أقلام حرة

بغداد .. عاصمة الثقافة 2013 / امين يونس

أعلنَتْ الحكومة المحلية في النجف قبلَ أشهُر .. بأن المدينة ليستْ جاهزة لإحتضان هذه المناسبة الكبيرة ! .. بعد كُل الصخَب والدعاية والتصريحات على مدى أكثر من سنتَين، والإعلانات وصُور المُحافظ في كُل الساحات المُهمة والميزانيات الكبيرة المُخّصَصة والوعود ! ... في الحقيقة، أنا كعراقي، مُمْتَن لقرار الحكومة العراقية وحكومة النجف المحلية، بإلغاء المناسبة وتأجيلها الى سنة 2020  .. وذلك لسببٍ بسيط، وهو انه، لو لم يتم التخلي عن هذا المشروع .. وقدمتْ وفود البلدان الاسلامية حسب الموعد المُقّرَر .. لكانتْ فضيحتنا بِجلاجل .. وكما تعلمون، فأننا ولله الحمد لاتنقصنا الفضائح !! . الشخصيات الاسلامية المرموقة من اندونيسيا وماليزيا والمغرب وايران وتركيا وكازاخستان وعشرات البلدان الاسلامية الاخرى .. كانتْ سترغب بمشاهدة وزيارة المتاحف والمكتبات القديمة والجديدة والمدارس الاسلامية العريقة .. وكانتْ ستُقارن حتماً بين مدينة النجف المقدسة، التي فيها مرقد الإمام علي بن ابي طالب، وفيها الحوزة العلمية الشهيرة .. تقارنها مع المدن والعواصم الاخرى التي تشرفتْ سابقاً بحملها لقب : عاصمة الثقافة الاسلامية .. لكنهم لو جاءوا اليوم لما وجدوا شيئاً من الثقافة او حتى ما يشير اليها ولو من بعيد !، ولإكتشفوا ان النجف، هي عاصمة الغبار، مدينة الشوارع المُكسرة والأرصفة المحفورة، ملكة المجاري الطافحة والبيئة الخانقة .. شكراُ لله انهم لم يأتوا ! .

إنتهتْ مغامرة النجف، ولم يُحاسَب أحدٌ " كالعادة " بسبب التقصير والإهمال والفساد، الذي أدى الى هَدر مبالغ كبيرة على مدى سنتَين من التحضيرات المُفترَضة ! . واليوم ينشط الحديث عن [ بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013 ] ! .. بالله عليكم، أليستْ هذه نُكتة سمجة ؟ .. مؤتمر القمة العربي الذي إنعقد في بغداد، بعد تأجيلات متكررة، ومصاريف مُبالَغ بها، وحضورٍ باهت واقاويل عن الفساد والهدر ... كثر الحديث عن جدواه أصلاً .. في حين ان مؤتمر القمة لم يستغرق سوى سويعات وسارعتْ الوفود، بعدها، بالمغادرة، خوفاً من إحتمالات سوء الوضع الامني . فكيف بإحتفالية كبيرة، مثل " عاصمة الثقافة العربية "، التي من المتوقع ان تحضر وفود كبيرة العدد، وتبقى لأيام عديدة وربما لأسابيع، للإطلاع على معالم بغداد " الثقافية " المتنوعة، وحتى زيارة المحافظات الاخرى أيضاً، للتعرف على المنشآت الثقافية والفنية الراقية ! .

 بغداد التي فيها ثلاثة ملايين اُمي .. بغداد التي ليسَ فيها صالة سينما واحدة .. بغداد التي ليسَ فيها مسرحٌ دائمي ... بغداد التي " كانتْ " قبلة للفنانين والأدباء والموسيقيين والرسامين والشعراء والصعاليك قبل ستين سنة .. أصبحتْ اليوم طاردة لكُل هؤلاء .. بغداد التي سكتَتْ قبل عام حين غدَوْنا أضحوكة للعالم، حين منعنا الموسيقى والغناء في " مهرجان بابل الدولي " .. دُعيتْ فُرق فنية من دول العالم الى مهرجان بابل " الدولي " .. لكن ميليشيات متخلفة أبلغتْ القائمين على المهرجان، بان الغناء والموسيقى، ممنوعة وحرام ! .. فغادرتْ الوفود المَدعوة في نفس يوم وصولها ! .. حينها صمتَتْ بغداد عن هذا الإعتداء الصارخ على الثقافة والفن .. وكان صمتها مُخجلاً ومهيناً . فأي [ثقافة] ستكون بغداد عاصمة لها ؟ ..

بِكُل حرقةٍ وألَم .. أقول ان بغدادنا اليوم ولا في 2013 .. تحت حُكم أحزاب الاسلام السياسي بشقيها ... بنهج هذه الأحزاب المتخلفة الرجعية وتسلُطها على الناس والشارع وتحكُمها بالحريات العامة .. لاتصلح ان تكون عاصمة للثقافة العربية، على الإطلاق !.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2125 السبت  19 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم