أقلام حرة

حرية شعب كوردستان أهم من الوحدة الوطنية المصطنعة / سامان سوراني


لكن الأفكار مازالت ثابتة أو متحجرة، بل مدمرة ومرعبة.

الموقف الميتافيزيقي من الحرية، كشيء مطلق في غياب أي نوع من الإكراه، سواء أكان هذا الإكراه داخلياً أم خارجياً، لا يمكن أن ينطبق عل? الحياة الواقعية. أما الحق في الحرية من الناحية النفسية والاجتماعية والسياسية فهو أمر يمكن إعتباره بسعي الإنسان نحو الإستقلالية الذاتية والإنتصارعلى القيود والقوانين ومسح العبودية.

ففي الفنومنولوجيا هناك محاولة ديالكتيكية بارعة للفيلسوف الألماني الكبير جورج فلهيلم فريدريك هيجل (1770-1831) في سبيل تحقيق التصالح بين "الفرد" والمجتمع" أو بين "الفردي" و"الكلي"، فالوعي يدرك بنفسه من خلال صراعه ضد مجر? الأشياء والفرد لا يبلغ سعادته إلا في كنف الجماعة. وإذا ما تمكن الإنسان من التغلب عل? "الفردية"، فأنه سرعان ما يتبين له من أن "الفعل" هو "الوحدة" الحقيقية التي تجمع بين "الذاتية' و"الموضوعية" وهكذا بالنسبة ال? الشعوب.

وفيما يخص الدولة العراقية المصطنعة، فهي كقوة خارجية لم تقم منذ نشأتها عام 1921 وال? يومنا هذا،  حسب التفسير الهيجلي، في تهيئة الفرد الكوردستاني لتنمية ملكاته وممارسة ذاته وذلك من أجل تقوية التعايش السلمي والنتيجة كانت دوماً الفشل في المحافظة عل? الشرعية.

القانون الدولي يُعرّف حق تقرير المصير بأنهُ:" حق أي شعب في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلهِ والسيادة التي يريد الانتماء إليها". أما السيادة  فهي ركن أساسي من أركان تقرير المصير.

أما الوحدة الوطنية، فهي بقت مجرد شعار يرفع من قبل الح?ومات التي تعاقبت الح?م في العراق ولم تكن هناك نية لد? هذه الحكومات في إحياء شعور المواطن الكوردستاني المبني عل? مرتكزات عملية مستمرة من شأنها دعم تحقق الوحدة على أرض الواقع وتجسيدها بشكل يناغم بين الفكر والعمل والسلوك. حيث رأت تلك الأنظمة  في التعددية مظهرا من مظاهر الضعف والفقر، لا كواقع معاش يثري ويقوي ويلزم الجميع إحترام الآخر المختلف، بلغته ومبادئه وطقوسه وفلسفته. فقد فرض الرأي الواحد عل? الآخر المختلف وطبق قوانين تجرم المختلف وتقلع جذوره. حقوق الآخر كانت بسبب التفريط بحقيقة الهوية الوطنية في العقود الأربعة الأخيرة للقرن العشرين مهضومة والتمييز العنصري كان منهجاً عملياً لإحياء علوم البعث والعروبة، يهدم خلق الشعور بالإنصاف ويسلب فكرة تعميق الانتماء للوطن. إن غرس غائلة التباعد والحواجز لمدة طويلة أسهمت في تراكم المفاهيم والصور السلبية لدى كل فئة عن الأخرى وهكذا خرج مفهوم الوحدة الوطنية عن اطار واقعيته. هناك محاولات من قبل منظري فكرة العراق الثقافي أو الاستعراق، لصهر شعب كوردستان والقوميات الأخر? في بوتقة كينونة الثقافة العربية الاسلامية. الأول? بهم الخروج من سباتهم القومي ومن حصونهم الدينية، بدل العسكرة وراء هويتهم. إنّ من حق كل سياسي كوردستاني أن يعزف عل? وتر الحرية، فالسياسي النزيه يطمح لاستقلال بلاده ويجاهد كي يكون شعبه حراً في اتخاذ القرارات خدمة لمجتمعه وللإنسانية جمعاء. الحرية يعيين شرط الحكم الذاتي في معالجة موضوع ما، فهي إذن إمكانية الفرد دون أي جبر أو ضغط خارجي على إتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة والحرية للفرد الكوردستاني تعني التحرر من القيود تكبل طاقاته وإنتاجه سواء كانت تلك القيود مادية أو معنوية وتعني التخلص من الإجبار والفرض من قبل الحكومة المركزية، لذا نراه بأن حرية شعب ما أهم من الوحدة الوطنية المصطنعة، فهي تعن? بالنسبة لنا حماية شعب الكوردستاني ضد طغيان الحكام السياسيين الذين يريدون بمحاولاتهم اليائسة وأحلامهم الوهمية إعادة عجلة التاريخ ال? الوراء. الشعب الكوردستاني ذاق التهجير والتعريب والإبادة الجماعية من قبل السلطة المركزية، يريد تجنب تكرار الويلات والحروب والمآسي

والسلطة التقليدية في نظر عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر (1864-1920)، الذي أنشأ منهجه في دراسة الظواهر الاجتماعية عل? مبد‌ الفهم، تعتقد بأن نظمها ما هي إلا إمتداد لنظم كانت موجودة في الزمن السابق أو أن رئيسها تقلد منصبه بموجب مؤهلات معينة كانت شرعية في الماضي أو أن الأوامر التي يصدرها مدعومة بأوامر كانت ماثلة في الزمن السابق ومتفق عل? التصرف بموجبها وعل? المكونات التي تخضع للسلطة التقليدية إطاعة أوامر سلطتها بسبب شرعيتها التاريخية، فهي الراعي الوحيد والأب الأمثل وهذا ما تطلبه الحكومة الاتحادية اليوم من شعب إقليم كوردستان. إن هذا التضارب يضعف من صفة الشرعية التي تتمتع بها الحكومة الحاكمة في الإتحاد والتي لا تهتم بالعهود والاتفاقيات كثيراً. سوف تبق? وحدة الشعب الكوردستاني مع العراق فرضية، إذا ما لم يمر هذا الشعب بمرحلة الإستقلالية الذاتية بعد مسح كافة آثار التهجير والتعريب والاستقطاع الشوفيني.  

وختاماً: إن أساس الموقف التنويري والنقد العقلي هو البدء بالإعتراف بالأزمة وتشخيص العلّة، ثم الإعتذار عمّا جرته الدعوات الدينية والمشاريع القوموية في العراق من الأخطاء والمساو?ء والكوارث.

 

د. سامان سوراني 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2123 الخميس  17 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم