أقلام حرة

فلسفة القيادة الكوردستانية في السلم وحكمة اللاعنف / سامان سوراني

التي تسهم في حفظ النظام وتوازنه مع اختلاف الزمن والمراحل التي يمر بها التنظيم الاجتماعي ويؤلف الفعل الاجتماعي بالنسبة اليه الوحدة الأساسية للحياة الاجتماعية، ولأشكال التفاعل الاجتماعي بين الناس. إنه ير? بأنه من صلة تقوم بين الأفراد والجماعات، إلا وهي مبنية على الفعل الاجتماعي، وما أوجه التفاعل الاجتماعي عنده إلا أشكال للفعل التي تتباين في اتجاهاتها وأنواعها ومساراتها، من خلالها يمكن رصد الظواهر الاجتماعية وتفسير المشكلات التي يعاني منها الأفراد، وتعاني منها المؤسسات على اختلاف مستويات تطورها. وهو ير? أيضاً بأن المرء لا يستطيع أن يمارس الأفعال الاجتماعية إلا في الحدود التي تسمح بها المواقع والمهام التي يشغلها في بنية التنظيم. أما تنوعات المنظومة الاجتماعية فهي تتوحد، حسب نظريته، من خلال الأخلاق والمبادئ العامة، التي تتجل? بوحدة المنظومة الحضارية والثقافية.

لقد عُرف "سقراط" بإتجاهه إلى سبر غور الروح الإنسانية، وهو الذي يقول بأن الحاجة تقتضي بصيرة واضحة لضمان السلم والنظام والنية الطيبة. ولكن إذا كانت الحكومة نفسها حكومة تسودها الفوضى والسخافة، تحكم ولا تساعد، وتأمر ولا تقود، كيف تستطيع إذن أن تقنع الفرد في مثل هذه الدولة على أن يطيع القوانين، ويحصر بحثه الذاتي داخل دائرة الخير العام.

الذي نريد أن نتطرق اليه في مقالنا المختصر هذا هو فلسفة السلم وح?مة اللاعنف، التي تريد القيادة الكوردستانية أن تطبقها عل? أرض وواقع كوردستان وإن أمكن تعميمها وترسيخها في العراق الاتحادي. ففي كثير من الخطب والمناقشات العلنية نسمع من القيادة الكوردستانية التأكيد عل? استعمال فن الحوار الهاد?ء كوسيلة للتواصل ومنها نستنبط القناعة التامة بسياسة اللاعنف كأداة للوصول ال? حلول حول القضايا العالقة بين الإقليم الكوردستاني والحكومة الفدرالية وهذه القناعة هي إستراتيجية عمل وسياسة لحلِّ النزاعات. فلسفة السلم تحمل في طياتها السلام الظاهري وتر? في الدستور والقانون طريق معبّد لضمان النفس والجماعة. لقد أثبتت القيادة الكوردستانية بمبادراتها الح?يمة بأنها أفضل الوسطاء بين المكونات السياسية في العراق ومن خلال تواصلها تحولت لغة العنف السياسي ال? لغة إنسانية للحوار. ومن المعلوم بأن اللاَّعنف يقوِّض جدران الكراهية ويمدُّ جسور السلام والمحبة. واللاعنف هو أفضل وأسمى بما لا يُقاس من العنف لأنه يتطلب شجاعة كبيرة واحتراماً للخصم. وطالما العنف من صنع البشر، إذن نحن قادرين على تفكيك هذا القضاء و والقدرة عل? إعطاء الأجيال القادمة حقَّ الحلم بعالم تملؤه الحرية والكرامة، لأن من يستطيع التفكير بعقل تداولي يكون قادر عل? أن يتغير لكي يسهم في تغيير سواه عل? نحو مثمر وخلاق. فالأفكار الخصبة والتجارب الفذة والنماذج الناجحة في مكان ما، تغدو ملك البشرية جمعاء، أياً كان مصدرها، كما يشهد التفاعل بين الحضارات منذ أقدم الأزمنة، فلتنسج العلاقات بين المكونات العراقية بعقلية السلم والشراكة ولغة التسوية وثقافة التعدد والتنوع، عل? نحو يفتح آفاق الحوار والتعاون والتضامن عل? سبيل النفع المتبادل والإثراء المتبادل.  

السلم مرتبط بسعادة الجماعة الراهنة التي تبحث عن العيش في سلام، أما الحرب فهي سلوك يعكس ضعف الإنسان في ضبط تعامله وانفعالاته ومن الممكن أن تكون الحرب ضرورة حتمية لكنها تبق? حتمية محزنة تبرز ضعف ديناميكية الفكر الإنساني وقصور عقله.

لو تصاعد العنف الأعم? بشكله الإرهابي وبأشكاله الأخر? في العراق فسوف يأتي عل? العراقيين زمن يحتاج فيه كل واحد ال? آخر لحراسته وحفظ أمنه الشخصي، وتلك هي الكارثة. فالتطرف التعصب والكره والخوف والعداء والصدام والإنشداد ال? الوراء وعبادة الأسماء والأفكار، مآلها تفخيخ العلاقات بين المكونات الأساسية في العراق والانتقال من مأزق ال? سواه، ومن صدمة ال? اخر?، ومن خسارة ال? خسارة أكثر فداحة.

ما نشاهده اليوم هو عمل الكوردستانيين من أجل تشكيل حقل معرفي تتحول معه الازمات والمآزق ال? مواضيع للدرس والتحليل أو التشريح والتفكيك وذلك لتقوية أسس فلسفة السلم ومذهب اللاعنف فنر? تلقيح العناوين والمفاهيم والقيم القديمة والحديثة بعناصر ومقاصد وأبعاد جديدة، عل? سبيل التطوير والتجديد أو الإغناء والتوسع، سواء تعلق الأمر بالنظام والديمقراطية أو بالحرية والعدالة أو بالتنمية والعولمة. أما من حيث المنهج، فهناك طريقة للتفكير تستخدم بشكل فعال بعيدة عن لغة القطع والجزم والفصل الحاسم، ومن حيث المعاملة، فالحكومة تسع? بمنطق جديد هو منطق تحويلي للتعامل مع الأفكار بوصفها استراتيجيات للمعرفة والعمل، مفتوحة ومتحركة وذلك لصناعة واقع كوردستاني جديد يوظف نفسه في خدمة السلم العالمي مناهضاً للعنصرية او طائفية وسياسة وثقافة الإقصاء والتهميش.

وختاماً يقول السياسي البارز والزعيم الروحي للهند مهاتما غاندي (1869 - 1948): " ليس هنالك طريق للسلام، بل أن السلام هو الطريق."

 

د. سامان سوراني          

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2122 الاربعاءء 16 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم