أقلام حرة

خريف الإتفاق الإستراتيجي / امين يونس

ذلك الإتفاق الذي تَمَ بِرعاية امريكية تركية قبل أكثر من عشر سنوات .. هي وَقف الإقتتال بينهما ووضح حَدٍ لنزيف الدم . لكن ما عدا ذلك، تَبَينَ ان الإتفاق كان يتضمن تقسيم السلطة والنفوذ، وبالتالي توزيع الثروة فيما بينهما ! . وكما يبدو أيضاً، حصلَ توافقٌ ضمني إستناداً للواقع على الأرض، على كَون السليمانية وكرميان بصورةٍ عامة، منطقة نفوذ للإتحاد الوطني، وبهدينان منطقة نفوذ للديمقراطي .. وأربيل للإثنَين مع أفضلية واضحة للديمقراطي فيها .

المُشكلة كانتْ في المناطق المتنازع عليها وبضمنها كركوك ونينوى .. وخاصةً في كركوك .. حيث ان الديمقراطي، لم يقتنع، أن يكون للإتحاد الوطني الكردستاني، الدَور الأبرَز في إدارة المحافظة .. وفشلتْ المباحثات بينهما منذ الأيام الاولى للتغيير في 2003، حولَ كركوك وطريقة إدارتِها .. حيث كان الإتحاد الوطني واثقاً من إمتلاكه لأكثرية الشارع الكردي الكركوكي، في حين ان الديمقراطي كان يعتقد بإستمرارية شعبيته التقليدية القديمة ! . ولهذا السبب، جّرَ الحزبان، كركوك، الى مُستنقَع " تجربة الإدارَتَين في أقليم كردستان، أي إدارة اربيل والسليمانية ولا سيما في ملفَي الامن والمالية " .. وكانَ خطأً كبيراً، تواجُد إدارتَين للأسايش أي الأمن، في المدينة .. إحداهما تأتمر بأمر الحزب الديمقراطي والأخرى بأمر الإتحاد الوطني ! .. وطالما حدثتْ مشاكل وتقاطعات، أثرتْ سلباً على مُجمَل " قضية كركوك " . أثبتَتْ السنين، ان الإتحاد الوطني، أكثر جماهيرية من الديمقراطي في كركوك، على الرغم من إنشقاق بعض كوادره .. مثلما ان الحزب الديمقراطي أقوى وأكثر شعبية في محافظة نينوى، من الاتحاد الوطني ! .

أعتقد ان " نجم الدين كريم " مُحافظ كركوك، القريب من الإتحاد الوطني الكردستاني، لم يتصرف من تلقاء نفسه، وانه إستشارَ حتماً، قيادة الإتحاد الوطني، قبلَ أن [يستقبل] رئيس الوزراء نوري المالكي والوفد المرافق له خلال إجتماع الحكومة في كركوك .. بل انه بالغَ قليلاً في الترحيب بالمالكي والشهرستاني .. وفُسِرَ ذلك انه نكاية بالحزب الديمقراطي الكردستاني ! .

" آلا طالباني " من الشخصيات البارزة في الإتحاد، صّرحَتْ قبل أيام أمام الإعلام، تصريحات تنتقد فيها، مواقف مسعود البارزاني .. وذلك مشهدٌ جديد لم تألفه الساحة الكردستانية خلال الفترة الماضية .

المالكي وقيادات حزب الدعوة، ولا سيما " صقور " دولة القانون، مثل حسين الأسدي، وكمال الساعدي وياسين مجيد، وحتى حنان الفتلاوي وسامي العسكري ... الخ، تعمدوا في الآونة الاخيرة، وبدهاءٍ وخُبث ... أن لاينتقدوا " جلال الطالباني " ولا الإتحاد الوطني الكردستاني .. بل يركزون فقط، على مهاجمة مسعود البارزاني والحزب الديمقراطي .. في مسعى حثيث، للتفريق بين الحزبَين الكرديين وشق صفوفهما .. في رَدٍ على مُحاولة البارزاني، كسب تأييد التيار الصدري وسلخه من التحالف الوطني ! .

"حركة التغيير" بقيادة نوشيروان مصطفى .. تنتظر بِصبرٍ وأناة وحذاقة .. نتيجة الصراعات المتشابكة بين بغداد واربيل، وبين الديمقراطي والإتحاد .. وتعتبر نفسها غير مسؤولة عن ماآلتْ اليه الامور، لأنها لم تكن جزءاً من السلطة، لا في بغداد ولا في أقليم كردستان ! .. وتتحين الفرصة المُناسبة، لتقوية مركزها ولعب دَورٍ أكبر في المرحلة القادمة .

في الأفُق بوادر، لِخريفٍ مُبّكِر للإتفاق الاستراتيجي بين الإتحاد والديمقراطي .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2128 الثلاثاء  22 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم