أقلام حرة

المخيّلة الاستبدادية المتبقية وصناعة فلسفة العنف في العراق الفدرالي الديمقراطي

بين السيد مسعود بارزاني، رئيس اقليم كوردستان، ورئيس الحكومة الفدرالية. إنها مشكلة المنطق الكوردستاني المعاصر مع محاولات السيد نوري المالكي بفكره الاحادي المغلق لقيادة العراق نحو نظام شمولي يهيمن عل? مختلف مناحي الحياة بفقه دغمائي ثبوتي وبعقلية اصطفائية نرجسية.

إن الذين يمارسون الوكالة عل? القيم العامة وعل? القضايا والحقوق، هم الذين يعملون عل? تلغيمها وتدميرها بعقليتهم النخبوية الفوقية التي تقوم عل? احتقار الآخرين بوصفهم قاصرين أو جهلة واعتبار أنفسهم يقومون بدور نبويّ، يتصرفون بوصفهم أول? من الناس بأنفسهم، أي بوصفهم المصطف?، الأحق والأصدق والأفضل. هؤلاء لا يريدون تحرير المجتمع وإنما يريدون حشود عمياء وأناساً يصفقون لهم ويقفون منهم موقف الثناء والتبجيل، أي انهم يريدون جماهير أو قطعان بشرية، لكي يمارسون الوصاية عليهم ويفكرون عنهم ويقودونهم ويستبدون بهم. هؤلاء لا يخرجون من عقلية المطابقة والمحافظة، فأفعالهم وخطبهم هي ثمرة ثقافتهم التي تولد الاستبداد بنماذجها وعقائدها وقيمها ورموزها. نقول تلك الثقافة التي لا تصنع سو? الطاغية والتي تسع? ال? نقل شعار "الزعيم الأوحد" من مجال السياسة ال? مجال الثقافة.

ومن البديهي بأنه‌ لا مجال بعد اليوم لإدارة العراق الفدرالي من دون المشاركة الحقيقية للأطراف المؤتلفة في الحكومة في صناعة القرار وابتكار صيغ الشراكة والتعايش السلمي ومن دون نبذ العقلية الاصطفائية والنفسية المعطوبة والموبوءة.

فمن يخطط لمحاربة ال?وردستانيين بقوة السلاح وبعقليات تلغمها الامبريالية الدينية والتهويمات اللاهوتية والولاءات العقائدية والغيتوات الطائفية والمزاعم الطهرانية والمفاضلات العنصرية هدفه الاخير هو محاربة التعايش السلمي ومحو أسس الفدرالية ورفض مباد?ء الديمقراطية وهذا هو مكمن الأزمة، لأن وجود هذه العقلية واستمرارها تؤجج الصراعات وهي في نظرنا أخطر من الغزو والاحتلال وأسلحة الدمار الشامل.

 

ماهي الديمقراطية التي نأمل تطبيقها في العراق؟

يفسر البعض الديمقراطية بصيغة لإدارة الصراع فى المجتمع بوسائل سلمية، من خلال قواعد وأسس متفق عليها سلفًاً بين جميع أطراف العقد الاجتماعي، للعمل على تحقيق الصالح العام، وتضمن هذه الصيغة حسب التعريف المذكور تداول السلطة في الدولة، من خلال انتخابات حرة ونزيهة.

ومن المعلوم بأن إحد? الشروط اللازمة لبناء الدولة الديمقراطية، هو وجوب كون الشعب مصدر السلطات. ومن أجل ولاية الشعب نفسه عليه تفويض سلطاته السيادية ال? ممثلين عنه منتخبين عن طريق انتخابات حرة ونزيهة. وهذه‌ العملية بدورها تؤدي ال? تداول السلطة. أما المساواة التامّة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز بينهم بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو الجنس أو أي اعتبار ديني أو سياسي أو اجتماعي آخر فهو خير منهاج للوصول ال? المواطنة الكاملة. وبهذه الشاكلة تتحول الدولة إلى مجموعة مؤسسات تحكم وتقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية. والدستور الديمقراطي، الذي يتساو? أمامه وفيه جميع المواطنين، الحاكم منهم والمحكوم يجب أن يكون منبثقاً عن إرادة الاغلبية من المواطنين بما هي تعبير عن السيادة الشعبية وتعديله يتم وفقًا لتطور حاجات الأجيال المتعاقبة. وفيما يخص إحترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين واحترام التعددية والفصل التام بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فهذا أمر طبيعي، وذلك لبناء التوازن بينها، بأعطاء كل سلطة صلاحية ضبط السلطات الأخر? ومراقبتها. ويجب أن تكون برامج الأحزاب السياسية التي تتنافس فيما بينها عل? السلطة واضحة. ولكي تكون مسألة تجذر الممارسة الديمقراطية في المجتمع ممكنا عليه‌ تفعيل ودعم منظمات المجتمع المدني للقيام بنشاطاتها في إطار الدستور.

ما يحتاجه العراق في الوقت الراهن هو العمل الجاد في سبيل خلق عدة فكرية جديدة ومغايرة، من مفرداتها التواضع الوجودي، التق? الفكري، سياسة الاعتراف بالحقوق الكاملة للكوردستانيين بما فيها حقهم في تقرير مصيرهم، البعد المتعدد، عقلية الشراكة الحقيقية وهويات هجينة ومفتوحة، بالاضافة ال? فكر تركيبي ومنهج وسطي ومنطق تحويلي.

و ختاماً نقول: "من يريد أن يمارس هويته عل? نحو أغن? وأقو? وأفعل، فما عليه سو? توظيف تراثه وتراث سواه لتجديد هويته عند كل انعطاف تاريخي، أو تطور حضاري وذلك لابتكار شيء خارق يساهم به في ورشة الحضارة القائمة."

 

د. سامان سوراني

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2112 الأحد  06 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم