أقلام حرة

لقد هزُلت يازعيم / مسلم السرداح

-            يابني في المستقبل ستصير اما ثورا او دكتورا .

ولا ادري ماهو مقدار التشابه بين الثور والدكتور فكلاهما ينتهي بواو وراء ولكن هناك اختلاف كبير فالثور يوصف بالضخامة والغباء والدكتور بالوسامة والذكاء . والثور من احط المراحل بالصبر وتحمل اعباء الحياة وظلم الانسان والدكتور في العراق صار ماشاء الله هو من يقود الناس الى بر الامان .

وقبلا في ايام الدكتاتور الذي اطلقوا عليه برضاه وتشجيع وايحاء منه – بالتاكيد - لقب القائد الضرورة . في تلك الايام كنا نتمنى ونتحسر نحن المثقفين على ان لااحد من وزراء النظام او رفاق الحزب الحاكم يمتلك لقب دكتور ذلك اننا كنا نرى ان هذا اللقب يمثل شيئا كبيرا يشبه الى حد بعيد كلمة سر علي بابا – افتح يا سمسم – التي تنفتح لها كل كنوز الدنيا .

في ذلك الوقت كان كل رفاق درب الرئيس هم من الضباط الصف ومراتب الجيش والشرطة او من سعاة البريد الذين قلدهم اعلى الرتب العسكرية . وقد يستثنى من ذلك البعض وعلى راسهم نائب الرئيس عزت الدوري الذي كان يبيع الثلج .

وكنا نعزو ذلك الى ان الرفاق لم يكونوا يحملوا شهادات علمية . وان من لايحمل شهادة علمية لايستطيع ان ينتحل تلك الصفة العميقة . لان الشهادة ليست رتبة عسكرية تمنح بمرسوم جمهوري . ولقد كنا مساكين حقا اذ كنا نعتقد ذلك فالسيد الرئيس كان يسوق بعصا الدكتاتورية من يشاء حتى لو كان هؤلاء هم رؤساء الجامعات ومديري  دوائر التسجيل في الجامعات والعاملين فيها . ولكن يبدو انه لم يكن يريد ان يعطي أي اهمية للشهادة كما للرتب العسكرية لان لديه مناعة وكره ضد كل ما يتصل بالعقل والتفكير والشهادة والعلم .

ولقد امتلك السيد الرئيس من بين قلائل في العالم اكثرهم من العرب طبعا اعلى رتبة في العالم وهي رتبة المهيب وامتلك شهادات الدكتوراه الشرف ولكن لم يكن يهمه هذا الامر كما قلنا . ولم يكن يهم الرفاق هذا الامر ماعدا عبد حمود وغيره قليل . ولو كان يهمهم ذلك لاشتروها بثمن بخس ولوضع كل واحد منهم حرف دي امام اسمه .

وكل هذا من غرائب الامور وعجيب القضايا . ذلك ان السيد الرئيس قد حشر انفه بكل شيء تافه حتى العشائر التي قسمها الى علوية وعامية وجعل عقوبة انتحال الانتماء للعشيرة العلوية سبع سنين وللعشائر الاخرى ثلاث سنين فقط من السجن . واعتبر نفسه علويّا للصميم . هذا اضافة الى انه جعل لنفسه 99 لقبا يضاهي بها اسماء الله الحسنى وجعل لنفسه وليا واتباع ومريدين هو عزت الدوري وباقي الرفاق - كعادة الانبياء - . وجعل تاريخه شبيها بصلاح الدين الايوبي مع اضافة 800 سنة هي الفرق بين زمانيهما .

وكان عندي صديق عزيز دكتوراه في علم الكيمياء اتفق ان تواعدت معه للشرب في احد النوادي فجئت بسيارتي البرازيلي الزرقاء – الحديثة انذاك موديل 87 - ، وجاء هو بدراجته الهوائية ( البايسكل ) حتى اخجلني وضع الشهادة في العراق ولم اتمن ان امتلك شهادة اعلى من البكلوريوس التي ندمت عليها هي الاخرى ( اقسم بشرفي ).

كان ذلك في العام 1989 م .

وحين سقط نظام الحكم الدكتاتوري . قالت الايام لنا اسكتوا فقد جاءكم عصر فجر السلالات حاملا معه شهادات الدكتوراه بكل انواعها الفلسفية والعلمية والبروف وووو حتى صار كل الوزراء والبرلمانيين والمستشارين والقادة العسكرين وكل الرفاق والمناضلين وعلماء الدين وشيوخ العشائر - من لابسي العقال والجراوية والعمائم بكل انواعها – والفنانين ورفاق الامس ورفاق اليوم ، هم من حملة الدكتوراه . وصار احترام من لايحمل هذا اللقب اقل شانا حتى في المواقع الالكترونية – اكتبوا هذا رجاء -. فمهما يكون حجم ابداعك يتقدمك الدكتور ولو جئت من سبا بنبا . ولكي لايزعل اخوتنا محرروا الفضائيات اسوق  لهم هذا الخبر :

في احدى اللقاءات الفضائية مع الشاعر العملاق السوري الجنسية محمد الماغوط قبل موته قال لم ينشروا له في أي مكان حتى بدا يكتب امام اسمه الدكتور !!

هذه المقدمة اردت من خلالها ان اسوق لكم حجم الدمار الذي نعانيه نحن في العراق واليكم بعض الامثلة :

1-   احد الوزراء وكان وزيرا للتعليم العالي رفع امتحان الكفاءة في مادة اللغة الانكليزية ليفسح الطريق للمحروس ابن اخيه الله يعلي سعوده ، الضعيف في المادة المذكورة للقبول في الدراسات العليا .

2-   وزير سابق وهو دكتور ايضا سالوا مستشاره من اين حصل على الدكتوراه ؟ من الهند . اجاب . وهل يتكلم الانكليزية ؟ لا . وهل يتكلم الهندية ؟ لا . انه لايتكلم سوى العربية  . كان هذا لقاءا في اذاعة سوى .

3-   احد الوزراء الكبار جدا  قال ان والده كان يشرب الخمرة لغاية موته وحين قالوا له انه سيدخل النار . قال لهم كلا ان الشيعة لايدخلون النار بشفاعة . وهذا الوزير له الان شان كبير في ماساتنا والذكي يفهم . وسمعت اللقاء معه في اذاعة العراق الحر ايام النظام البائد . وهو وجماعته يحرمون على البؤساء الخمر الان في العراق .

4-       هناك تصريحات لساستنا وهم كلهم تقريبا من حملة الدكتوراه بامتياز تتناقض مع ماهو حاصل في الواقع فهل ياترى هم من شاربي المنكر ام لان اعمال السلب والنهب تجعلهم في شغل شاغل ؟

5-   انا اسال فقط !! هذا اضافة الى من سرق ونهب من لقمة العراقيين وهرب مثل د.كريم وحيد ود.فلاح السوداني والدايني والموغل في دماء العراقيين الدكتور الهاشمي وووووو وغيرهم من الصفقاء الذين لايخجلون والذين ينطبق عليهم المثل المصري – اللي اختشو ماتوا - .

قبل ان اختم مقالتي اسوق هذه الطرفة - وما اكثر الطرف العربية - :

يحكى ان بدويا فقيرا ، كانت عنده نعجة سمينة مربربة نظيفة لايملك غيرها من حطام الدنيا . حتى شاع خبره في البلاد .

بعد فترة من الزمن ، جاءه من يسال عنه وعن اخبار نعجته فقال البدوي :

لقد هَزُلتْ حتى بدا من هزالها

كلاها وحتى سامها كلّ مفلس

 

فذهبت مثلا .....

 

نعم لقد هزلت يازعيم ..... يا عبد الكريم قاسم يا شريف هذا الشعب ايها الساكن في القلوب بلا القاب .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2110 الجمعة  04 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم