الحا?مة والإهتمام الكبير بمسألة (الأنا) ورفض (الآخر)، الذي يعيق فتح بوابة العقل على آفاق الفكر الرحيب ويسد الطريق عل? العيش المشترك ويقبل أن يكون جندياً حجرياً يحرك دون إرادة منه على رقعة مذهبه الشطرنجية لا يفهم من النهوض سو? السقوط فكيف بالحضارة والتقدم في هذا العالم المعولم.

ومن يريد أن يجعل من تاريخ النشاطات السياسية لبعض الأحزاب العراقية وبالأخص الكوردستانية منها، التي لعبت دوراً تاريخاً نضالياً مشهوداً في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بمقاومتهم الدي?تاتورية ورفضهم الاستبداد في العراق، رغم ملاحقة منتسب?هم وأعتقالهم أو أعدامهم وتشريدهم، يرفض إشاعة فلسفة الديمقراطية ويساهم بشكل غير إيجابي في نشر راية امبريالية المعن? وديكتاتورية الحقيقة تحت طائلة عبادة الأصول وأحادية النمط والنماذج.

في هذا الزمن الكوكبي يجب العمل للتغير وإعادة التركيب لفتح آفاق بشرية جديدة، من سماتها الاختلاط والهجنة والهويات المركبة، لكن من يهاجم العقلانية في خطاباته التعبوية دفاعا عن مصالحه الفئوية يهدم مساحات وصيغ وقواعد التعايش السلمي ولا ير? في التبادل السلمي للسلطة منهجا لعمله السياسي وذلك من أجل تفعيل العدالة الاجتماعية والعدالة والمساواة.

القادة الكوردستانيون وعل? رأسهم السيد رئيس الاقليم مسعود البارزاني يسعون من خلال مبادراتهم الوطنية ومحاولاتهم الجدية في إيقاف عجلة السلطة في بغداد والتي تحمل في طياتها معالم الدكتاتورية. وما عملهم نحو صياغة بديل موضوعي للمالكي إلا دليل آخر عل? مشاركتهم الفعالة في بناء عراق فدرالي تعددي ملتزم بالدستور واتفاقية أربيل وجاد في تطبيق المادة 140، التي طال انتظار الشعب الكوردستاني لتنفيذها باعتبارها جزءاً من الحقوق الدستورية بفضحهم المنزع العنصري. ذلك المنزع الذي يعمل أصحابه بعقلية التمييز والفرز أو التطهير والتصفية من حيث العلاقة مع المختلف والآخر.

القيادة الكوردستانية تساهم بصورة ايجابية في الحفاظ عل? بنود الدستور وتحقيق التلاحم المجتمعي وإنهاء دوامة العنف في المشهد الس?اسي العراقي .

إن الاقتصار عل? الوصفات الجاهزة المجربة لا يقود العراق نحو بناء الدولة الحديثة ولا ال? الازدهار والفكر الطائفي العروبي لد? المسئول الأول في دولة القانون يولد أمراضه الخطيرة والفتاكة سواء اليوم أو في المستقبل القريب، لذا نتنبأ سقوط أوراق المالكي وذبولها في فصل الربيع السياسي.

و ختاماً نقول "من يتعامل مع الديمقراطية والفدرالية بعقل أحادي هو كمن يقوم بالجزم بعقل أصولي أقنومي، مآل عمله هو المزيد من الفوضى والفشل والإفلاس والخراب وتاريخ العراق القريب شاهد عل? ما نقوله."

 

د. سامان سوراني

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2108 الاربعاء  02 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم