أقلام حرة

الحكومات الاسلاموية والامتحان العسير / موسى غافل الشطري

و كان الإمام على يدرك أبعاد مطامعهم. فانفض الكثير منهم. وحاربوه في عدة معارك. ومن ثم وجد معاوية ودهاقنته : إن مؤامرة الغدر المنظمة هي الأرجح لحسم الأمور. وحيكت مؤامرة اغتيال الإمام علي (ع)، على أن تتم تصفية معاوية وعمر ابن العاص في نفس الوقت. فجرى تخطيط المؤامرة على أن لا يحضر معاوية ويقتل من نائبه. ويجرح عمر ابن العاص في عجزه. ويطوي التاريخ هذه الجريمة على أن ما حدث كان مجرد صدفة.

و تسلم معاوية الخلافة وهيمن على أصقاع الخلافة بما فيها السيطرة سلمياً على العراق. ثم أُبيد الأمويون ليحل محلهم العباسيون. واستمر تداول بلاد الإسلام بما فيها العراق حتى مجيء الدولة العثمانية. وكان مسار كل خلفاء وسلاطين الإسلام، ألإبادة لأعدائهم من المنتفضين على الفور، ثم الانصراف للهو والفساد.

تتكرر هذه الأيام عودة الاسلامويون الذين يسعون إلى إعادة الخلافة. أو دولة الفقيه. أو المرتبطة بالمرجعية..

إن هذه الحكومات الاسلاموية، التي تكاد أن تقترب من حيث التوقيت في تكوين هيكلتها، أنما تعبر عن مغزى له دلالاته.لكن.. هل ستحظى هذه الحكومات بالقدرة على تكوين دولة خليفة الإسلام مثلاً ؟

كل الدلائل تشير : إن هذه التكوينات ستواجه تجربة عسيرة. إما أن تنغمس بالفسق والفساد. وترتبط بالامبريالية حتماً للحفاظ على مكتسباتها، وإما أن تحترب فئاتها فيما بينها. ومن ثم انسلاخ قوى من الفقراء التي خدعتها. ومن العناصر التي لم تتلوث بالفساد. ومن ثم تتجه نحو اليسار.

و لقد دللت تجربة العراق على ما يلوح في الأفق وعلى الأرض ملامح واضحة الملامح وحتمية لانفصال القوى الدينية التي لم تتلوث.و تنفصل عن عناصر تورطت وغضت الطرف عن الفساد.

كل الدلائل توحي: على أن المكون لليسار في الإسلام أمامه فرصة الوقت الضائع لكي يتبلور. وإن هذا المكون يتجه نحو القوى الطامحة لتغيير الواقع الجماهيري البائس. ومن المتوقع أن تتوالى عوامل المستقبل القريب، للفرز والقطيعة الأبدية بين المنتفعين والفئات المحرومة.

إن هذه الانعطافة سببتها قوى خفية مساعدة للتمهيد لاستيلاء قوى إسلامية تنتمي للكومبرادورية المرتبطة بالكولنيالية الجديدة (الاحتلال عن طريق الهيمنة الاقتصادية والاستحواذ على السوق الوطني). وقوى عميلة أخرى.

كونت هذه القوى البرجوازية الطفيلية. الوسيط مع الكومبرادور، وتكونت قاعدتها التي اعتمدت على تحطيم ومحق البرجوازية الوطنية. وتجويع وحرمان البرجوازية الصغيرة. وتكوين قاعدة عريضة من الوسطاء الذين يعتمدون على كسبهم اليومي.

و من المحتمل أن تُبتلع العقارات بما فيها الزراعية وانخراط فئات الفلاحين ضمن أفواج العاطلين. وسيكون من العسير على البرجوازية الوطنية إعادة هيكلها الاقتصادي، ما لم تتحالف مع القاعدة العريضة، والمتكونة من منظمات المجتمع المدني والقوى الكادحة من العمال والبرجوازية الصغيرة والموظفين الصغار والطلبة.و المرأة العراقية والجنود والشرطة والضباط الصغار. والاعلاميين الشرفاء ويسار الاسلام.

ومن ثم تبدأ مرحلة إعادة الاصطفاف الجديد الواسع النطاق من الجماهير الراغبة في التغيير لصالح مستقبلها الأفضل.

في الأفق تلوح بشائر هذا الالتحام على نطاق واسع في البلدان الشرق أوسطية. وأمام أنظارنا القيادات الواعية لهذا التحرك. وإن عودهُ يَصْلَبْ يوماً بعد يوم. وإن غدا لناظره قريب.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2117 الجمعة  11 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم