أقلام حرة

حمايات مشبوهة / امين يونس

من آلة القمع الدموية الصدامية، نجحوا تماماً، في التسلُل داخل أغلب مواقع السلطة في العراق الجديد ... وكان ذلك يفّسِر أحد الأسباب المُهمة للإنفلات الامني، والعمليات الإرهابية المتواصلة في بغداد والمُحافظات ... عندما قلنا ذلك مِراراً .. كانَ يُقال لنا .. بأنكم تُبالغون ولا داعي لإثارة الشكوك، حول وطنية ونزاهة الأجهزة الجديدة .. وليسَ من المعقول، أن الأمريكان منذ 2003، والحكومات العراقية المُتعاقبة .. قد أعادوا عناصر مشبوهة الى الخدمة، ولا ان يُناط بِمَنْ أياديهِ مُلّطخة بِدماء العراقيين .. مسؤوليات مهمة في العراق الجديد . بينما في الواقع، فأن كافة أحزاب الأسلام السياسي بِشقَيها، والاحزاب القومية .. سارعتْ منذ البداية، ومن أجل غايات إنتخابية، الى ضَم العديد من منتسبي الأمن والمخابرات والاستخبارات وفدائيي صدام، وكبار ضباط الشرطة والجيش .. دون تمحيصٍ كافٍ ولا تدقيقٍ في خلفياتهم وتأريخهم ... هذا بالنسبة الى الأحزاب القديمة التي جاءتْ مع المحتل الأمريكي . أما الأحزاب والحركات التي تشكلتْ بعد 2003 .. مثل التيار الصدري وحزب الفضيلة الأسلامي وحركة التوافق بمختلف أطرافها والاحزاب والحركات في المحافظات ولا سيما في المحافظات " السنية " إذا جاز التعبير ".. فأن أغلبية المنضوين تحتها، هُم من البعثيين السابقين وضباط ومراتب الاجهزة الامنية السابقة ... ومن الطبيعي ان يحدث ذلك، إذ ان النظام الفاشي السابق، عمدَ الى تنظيم كُل مَن وقع تحت يده، بالترغيب والترهيب، وزّجه في تنظيماته المختلفة والعديدة .. [ وحين أتهمُ الاحزاب والحركات، بأنها ضّمتْ البعثيين، فلا أعني، بذلك، الناس العاديين الذين أُجبِروا على الإنضمام للبعث ولم يقترفوا ما يضر بالشعب " وهؤلاء هم الأكثرية من البعثيين " .. بل أعني بالتحديد، الذين مارسوا تعذيب المعتقلين، والوشاة والمُخبرين، والضباط الكبار الذين أصدروا أوامر القتل، أو نفذوا تلك الأوامر .. أي ببساطة، المُلطخة أيديهم بدماء الأبرياء .

حين يصل الأمر، ان تكون [ حمايات ] مسؤول بحجم نائب رئيس جمهورية .. وكان قبلها رئيسا للحزب الاسلامي العراقي وأحد قواد التوافق .. ثم شكل حركة " تجديد " وحصل على أصوات كثيرة في إنتخابات 2010 .. أن تكون حمايته مُتورطة بأعمال إرهابية صرفة وتفجيرات وإغتيالات راح ضحيتها قُضاة ومواطنون أبرياء.. فأن ذلك مؤشرٌ خطير ... وكما يبدو ان الأمر، أكبر من أن يكون مُفتعَلاً أو مُفبركاً .

وقبل يومَين، اُلقِيَ القبض أيضاً، على خمسة من [حمايات] رئيس مجلس النواب الأسبق، محمود المشهداني، من ضمنهم زوج أبنته .. وإعترفوا بقيامهم بتفجيرات إرهابية متعددة ! .. وعلى " إفتراض " ان المشهداني شخصياً، لم يكن على علمٍ، بما يقترفه بعض أفراد حمايته وزوج أبنته " الذي يشغل منصب معاون مدير عام في مجلس النواب العراقي " ... إلا يتحّمَل مسؤولية أخلاقية كبيرة، من جراء إهماله وتقاعسه، في إختيار عناصر مشبوهة في حماياته ؟ .

المصيبة الكبرى .. ان هذه " الظاهرة " كما يبدو، لاتقتصر على حمايات الهاشمي والمشهداني وعدنان الدليمي " ومدى علم هذه الشخصيات ومدى ضلوعهم وتورطهم شخصيا في هذه الأفعال الإجرامية " ... وهل هي مُجرد مُصادفة، ان يكون هؤلاء الثلاثة من مُكّون واحد، ومن قائمة سابقة وهي التوافق، ومن ثم بعدها " العراقية " ؟ وهل ان [حمايات] القادة الآخرين من المكون الآخر، أي من الشيعة، وحتى حمايات الزعماء القوميين .. نظيفة ونزيهة وخالية من العناصر المجرمة التي تقوم بعمليات إرهابية وإغتيالات؟ .. منطقياً انه لاتخلو هذه الحمايات، من المُندسين والمُخترِقين والمستعدين للقيام بأفعالٍ بشِعة .. لأنه ببساطة : الآليات التي تّمَ بموجبها، إختيار هذه الحمايات، لم تكن على اُسُسٍ صحيحة، ولا مواصفات دقيقة .. بل إعتمدتْ على القرابة والوساطة والعشائرية والمذهبية والمناطقية والحزبية .

ان العديد من " حمايات " المسؤولين والقادة الكِبار .. تُمارس أفعال إجرامية وتحمي الفساد وتحمي الفوضى في البلد .. فإذا لم يكن هؤلاء القادة على علمٍ بما تقوم به حماياتهم .. فتلك مُصيبة .. وإذا كانوا يعرفون .. فالمُصيبة أعظم ! .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2110 الجمعة  04 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم