أقلام حرة

شعب إقليم كوردستان وفن صناعة الأصدقاء!!! / سامان سوراني

"ليس ما تشترك البشرية جمعاء في انتاجه"، لأن رايته يم?ن أن تحمل من قبل هذه الثقافة أو تلك، كما حصل مداورةً مع الثقافات اليونانية والصينية والعربية والغربية وقد ينطق بإسمه فرد من الأفراد، كأرسطوطاليس (384 ق م - 322 ق م) أو رينيه ديكارت ( 1596 – 1650) أو نيلسون روليهلالا مانديلا (ولد عام 1918).

فالصداقة فنّ إنساني يتشكَّل بقدر ما ينال المجتمع المدنيّ من نمو وتغيّر نحو الأفضل أو الأردأ حالاً، وبقدر ما تتعدّد وتتمدّد المصالح والغايات في كلَ الاتجاهات. والصداقة بين البشر متعدد الأوزان، تتحدد هويته ووزنه بين إنسان وآخر، والغايات التي تؤوول اليها. والعلاقات بمفهومها المطلق قد نشأت ووجدت منذ ولادة الانسان عل? هذه السكينة، فالانسان كائن اجتماعي بالفطرة، حياته ليست كاملة وشاملة، فمن أجل الوصول ال? كمالها وشموليتها وسد النقص فيها عليه التعامل مع الآخرين. والمنطق يقول بأن كلما ازداد عدد البشر وكلما كثرت احتياجاتهم وتعددت تجمعاتهم تطورت وإزدادت علاقاتهم . ومع اتساع المجتمع وتطوره وانتقاله من مجتمع الفرد والأسرة إلى مجتمع القبيلة ثم القرية ثم المدينة ثم "الدولة" اتسعت معه نطاقات "العلاقات" وبدأت تأخذ طابعاً دولياً. ويقال بأن "العلاقات الدولية" حسب المفهوم الذي نعرفه اليوم، ?حقل من حقول المعرفة الإنسانية، ظهرت بعد مؤتمر "ويست فاليا" عام 1648.

الكوردستانيون اليوم يمارسون فن الحصول على الممكن بدلاً من انتظار المستحيل، فهم يعرفون حق المعرفة بأنه لا نفع في أن يربحوا العالم ويخسروا أنفسهم ولكنهم في الوقت نفسه لا ينتظرون من أصدقائهم في أن يوافقونهم في كل مفاهيمهم. والهدف من البحث عن الحرية، كما يقول الفيلسوف الدانماركي سورين كير‌?يغارد، هو أن تعيش فيها، لا أن تفكر فيها.

عندما يخاض الكلام حول هوية العراق التاريخية والثقافية خلال خمسين سنة الماضية من عمر هذا البلد لا يم?ن أن تتجسد أمام أعين الكوردستانيين سو? الحقيقة المرة، أي سياسة الحكومات التوتاليتارية والدكتاتورية وسيادة الزمن الراديكالي بطائفيته المبطنة وجهويته‌ السياسية للعرب، التي جعلت من النفسية العرقية العربية القوة الغالبة في تسيير وتوجيه الجماهير والاستحكام بقرارها وخانت فلسفة التعايش السلمي بين المكونات العربية والكوردية والتركمانية والآشورية والأرمنية والشراكة الحقيقية وكان الكل من وجهة نظر الحاكم، بعثيين وإن لم ينتموا تحت ظل شعار "أمة عربية واحدة". وبعد سقوط الطاغية عام 2003 لم نر? ممارسة الديمقراطية في العراق بشكل فاعل في ظل بنية اجتماعية تقليدية وتقاليد رجعية وتاريخ عقائدي انتقائي لقو? دينية حا?مة تستخدم صيغ الغلو السياسي والايديولوجي وأساليب ولغة العنف، بعيدة عن الجدل العقلاني حول القضايا الاساسية من أجل ترسيخ قيم الحرية وتوطيد نظرية نشوء المجتمع المدني والمؤسسات السياسية. والتيارات القومية العربية جعلت في السابق كما تريد أن تجعل اليوم من المستقبل في العراق ذكريات الماضي وأمجاده والمحصلة كانت تحطيم معن? وحقيقة المعاصرة المستقبلية والاستمرار عل? تطبيق نفسية الاستفراد والتعالي الوهمية، تاركة نظرية بناء أسس وقواعد الاجتهاد المنطلق من اشكاليات العصر الواقعية من أجل بناء الدولة الشرعية والمجتمع المدني والنظام الديمقراطي الاجتماعي طيّ النسيان.

ومن الواضح بأن الانسداد يولد الانفجار، إذ لا يمكن بناء صداقة وشراكة حقيقية مع من يريد بناء نظام لا يريد الخروج من سجنه الطائفي ويرفع عناوين فاضحة، كالفساد الاداري والتشبيح الامني والدجل السياسي والتهويم النضالي بمذهبية فاشية وشعوذة عقائدية.         

ان حق تقرير المصير بما فيه الانفصال وتأسيس الدولة الكوردستانية حق مكفول انسانياً ودستورياً وتنويرياً وماالسبب للهجوم عل? الذين هذا الحق كشعار وهل الكلام عن الحق محرّمُ، أم يجب أن ينام شعب لقرون أخر? ولا يستقظُ، لأنه‌ كما يقول شاعرنا معروف الرصافي مافاز إلا النّوَمُ؟  الكوردستانيون في عصرنا هذا يناضلون بطرق سلمية وسليمة من أجل الإعتراف الكامل بتاريخهم وجغرافيتهم ولا يبحثون عند النفاثات في العقد عن حل، بل يستخدمون منطق سقراط حين يقول، تكلم حت? أراك، باتقان لغة الحوار والتوسط والتداول والتبادل.

إن فكرة العراق الموحد، كما يعمل له‌ بعض المنظرين والسياسيين ليل نهار تنطلق من فكرة مسبقة مفادها أن دولة العراق، التي يريدون توحيدها كانت في الأساس كياناً واحداً، أما ما يُر? فيها من الاختلاف والانقسام والتعدد فهو شيء مصطنع زائف ينبغي إزالته بتحقيق الوحدة الضائعة. إن مثل هذا التصور ليس سو? إعتقاد، إنه ضرب من الاعتباط والتحكم وهو قفز فوق الوقائع، لم ينجم عنه سو? مزيد من التنابذ والفرقة.

من الأول? السير من الاختلاف ال? الوحدة، لا الع?س كما هو حاصل. ولعلنا لا نصل ال? الوحدة، إلا إذا ادركنا بأننا ننتمي ال? عالم ليس واحداً في حقيقته وأصله، أو عل? الاقل في واقعه، بل هو عالم متعدد متنوع منقسم ومتعارض. التسليم بهذه الحقيقة يمكن أن يفتح أمام الكيانات التي اتفقت عل? الدستور إمكاناً نحو تحقيق الوحدة التي ليست سو? ممارستنا لاختلافاتنا بطريقة تجعلنا نتقارب ونتعاون ونتكامل. 

وختاماً نقول لا يريد الشعب الكوردستاني أن يصب نضاله التاريخي في بحار العدم ويعيد تجربة الثائر الاسطوري كاوه الحداد، كما يصفه الشاعر البصري الكبير، سلام كاظم فرج (ولد عام 1951)، في إحد? تهويماته: .... آه ياكاوة الحداد.. حتام روافدك تصب في بحار فريدون؟؟

 

د. سامان سوراني

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2118 السبت  12 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم