أقلام حرة

جدل سياسي: هل الحكم الصالح .. بات حلما بعيد المنال؟

...أسئلة كثيرة تفرض نفسها وتبحث عن إجابة دون جدوى، لعل في مقدمة تلك الأسئلة سؤال ملّح مفاده: هل أن الحرب الضروس التي يشتد أوراها بين الساسة هذه الأيام هي حرب الشعب العراقي أم أنها حروب بينية باتت تشكل المهنة الرسمية لأطراف السلطة ..؟ هل أن الوصف الوظيفي لهؤلاء المسئولين هو معالجة المعضلات اليومية للناس ..؟ أم افتعال الأزمات التي لا طائل من وراءها ولا تنجب غير شل مفاصل الدولة وإغراق البلاد في الفوضى لتوفير الأجواء الملائمة لتصاعد وتيرة القتل اليومي للناس وبث الكراهية بين العراقيين .. واتخاذها ذريعة لفشل الحكومة في تأدية واجباتها في توفير متطلبات الحياة والمعيشة للناس ..؟ وللوقوف على ذلك لابد من فحص أسبابها وبواعثها ومجرياتها وما تؤول أليه ..

.

الأسباب : .

ـ هل أن أسبابها تنطلق من سعي أطراف منهم للتعجيل في بناء نظام الحكم الصالح في حين يعارضه الآخرون ..؟. .

ـ هل أن تلك الأسباب تنطلق من احتدام الصراع بين دعاة اعتماد المواطنة كمعيار وحيد لوصف علاقة العراقي بالدولة وبين المتمسكون بالطائفية والعرقية والمحاصصة ..؟.. .

ـ هل أن أسبابها تنطلق من سعي البعض إلى تفعيل الاقتصاد العراقي وتعظيم مدخلاته وتوظيفها وحسن استغلالها لمصلحة الشعب ..؟. .

ـ هل أن تلك الأسباب تتعلق بمعالجة معضلات الكهرباء و البطالة و الفقر والخدمات و معيشة الناس .. .

ـ هل أن تلك الأسباب تتعلق بالذود عن حياض الوطن وكرامته وسيادته ووحدته..؟..

إذا كانت الأسباب تتعلق بهذا فالحق أنها معركة الشعب .. ولا ينبغي للوطني التخلف عنها .. أما إذا كانت تلك الحروب البينية حروب عبثية تنطلق في أسبابها وحيثياتها ونتائجها ومئالها من مستنقع الصراع على السلطة والمناصب .. ليس إلا ..؟ فهل أن الموقف السليم والعاقل هو الانغماس فيها والتحول إلى مجرد أدوات بيد هؤلاء الساسة ليجعلوا منها حرب طويلة الأمد .. ؟.. . من حقي ومن حقك بل من واجبنا أن نوجه لهم بعد 9 سنوات .. الأسئلة التالية :

ـ ما هي طبيعة النظام السياسي القائم حاليا في العراق ..؟ .

ـ ما هو مستقبل النظام السياسي في العراق ..؟. .

ـ ما هي فرص بقاء العراق ككيان سياسي ..؟. .

ـ بعد 9 سنوات من الفوضى السياسية التي لم و لن تنجب ديمقراطية في العراق .. وبعد إزهاق مئات الآلاف من أرواح العراقيين والذي لن يتوقف عند هذا الحد .. وبعد ضياع مئات المليارات من الدولارات من الموازنات العراقية دونما نتيجة على صعيد التنمية والذي لن يتوقف عند هذا الحد أيضاً.. ماذا ينتظر العراق ..؟. .

ـ مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوه .. هذا صحيح .. وممنوع حرق المراحل.. وهذا سليم .. وغني عن البيان أننا خلال 9 سنوات قطعنا آلاف الخطاوي .. هذا أكيد .. ولكن هل أن تلك الخطاوي كانت باتجاه الهدف ..؟ أم أننا كنا نغذ السير لكن أقفيتنا في مواجهة الهدف وبالتالي فان كل خطوة خطوناها ونخطوها كانت تبعدنا عن الهدف بدلا من أن تقربنا أليه؟... .

ـ هل توجد فرص حقيقية لبناء الديمقراطية أو نظام الحكم الصالح في العراق ..؟ ..

ـ هل توجد اشتراطات وأسس محددة .. اجتماعية وسياسية واقتصادية يتطلبها قيام نظام ديمقراطي في أي بلد ولا يشذ عن ذلك العراق ..؟. .

ـ ما مدى توفر تلك الاشتراطات والأسس حاليا في العراق ..؟.. .

ـ كلنا يعلم أنهم بدأوا الخطوة الأولى غلط يوم ركلوا مبدأ المواطنة واستعاضوا عنه بحكم المكونات والطائفية والعرقية والمحصصة من تلك الخطوة بدأ الغلط لأنه النقيض للشروع ببناء نظام الحكم الصالح وهو النقيض للسعي للاتجاه لبناء أي شكل من أشكال الديمقراطية .. فالديمقراطية لا تقوم إلا على المواطنة والمواطنة دون سواها وهو أمر مسلم به .. ولذلك فانه كلما مر الوقت وتزايدت الخطوات فان الغلط يتراكم ويزداد ارتفاعا وتكون معالجته أقرب إلى الاستحالة .. .

ـ في ظل هيمنة الأطراف السياسية الحالية على المقدرات العامة وثقافة الشارع العراقي .. هل ينتظر منها أن تقوم هي ببناء نظام حكم صالح وديمقراطية في العراق ..؟.. أم أنهم مصرون على دفع الأمور أكثر باتجاه الغلط ..؟. .

ـ وإذا كان الجواب بالنفي ما هي فرص تحجيم تلك القوى وإزاحتها ..؟. ومن هي تلك الشريحة المؤهلة موضوعيا بتعليق الجرس في رقبة الهر ..؟. هل أنها المثقفون ..؟..

ـ فإذا كان المعول عليهم هم المثقفون ..فهل أن شريحة المثقفون في العراق شريحة ذات أبعاد معروفه ولون محدد شأن نظيراتها في بقية دول المعمورة أم أنها ذائبة في تلك القوى وبين تلك الأطراف مثلما يذوب السكر في الشاي ومثلما يذوب الملح بالماء .. ؟. لا يزيد من حجمه حجما ولا يمكن تمييزه مثل (جاي العروس) .. .

ـ نظرية الذوبان هذه أفزعتني .. لقد صدمت خلال الأسبوع الماضي عندما وجدت الأقلام التي تقول عن نفسها مستقلة قد توزعت على نقاط السيطرات وما أكثرها .. هذا يتبنى موقف علاوي .. وذلك ينبري للدفاع عن مسعود .. وثالث يصف الموضوع بأنه سقيفة الألفية الثالثة ..!.. ولم أجد احد يكتب عن العراق الشعب، العراق الوطن، العراق الكيان، العراق الإنسان، العراق المستقبل .. هل أن وظيفة المثقف باتت أن يكون الصدى للأطراف السياسية الممعنة في الغلط ..؟ . .

لقد تنبهت إلى أمر مستحدث أيضاً فالبعض يغسل ذاكرته مثل غسل الجنابة كي يبرر تحوله أيدلوجيا .. تحول يا أخي أيدلوجيا من هو الـ (كامشك بلهجة أهل بغداد، واللازمك بلهجة أهل السماوه، والكاضك بلهجة أهل ألبصره، والماسكك بلهجة أهل الحسا، والحاوشك بلهجة أهل الزقازيق، والحايشك بلهجة أهل ألمنامه التي ستكون المحافظه رقم 105 وليس 19 ..) تحول أيدلوجيا يا أخي .. هسا التحول جنسيا ماكو اعتراض عليه النوب التحول الأيدلوجي ..؟ .. بس أكو شغله.. آنا ما مفتهمها أريد واحد ينورني .. ليش اللي يريد يتحول .. يبحث في طيات ملابس رفاق الأمس عن بعوضه ليغمزهم ويلمزهم في وقت يغض الطرف فيه عن الفيل وفرس النهر عند الآخرين .. ؟ على الأقل راع قانون أرخميدس ... هو صحيح حتى ألبعوضه تشغل حيزا في الفراغ ولها وزن .. آنا وياك ..لكن اكو فرق بين ألبعوضه وفرس النهر .. لو آنا غلطان ..؟.. هذا ليس اصطفافا مع أهل ألبعوضه ألله لا ينطيهم لكن من باب ألموضوعيه .. وأنتم أيها القائلون بالسقيفه ..؟.. هي مال سقيفه .. صحيح سقيفه ..بس المقصود بيها ترى مو علي بن أبي طالب ... تدرون ليش ..؟ لأن علي بن أبي طالب لن يتكرر .. فليس كل علي أمير المؤمنين .. وليس كل أمير المؤمنين أبا تراب ...!.

وفوق ذلك أما بلغكم قول السلف الصالح: (من كان يعبد محمداً فان محمداً قد مات ..

ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت..) ولأن محمد أيضا لن يتكرر فان تشبيه معشوقيكم به غير جائز .. ولكن من باب القياس ليس إلا فانه إذا كان الله هو الأدعى بالعبادة من سائر البشر وبما في ذلك محمداً .. فان الأدعى بالولاء هو الشعب العراقي دون أي من معشوقيكم .. أما من جبل على عشق الحكام أو الانغلاق على ما يعتقده هو .. فتلك بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار (ألستم تقولون هذا ..؟) ...

ربما يكون الهدف من هذه السطور هو توجيه رسالة شخصية لنفسي وأمثالي الحالمين بنظام حكم صالح في العراق وبإقامة الديمقراطية في العراق في بحر بضعة عقود من السنوات .. للتبصر أكثر في الذي يجري وعدم تحميل الأمور أكثر من طاقتها ..

الأحلام مشروعه وكل التطور في مختلف مجالات الحياة يبدأ حلما .. ولكن أن ترى وتلمس عرانيص الذرة وتهيئ أدوات صنع الراشي فتلك غفلة وليست حلما ..لأن الراشي يستخلص من السمسم وليس من الذرة .. وان تبتني حظيرة لمهر وأنت تجتني حصانا وليس فرسا فتلك أكثر من غفلة لأن الحصان لن يلد إنما ذاك من اختصاص الفرس .. والتبصير بذلك لا يندرج في باب التيئيس إنما في باب التعقيل .. وأذن هي دعوة لإعمال الفكر والتبصر فيما انتهى الأمر إليه في العراق في الشأن السياسي ..

وتوجيه الجدل السياسي بين العراقيون باتجاه المنحى العام الوطني وليس القضايا الهامشية وان كانت سقائفا .. وليس إلى صغائر الأمور كالبعوض مثلا والذي لا استبعد أن تكون مستوطنات منه في كنف الباحثين عنه أو تحت أباطهم .. لماذا تخلطون الأمور على الناس ..؟ قولوا لهم : من يحارب لكي تكون المواطنة بديلا عما سواها فان معركته معركتنا ونحن جنود ومن يقاتل لتعميق اختزال الشعب بالطائفة واختزال الطائفة بالحزب واختزال الحزب بالبطانة فهي معركته هو وهي ليست معركة مقدسه..

قولوا لهم: من ينفلت من الإقليمي ليدخل في مدار الوطني فان معركته معركتنا ومن يبخس العراق قدره فيجعله مطية للإقليمي والأجنبي فهي معركته هو ولسنا مرتزقة عنده .. .

قولوا لهم: من يمعن في الفساد والتسبب في إفقار الناس وتعميق معضلاتهم فليغرق في نتائج أفعاله فلسنا عون للفاسد والمستأثر بمقدرات الشعب والغاصب لحقوقه ..

في هذه الحالة تكونون قد ساهمتم بتوجيه دفة السفينة بالاتجاه الصحيح الذي يفضي إلى تحقيق الحلم .. بإقامة صرح الحكم الصالح العادل ووضعتم لبنات في بناء الديمقراطية في العراق ..ودون ذلك فإنكم عون لمن تحقيق يجعل الحلم مستحيلا .. .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2124 الجمعة  18 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم