أقلام حرة

هل ستجري إنتخابات مجالس المحافظات في موعدها؟ / امين يونس

وهل ستواكبها في نفس الوقت، إنتخابات مجلس محافظة كركوك؟ هذه الأسئلة مطروحة بِقُوة على الساحة الكردستانية والعراقية عموماَ . والجواب، ليسَ كما يبدو للوهلة الاولى، بسيطاً وسهلاً ... فالإنتخابات المعنِية، تأتي في ظروف بالغة التعقيد .. والسنة الأخيرة شهدتْ أحداثاً كثيرة، خلطتْ الأوراق خلطاً .. بحيث يتعذر، التكهُن بِدِقة بما سوف يجري في المرحلة القادمة . لأن إنتخابات الأقليم، ليستْ بِمعزلٍ عن تأثيرات العلاقة مع بغداد ومع الأطراف السياسية في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك، من ناحية .. ومن ناحية اُخرى، التغيرات التي حصلتْ على الأرض، بالنسبة لأحجام الأحزاب السياسية الكردستانية في داخل الاقليم وآفاق إصطفافاتها الحالية والمستقبلية .

- رغم محاولات إخفاء " الإختلافات " في المواقف، بين طَرَفَي التحالف الإستراتيجي، أي الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني .. فلقد ظهرتْ بوادرها، في مُناسبات عديدة .. [علماً أنني نشرت مقالاً بعد الإنتخابات في الأقليم وحصول حركة التغيير على 25 مقعداً في برلمان كردستان، وتدني عدد نواب الإتحاد الوطني مُقارنة مع نواب الحزب الديمقراطي في مجلس النواب في بغداد في إنتخابات 2010، حيث ذكرتُ ان التوازن قد إختلَ بين الحزبَين، وليسَ من المنطقي، ان يستمر توزيع النفوذ بينهما حسب المعايير السابقة] . وفعلاً هنالك ملامح، اليوم .. على شكلٍ آخر من تقسيم السلطة .. أبرز عناصره في رأيي، هو " إنكماش " دَور الإتحاد الوطني الكردستاني !. والملمحُ الآخر، هو التبّدُل الواضح في تعاطي القوى السياسية العراقية، مع " حركة التغيير " .. حيث تكثفتْ الزيارات الى مقر الحركة والإجتماعات مع " نوشيروان مصطفى " .. فقبل سنتَين، لم يكن احد يأخذ " التغيير " على مَحمَل الجد .. بينما خلال الثلاثة أشهر الماضية فقط، تقاطرتْ الوفود الى السليمانية من اجل الإلتقاء مع قادة الحركة .. فمن احمد الجلبي مُكّلفاً من المالكي، الى اياد علاوي، وعمار الحكيم، وسفراء العديد من الدول الاجنبية ..الى جانب الإجتماعات مع رئيس الاقليم ورئيس الجمهورية لمرات عديدة . كُل ذلك تأكيدٌ على صلابة عود حركة التغيير وعلامة على ان دورها سيكون فاعلاً في المرحلة القادمة ! .

- أعتقد، ان الحزب الديمقراطي الكردستاني، أيضاً يمُرُ بأزمةٍ جدية منذ سنين ... فلا يكفي القول، بأننا في اقليم كردستان، غير مَعنِيين بِما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ...الخ [ على الرغم من النتائج المُخيبة للآمال، لِحد الان، على الأقل في مصر وليبيا].. ولا يجوز التغاضي عن المظاهرات والإعتصامات التي حدثتْ في السليمانية وغيرها في 2011 وما رافقها من عُنف وضحايا .. كما ان أحداث زاخو ودهوك وحرق مقرات الإتحاد الاسلامي، ليست سهواً أو كتابة خاطئة، يمكن مسحها ببساطة ! .. إضافةً الى التململ لدى العديد من قواعد الحزب، والإستياء الواضح، من الفساد وإستغلال السلطة وسوء توزيع الثروات . والأزمة الحقيقية في إعتقادي، التي تعصف بالحزب الديمقراطي الكردستاني .. هي البون الشاسع، بين الشعارات والواقع . فمثلاً " نوشيروان مصطفى " لايستطيع زيارة دهوك والتجول فيها [إذا قّررَ الحزب الديمقراطي ان يسبب له الإحراجات والمشاكل، من خلال تحريض شباب الحزب المندفع، لرشقه بالطماطة الفاسدة وحتى الحجارة] .. وبالمُقابل، ليس بإمكان السيد " مسعود البارزاني " التجول بِحُرِية في السليمانية .. [إذا قّررَتْ حركة كوران ذلك !] . والفرق بين الشخصيتين، هو ان البارزاني، هو (رئيس الأقليم) ومن خلال إنتخابات، حصل فيها على اكثر من 69% من أصوات الناخبين .. لكنه في نفس الوقت، لا يملك نفوذاً حقيقياً على معظم منطقة السليمانية .. الى جانب، انه لم يفلح لِحد اليوم، في فَرض [لغة] مُوّحدة على كل أجزاء الأقليم، ولا توحيد الإدارة بصورةٍ فعلية ... فبناءً على كُل ذلك .. لا تتوفر اليوم في رأيي، الأرضية المناسبة، لتحقيق آمال الشعب الكردي في المطالبة بدولةٍ مُستقلة . إذ ينبغي أولاً ترتيب الوضع الداخلي الكردي، وتذليل العقبات وحل المشاكل الداخلية ... وبعد ذلك سيكون سهلاً ومنطقياً، طلب تقرير المصير .

- الإتحاد الوطني الكردستاني .. يستطيع كما يفعل الآن، لملمة ما تبقى له من إمكانيات، وتركيزها للمحافظة على حصته من السلطة والنفوذ والإمتيازات .. لكنني أعتقد بان نجاح ذلك مرهونٌ بتواجد السيد " جلال الطالباني " على الساحة السياسية .. إذ بِمُجرد " غيابه " لأي سبب .. فأن الإتحاد الوطني الحالي، سوف يتلاشى سريعاً .. والكثير من أعضاءه سينظمون الى " حركة التغيير "، والقِلة الباقية سيشكلون أحزاباً وحركات مناطقية ... أعتقد ان إنتهاء مُدة الحكومة الحالية في بغداد، وبالتالي نهاية خدمة السيد جلال الطالباني، كرئيسٍ للجمهورية .. ستكون نهاية منطقية، لِدَورهِ السياسي أيضاً .. ومن ثم البدء الفعلي في تفكك " الإتحاد " !.

- أرى ان التحالف، بين " حركة التغيير " من جهة، والإتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية، من جهةٍ اُخرى .. لايمكن ان يستمر الى ما لانهاية .. ورغم التوجهات البراغماتية، لنوشيروان مصطفى وحركته .. فلا بُد ان تصل الامور خلال السنتَين القادمتَين، الى نقطة، تتقاطع فيها الروئ، بين التغيير والحزبَين الإسلاميين ... فأما أن تتخلى حركة التغيير، عن طابعها الليبرالي المنفتح " وذلك إنتحار سياسي، لأن نسبة مهمة من مؤيديها هم من الشباب المتحرر "، وتبقى متحالفة مع الاسلاميين وتقبل بشروطهم ... وأما ان تتخلى عن حليفَيها الحاليَين، وفي ذلك أيضاً بعض الخسائر .

................................

عموماً .. أرى ان هنالك إحتمالات قوية لتأجيل إنتخابات مجالس المحافظات في اقليم كردستان، حسب الوضع الراهن في الأقليم وفي العراق عموماَ ... إلا إذا نجحتْ القوى السياسية العراقية خلال الشهرَين القادمَين، في حل المشاكل المستعصية، والتوصل الى صِيَغ مناسبة للتعايش والإتفاق على المُشترِكات ... وذلك إحتمالٌ ضعيف .


 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2111 السبت  05 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم