أقلام حرة

نُلزِمُكم بِما ألزَمْتُم به أنْفُسَكُم / هيفاء الحسيني

تبقى محاطة باسرار لا يعرف طلاسمها المواطن الذي ينتظر مثل هذه اللقاءات بشغف، علّها تنقذ مايمكن انقاذه من دوامة الصراع والاحتراب السياسي الذي يقود البلاد الى منحدرات تاريخية خطيرة  .

فالمواطن يجهل ماآلت اليه الاتفاقات السابقة في اربيل مثلا، والتي يتمسك بعض السياسيين ببنودها، والشعب لا يعرف جميع هذه البنود ولا الاسباب التي ادت الى صياغتها بطرق مخالفة للدستور احيانا .

وفي الوقت الذي يطالب المواطن بكشف المستور في اتفاقية اربيل، تخرج اتفاقات ثانية مكملة للاتفاقات الاولى، مضاف اليها بنود جديدة، وباصرار اشد على عدم كشف محاورها، والاكتفاء بمؤتمر صحفي مقتضب يتحدث عن اللحمة والوحدة والوطنية واتفاق الاراء وما الى ذلك من العبارات الجاهزة التي تتكرر عقب كل لقاء على مستوى رؤساء الكتل السياسية .

ان سياسة التجهيل السياسي التي تمارسها بعض الاحزاب السياسية ضد المواطن العراقي هي سياسة صارت اليوم اشبه بمسرحية هزلية مكررة لن تضحك مجددا اكثر مما تبكي وتثير الشفقة . فالشعب هو ارادة السلطة ومن حقه ان يعرف الى اي اتجاه يأخذه السياسيون في لقاءاتهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم الدورية التي تؤسس لأزمات جديدة بسبب ضيق الافق وسعة الفجوة . 

وبعبارة مباشرة وواضحة فان الشعب يريد ان يعرف ويطّلع على كل التفاصيل التي تنتج الاتفاقات السياسية ليكون الحكم الفيصل فيها، ويتعرف عن كثب على من يسعى لخدمته وخدمة بلاده، وبين من يدور في فلك مصالحه الشخصية ومصالح قوى خارجية توفر له الدعم لتنفيذ اجنداتها ومصالحها .

الشعب يريد ان يعرف التفاصيل السابقة، وهو مصر على معرفة ماسيؤول اليه (اللقاء او الملتقى او الاجتماع او المؤتمر) الذي سيعقد في بغداد لقادة الكتل السياسية، بل هو اكثر اصرارا على معرفة التفاصيل الكاملة لهذا اللقاء، ليكون على اطلاع بكل مايجري من شأن يخصه هو وحده، ولا يخص آخرين خارج حدود الوطن .    

فالخلافات السياسية في اي تجربة ديمقراطية ظاهرة صحية . خاصة تلك التي ترافق التجارب الناشئة، ولعل مايميّز التجربة العراقية ان تلك الخلافات تنعكس بشكل خطير على الوضع الامني في الشارع، اضافة الى تصاعدها الى وتيرة تتعطل معها اغلب المشاريع الخدمية المتعلقة بحياة المواطن اليومية، هذا اذا استثنينا تعطل الكثير من مشاريع التنمية الستراتيجية التي تتطلب استقرارا امنيا وسياسيا واقتصاديا .

واذا كان السياسيون بحكم مسؤولياتهم ومواقعهم، يتمتعون بقدر كاف من الامتيازات الامنية والمادية مايدرأ عنهم المخاطر، فان المواطن البسيط الاعزل من هذه الامتيازات هو دائما ضحية الخلافات، والخاسر الاكبر من كل الصراعات الدائرة .

في حين ان هؤلاء السياسيين ماكان لهم ان ينعموا بهذه الامتيازات لولا ارادة هذا المواطن البسيط الذي اختار نواب البرلمان ليكونوا الصوت المدافع عن حقوقه المشروعة، والذي بموجبه اخذ كل من هؤلاء السياسيين موقعه في المسؤولية ليكون وفق المفهوم الديمقراطي اداة تنفيذية لمشاريع الخدمة العامة .

فالسياسي حين يقبل بالمسؤولية، فانه سيقع ضمن دائرة  الخدمة العامة حيث يسعى لتنفيذ واجباته التي اناطها له البرلمان مقابل اجر شهري يتقاضاه من ميزانية الدولة التي هي خزينة مال الشعب .

واذا كانت المناصب قد اغرت نفوس البعض او الكثير من السياسيين، وانستهم ماكانوا، وما يجب ان يكونوا عليه، فاننا هنا نستوقفهم ببعض مما تلهج به السنتهم، وما تردده حناجرهم، على منابر الخطابة الاعلامية، من حرص على ارواح ودماء وممتلكات وارزاق الناس .

ونلزمهم بما الزموا به انفسهم.   

ونستحلفهم :

ان يترفعوا عن مغانمهم ومكاسبهم الشخصية والحزبية .

وان يعملوا للعراق الواحد الكبير واهله الطيبين الاصلاء بغض النظر عن قومياتهم، ودياناتهم، ومذاهبهم، وتوجهاتهم الفكرية .

نستحلفهم :

ان يكونوا واضحين مع الشعب، ويخرجوا من قوقعة الاتفاقات السياسية في الغرف المظلمة، وان يكونوا في مصلحة العراق، وان يبتعدوا عن المصالح الضيقة لاحزابهم وكياناتهم،

نستحلفهم :

ان يكونوا لكل الشعب، وان يفوا بعهودهم ويحافظوا على كرامة هذا الشعب النقي الذي يستحق كل خير، ولا يستحق ماجرى ويجري له تحت عناوين مزيّفة، واباطيل، صارت لكثرتها مصدرا لتهكم الصغار قبل الكبار .

نستحلفهم :

بسيل الدماء الطاهرة الزكية من شهداء العراق البررة الابرياء .

بدموع الثكالى وصرخات اليتامى، الذين يفترشون الارض ويلتحفون السماء .

بطفل يتسول لقمة العيش على اطراف الطرقات .

بصبيّة حلّت ظفائرها واطلقت وجهها للشمس، علّها تعود بكسرة خبز، وحبّة دواء لوالدها الذي انهكته الحروب وقضّت مضجعه المفخخات .

نستحلفهم :

بمحمد صلى الله عليه وسلم وال بيته الطيبين الطاهرين، وعيسى ومريم العذراء الطاهرة .

نستحلفهم :

بفاطمة الزهراء البتول

والاّ :

فان عقاب الشعب قادم، على كل من خان الامانة، ونكث العهود .

نعم ستكون الكلمة للشعب الذي سيصلّح دفاتر السياسيين ويعطيهم نتيجة فشلهم في امتحان المسؤولية الذي وضعوا انفسهم فيه .

وصناديق الانتخابات المقبلة، ستقول كلمة مختلفة، ونتائجها ستكون مخيّبة لكل اولئك السياسيين اللذين اعمتهم مصالحهم وخلافاتهم الشخصية، عن رؤية مصلحة الشعب ومستقبل البلاد . والله من وراء القصد ..... 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2108 الاربعاء  02 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم