أقلام حرة

كركوك بؤرة التوّتُر / امين يونس

بينما التوقيت الصحيح والمدروس بِدِقة، يُعالج الأزمات ويحُل المشاكل إذا كان مصحوباً بإرادةٍ سليمة . رئيس مجلس الوزراء " نوري المالكي " له الحق ومن صلاحياته، ان يعقد الإجتماعات إينما إرتأى .. بل ان من واجبه، ان يُرّكِز على منطقةٍ ما تبعاً للضرورةِ التي تتطلب ذلك .. فعلى سبيل المثال، لو حدثتْ هزة أرضية كبيرة أو إنتشرَ وباءٌ خطيرفي محافظةٍ ما، فمن واجبه أن يُسارع ووزراءه الى مكان الحدث، مستصحباً معه الوزراء المختصين والمساعدات المطلوبة .. أو تفاقمَ الإنهيار الأمني في مكانٍ آخر، فمن صُلب واجباته أن يأخذ معه الوزراء الأمنيين والتعزيزات الضرورية لتدارك الأمر .

ولإلقاء الضوء على عقد جلسة مجلس الوزراء الإخيرة في محافظة كركوك قبل يومَين، أدناه بعض الملاحظات :

- أعتقد انها كانتْ فُرصة ممتازة للمالكي [لو] عَمَدَ الى الحسِم، وقَررَ معالجة المشاكل المُزمنة، مُعالجة حقيقية . فلو أعلنَ دونَ مواربة وبوضوح لايقبل اللبس، ان حكومته في صدد تنفيذ المادة 140 بجدية وسرعة وفق الدستور .. لساهَمَ فوراً في تذويب الجليد في علاقته مع اقليم كردستان .. وإسكات الأصوات المُتطرفة في بغداد وأربيل . لكن المؤسف انه لم يتطرق الى هذا الأمر على الإطلاق . ان سياسة الهرب الى الأمام وتأجيل البَت وترحيل المشاكل ... وصلتْ الى طريقٍ مسدود وإستنفذّتْ حججها وذرائعها . كان على المالكي لو كانَ شجاعاً ورجل دولة بِحَق .. أن يُحّدِدَ وجهتهُ بوضوح : فأما تطبيق المادة 140 وبأسرع وقت ودون ترّدُد .. أو إعلان بطلان هذه المادة وإلغاءها جملة وتفصيلاً . كِلا الإحتمالَين في إعتقادي، كانا سيؤديان الى حلحلة الأزمة بشكلٍ من الأشكال ولو بِطُرقٍ مختلفة . لكنه فّضلَ ان يتفادى هذا الموقف، ويُبقي الأمور رابضة في منطقة ضبابية مبهمة !.

- من الواضح ان المالكي، تجّنبَ الذهاب الى مركز المدينة حيث بناية المحافظة ومجلس المحافظة .. وعقد الجلسة في طرف المدينة .. وذلك مؤشرٌ على عدم ثقتهِ الكافية بالوضع هناك، وعدم إطمئنانه الى ما سوف ينتظره لو تجّولَ وسط المواطنين !.

- التحالُف الكردستاني، حافظَ على (شعرة مُعاوية) في علاقته مع المالكي .. فعلى الرغم من عدم حضور أي وزيرٍ كردي الى إجتماع مجلس الوزراء في كركوك، كتعبيرٍ عن موقفٍ سياسي رافض لهذه الزيارة .. فأن المُحافظ الكردي وأعضاء مجلس المُحافظة من الكُرد، إستقبلوا المالكي ومَنْ معه، بِحفاوة وشاركوا في الإجتماع . ولا أعتقد ان المحافظ وأعضاء مجلس المحافظة الكُرد، بإمكانهم إتخاذ قرار المُشاركة، من دون أخذ موافقة مراجعهم في أربيل ! . [لَو] قاطعَ المُحافظ وأعضاء مجلس المحافظة الكُرد ومُدراء الدوائر المهمة، إجتماع مجلس الوزراء .. لشّكلَ ذلك تصعيداً نوعياً في الأزمة !!.

- في اليوم التالي لإجتماع مجلس الوزراء في كركوك .. توجهَ نائب رئيس وزراء حكومة اقليم كردستان " عماد أحمد " مع مجموعة من الوزراء، الى كركوك وإجتمع مع المحافظ وبعض أعضاء مجلس المحافظة . هذه الخطوة السريعة، هي رَد فعل من الاقليم، اولا لمعرفة ما جرى بالضبط، وثانياً لِمَحو أي تأثيرات سلبية مُحتملة لزيارة المالكي ! . " مع التنويه ان عماد احمد وهو من [الإتحاد الوطني] هو الذي ترأسَ وفد الأقليم الى كركوك " .. وأرى ان هذا له علاقة بالتوازنات والمنافسات الداخلية الكردية .

- مازالَ المالكي ومستشاروه، يبحثون عن السُبُل التي يستطيعون من خلالها، توسيع " الثغرة " بين الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني .. وبالتالي بين مسعود البارزاني وجلال الطالباني .. والتسّلُل من هذه الثغرة، لللعبِ في الساحة الكردية ! . وما برحَ البارزاني ومستشاروه، ينشطون في تكبير " الهوّة " بين دولة القانون والتيار الصدري .. أي بين المالكي ومُقتدى الصدر .. والنفاذ من هذه الهُوة، للتأثير على مُجريات الأمور في بغداد !. وما فتأ الصدر والطالباني والحكيم ونوشيروان والنجيفي والجلبي والجعفري ... الخ .. يبحثون عن مكاسبَ أكثر !!.

وما زالتْ كركوك بؤرة للتوتر والتصعيد والمُساومات .

  

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2118 السبت  12 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم