أقلام حرة

إلى دراويش مسيلمة الكذاب .. مصر يحرسها الله وشيخ الكاذبين لن يكون رئيسا عليها لا طواعية ولا كراهية

 

قاتل الله الملتحين المنافقين المتاجرين بالدين باسم "الدينوقراطية"؛ هم أعداء الإسلام ومصدر البلاء والفتنة، لأن الطغاة الذين تسلطوا على رقابنا لعقود حاربوا التعليم ونشروا الجهل والأمية، وحين سقطوا انتشر المتأسلمون كالفطريات المعدية ينفثون خرافاتهم في عقول فارغة و بطون خاوية...

قبل صدور قرار لجنة الرئاسة، خرجت مسيرات حاشدة للاعتراض على جنسية والدته تحت شعار "الإسلام خط احمر!" و ما دخل الإسلام في امرأة طلبت الجنسية الأمريكية منذ سنوات وحصلت عليها قبل وفاتها؟ لكن رد دراويشه مجهز سلفا: "لا يستعصى و لا يغلب على أمريكا أن تصنع جنسية مفبركة و مؤامرة محبوكة الخيوط و صفقة مشبوهة ضد المشروع الإسلامي الذي نادى به حازم أبو إسماعيل"!! و كأن أمريكا متفرغة لأبي إسماعيل حتى تُزَوِر? منذ سنة 2006 جواز سفر يحمل اسم والدته. و رغم أني مؤمنة حتى النخاع بنظرية المؤامرة إلا أن قصة هذا الأفاق لا تسمى إلا مهاترة. كما أن الأمر لا علاقة له بحملة مضللة يروج لها الإعلام الكافر المأجور (كما يسعى لإيهام دراويشه)، بل هي وثائق رسمية. ثم أي خطر قد يشكله محام مغمور-لم نسمع به سوى بعد تنحي مبارك- على أمريكا و الكيان الصهيوني حتى يتآمروا رفقة المجلس العسكري للإطاحة به؟

منذ اندلاع قضية الجنسية و أبو إسماعيل يطالب الجميع بالإثبات وتقديم المستندات و حين يحصل له ذلك يطعن في صحتها، وماذا عنه؟ عوض الاعتذار لمصر عن كذبه و تدليسه، ما يزال يتخذ موقع المهاجم و الطاعن على كل الجهات، حاشدا المغفلين حوله تحت شعار "مؤامرة على  الشريعة الإسلامية"، دون أن يكلف نفسه عناء تقديم ما يثبت صحة ادعاءه. وحربه ضد أعداء الإسلام ليست في الحقيقة سوى معركة دونكيشوتية كلامية يصدقها المغيبون. انه غرور القوة التي يمنحها الإسلام لمدعيه، فيتمادى دون أن يهتم باهتزاز صورته أمام الرأي العام، ما دامت الصورة المطبوعة في أذهان العوام (الأغلبية) انه رجل يعرف الله و يقرأ القران. من هذا المنطلق، يشترط أبو إسماعيل جواز سفر أمريكي بختم النسر المصري للاعتراف بصحته!

ويتمادى فيحذر لجنة الانتخابات الرئاسية من استخدام مستندات صادرة من الولايات المتحدة تثبت حصول والدته على الجنسية، قائلا: "احذر لجنة الانتخابات الرئاسية تحذيرا شديدا من استخدام مستندات لا قيمة لها بهذه الصورة، خصوصا بعد أن وصفها حكم المحكمة بأنها لا قيمة لها، لذا فإنني أحذر من الاستناد إليها تحديا لحكم القضاء و تحديا لوقفة الشعب المثوبة." وقد نجح في إقناع أتباعه بأن أمريكا سترسل مستندا مزورا في اللحظات الأخيرة لتحول دون ترشحه. الخارجية الأمريكية و الخارجية المصرية و الداخلية (الجوازات و الهجرة) و اللجنة الرئاسية العليا أعلنوا جميعا عن حصول والدة حازم على الجنسية الأمريكية، فماذا يريد أبو إسماعيل بعد ذلك؟ وبأي حق يجرأ على القول أن كل الأدلة والبراهين هي محض افتراء من أعداء الإسلام؟ هات برهانك يا شيخ إن كنت صادقا. وأخبرنا أي جهة ترتضي بحكمها أيها المعصوم عن الخطأ؟ انك كاذب كاذب كاذب وعار على الإسلام، فأفيقوا يا بني أبا إسماعيل ورفقا بمصر العزيزة.

الكل يكذب ويزور وهو الصادق الوحيد. انه الدجال (دجال الربيع) يجمع الجهلة حوله و يتخبط كالذي يتخبطه الشيطان من المس، يهدد بعواقب وخيمة، بحرق البلد وجعلها نارا و زلزالا. وهذا الذي لا يعترف بوزارتي الداخلية والخارجية كيف له أن يرأس البلد؟ إن سلوكه المشين لا يصدر سوى عن جاهل أرعن متعصب يُس?يِرُ رؤوسا فارغة وعيونا مغلقة تغطي وجوهها بقناع مرسوم عليه صورة أبو إسماعيل؛ فانديتا سلفي!! و المثير للحزن والسخط في آن واحد أن شريحة لا بأس بها من المصريين والعرب لا يريدون تصديق أن أبا إسماعيل قد يزل ويخطأ ويكذب. و لا أدري على أي أساس عقلي يعتمدون، فحججه كلها واهية. يسأل كيف يعقل للخارجية الأمريكية أن تجيب نظيرتها المصرية في ظرف أربع أيام لا غير؟! ألا يعرف شيئا عن التكنولوجيا المتطورة والايميل أم انه يحسب أن رد الخارجية الأمريكية سيحمله الطير الزاجل؟ يصف كلينتون –الذي لم يكن يوما مزارعا- بالفلاح ولا يفرق بينه وكارتر ويحسبه صانع كامب ديفيد! ولا يكف عن الادعاء أن المستندات مزورة وبلا توقيع ولا أختام، جاهلا أن الأوراق الرسمية الصادرة من أمريكا لا يعقل أن تحمل ختم النسر الخاص بمصر!!

وبدل إتباع الطرق الملتوية والدفاع عن كذبه بمهاجمة الآخرين، لماذا لا يخرج إذا جواز سفر أمه المصري وعليه أختام دخول وخروج مصر بختم شعار الجمهورية الذي يهواه؟ و أي نوع من المحامين هذا الذي لا يقر بسيادة القانون و يرمي القضاة جزافا بالفساد والرشوة؟ ألهذا الحد يذهب بالعقل في الطريق إلى السلطة؟ و والله إن السلطة لأشد المسكرات المذهبات للعقل.

أما أنصاره الذين حرموا على أنفسهم نعمة التفكير و استعمال العقل، فيطالبون بتنحي اللجنة العليا للرئاسة وعودة أبي إسماعيل. ولكن ماداموا لا يعترفون بالسلطة القضائية و لا بحكم القانون، فلماذا إذا لا يعلنون الانشقاق و إقامة جمهورية الدجال أبي إسماعيل و ينصبونه رئيسا أو واليا بالقوة، دون اعتبار الإجراءات القانونية التي لا يعترفون بصحتها و دون إجراء انتخابات يريدون تقرير نتائجها مسبقا؟ ألم يرو احد شيوخ حملته عن المنام الذي رأى فيه الرسول –صلى الله عليه وسلم- يبارك رئاسة حازم لمصر؟!

وتطالب منصة "حازمون" بأن يعلن الذين وضعوا المادة 28 من الإعلان الدستوري أنهم اخطئوا عندما وضعوا هذه المادة! ولكن ألم يبارك السلفيون التصويت لصالح إعلان السلمي وشبهوا ذلك بالغزوة الكبرى، وحثوا الناس أن يقولوا نعم ليدخلوا الجنة؟

الآن يعترضون على مواد الإعلان الدستوري وهم الذين أمروا الشعب بالخروج للتصويت بتأجيل وضع الدستور والتعجيل بالانتخابات التشريعية، وإلا ستلغى المادة الثانية من الدستور وتتحول مصر إلى دولة علمانية ليبرالية كافرة و ترمى في نار جهنم وبئس المصير.

جنت على نفسها براقش. واليوم يحصد التيار الاسلاموي ما زرع منذ مارس 2011؛ حمى كراسي البرلمان أعمت بصيرته وذهبت بلبه. طمعه للفوز السريع القصير الأمد جعله يغفل عن أهم استحقاق وهو الرئاسة، ولهثه لافتكاك اكبر عدد من مقاعد الشعب والشورى أنساه أن بلادا بلا دستور هي أشبه بسفينة مخرومة القاعدة مرمية في وسط البحر تتجاذبها الأمواج العاتية.

قصر نظر الإسلاميين قد يصد في وجههم الوصول إلى حكم مصر، أما الجيش فرمى "الديمقراطية" للشارع عن طريق الاستفتاء والشعب تلقفها وقال نعم للانتخابات، جاهلا أن ما بني على إعلان دستوري إخوانو-عسكري ومبادئ حاكمة، فهو باطل باطل.

وحين يصل الإسلامويون إلى غاياتهم، ينقلبون على الوسائل التي أوصلتهم في ميكيافلية دينوقراطية كشف عن بشاعتها ربيع اسود. فالشيخ الذي حرم البيبسي، أمه أمريكية وأخته وأسرتها ينعمون برغد العيش في أمريكا. ولكن لأنه مدعوم ببعض الأتباع الدراويش ولأن هذه الثورات الماسونية الإعداد نجحت في إسقاط مركزية وسيادة الدول العربية، فإما أن تسقط الجنسية الأمريكية عن والدة حازم وإما ميدان التحرير وبحور الدماء.

اعتقد طوال الوقت انه لن تأتي للجنة الرئاسية جرأة تحديه ومصادمته، ولم يصدق أنها قد تقدم على طرده من السباق، فنقل ساحة الجهاد إلى العباسية مقر وزارة الدفاع. حشد الناس هناك و انسحب هو من التحرير بذريعة إصابته بجزع في قدمه اليسرى. يعتذر أبو إسماعيل لأنصاره عن ضيق الوقت الذي حال دون "إثبات كذب اللجنة" ويدعوهم إلى الاحتشاد "إننا مصرون إلى العودة للحراسة الشعبية وهي ما تفعلونه الآن (الاعتصام) فهي سنة الله"! وبينما هو حر طليق في مأمن من الخطر، يدعو الجهلة من أتباعه إلى الحشد المستمر حتى في العطل.

ولأن حركة6ابريل تتواجد حيثما وجدت الفوضى، فقد انضم علاء عبد الفتاح إلى اعتصام العباسية واعتلى منصة حازمون، وهكذا أصبح الأناركي الأول المتهم بالإلحاد والشذوذ الجنسي خطيب السلفيين! و لا يتحرج حسام البخاري –المتحدث باسم التيار الإسلامي العام- عن التصريح بان التظاهر أمام وزارة الدفاع هو "اعتصام سلمي حضاري"! ماذا يفعل النساء والأطفال والشباب أمام مؤسسة حيوية في حجم وزارة الدفاع المصرية؟ مالذي أخرج المتظاهرين من ميدان التحرير وكيف يجرؤون على الاعتصام أمام مؤسسة الدفاع ورشقها بالحجارة واستفزاز العسكر، وحين يرد الجند تتعالى الصيحات عن حقوق الشهداء! أهذه هي الديمقراطية التي أتى بها الربيع؛ إهانة المؤسسة العسكرية ثم الاحتماء بحقوق الإنسان؟ في الوقت نفسه، يستدعي الكيان الصهيوني جند الاحتياط ويحشدهم على حدود سوريا و مصر، وهو ربما يعد العدة لإعادة الاستيلاء على سيناء في ظل انشغال الجيش المصري بترقب ما ستفسر عنه معركة ميدان العباسية.

ولو أن مجموعة من الأمريكان تجمهروا قرب البنتاغون لتم فتح النار دون انتظار صدور الأوامر حماية للأمن القومي وللصورة الرمزية للجهاز العسكري التي لا يجب أن تمس أو تهتز، ولتم على الفور قتل المتجمهرين وتحويل الناجين إلى محاكم عسكرية بتهمة الإخلال بالأمن القومي الأمريكي وتهديد مقر وزارة الدفاع. أما العبث الحاصل في مصر فلا تفسير له سوى أن يدي طنطاوي و المجلس العسكري مرتعشة عاجزة عن حماية المنشآت الإستراتيجية المصرية. أين قوات الصاعقة التي تأكل الثعابين لتطهر ميدان العباسية من هذا الرجس المسمى معتصمين وثوار يعبثون بكرامة مصر؟ إن كان المجلس العسكري يتهاون في الدفاع عن المؤسسات السيادية خوفا من رد فعل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان فهو ليس جديرا بالبقاء ولو لدقيقة أخرى على رأس الدولة. وحتى لو كان المجلس العسكري متورطا في إرسال البلطجية لضرب المعتصمين ليؤدبهم دون أن يظهر في الصورة، فان الخطأ يعود على الذي دعا للاعتصام أمام وزارة الدفاع وعلى الذي انساق للدعوى دون وعي أو تمييز. وان كان المجلس العسكري يعتمد على مجرمين لفرض الأمن، فالأولى به ترك مصر وإدارة تنظيم عصابي مافياوي.

إن وزارة الدفاع هي خط احمر والقوات المسلحة (رغم كل مساوئ المجلس العسكري) هي حصن الأمان الأخير الذي لا يجب أن يمس. وإن الحرية تتوقف عند حدود هيبة الدولة، والحديث عن اشتباكات في محيط وزارة الدفاع بين معتصمين وقوات الجيش هو عار وسقوط حر لمصر باعتبارها اكبر الدول العربية. ومهاجمة مؤسسات الدولة الحساسة لا يعتبر سوى تدني سياسي لا يمارسه سوى العرب اللاهثون لتحطيم دولهم، فالديمقراطية مسؤولية والحرية مسؤولية.

وما يدعو للسخط أن المجلس العسكري مازال يصر على حياده وبروده المستفز، ومازال يدعو القوى السياسية للتناقش وشرب الشاي. لمصلحة من يتآمر طنطاوي على كرامة وسيادة مصر؟ لماذا لا يفض الجيش مهزلة ميدان العباسية المستمرة منذ أيام بالقوة؟ ولماذا لا يصدر المجلس العسكري أمرا باعتقال حازم صلاح أبو إسماعيل باعتباره محرضا على الإخلال بالأمن القومي المصري بدعوة أنصاره لمهاجمة وزارة الدفاع، بالإضافة إلى التهم التالية: الكذب وتضليل الرأي العام/ إهانة السلطات القضائية وتهديدها/ النصب والاحتيال والتزوير وتقديم معلومات خاطئة للجنة العليا لانتخابات الرئاسة.

وهل يعقل أن رئيس مصر المحتمل تعلق بذمته كل هذه الشبهات؟ فهو ليس بارا بمصر ولا بوالدته، وكان الأجدر به أن ينسحب لحفظ سمعة والدته المتوفاة والتي أصبحت سيرتها كالعلك تلوكه الألسنة ومصدرا للنكات. فهو لم يحفظ كرامة وسمعة أمه التي حملته وهنا على وهن ولم يتق الله في مصر التي كانت سببا في شهرته. أهذا هو المشروع الإسلامي الذي يدعو إليه؛ إثارة النعرات والفتن، استباحة الدم والعرض المصريين، التمرد على الأحكام القضائية، وإشعال فتيل حرب أهلية؟ لأنه يعلم أن الانسحاب المشرف فات أوانه و الخروج الآمن أضحى مستحيلا، فيسعى لخلط الأوراق والزج بالبلاد في صراع قد يأتي على الأخضر واليابس. فإذا عم الخراب، نسي الناس سبب الأزمة (كذبه بشان ازدواج جنسية والدته).

وأخيرا،

إلى المجلس العسكري: إما أن تحكموا بيد من حديد وإما أن ترحلوا...

إلى دراويش الكذاب: أفحكم الجاهلية يبغون؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون...

إلى المهدي الدجال: وكما تكونوا يولى عليكم. وان لم تستح فافعل ما شئت...

 

بقلم: إيناس نجلاوي- خنشلة

أستاذة جامعية بجامعة تبسة- الجزائر

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2110 الجمعة  04 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم