أقلام حرة

التفاهم الغربي – الإيراني رهن الإنتخابات الأميركية / صالح بكر الطيار

في موسكو على أمل ايجاد حل للملف النووي الذي يراوح مكانه منذ سنوات دون ان يتحقق بشأنه أي حل يسهم في تخفيف حدة التوتر الأقليمي والدولي . ورشحت عن اجواء الإجتماع الذي انعقد في بغداد ان المباحثات كانت ايجابية وأنه تم التطرق بصراحة الى ما يريده كل فريق من الطرف الأخر دون ان يعني ذلك انه تم التوصل الى تفاهم نهائي لأن تعقيدات الملف النووي تستدعي عقد عدة لقاءات قبل القول انه تم التوصل الى صيغة ما قابلة للتطبيق . وبدا من خلال التصريحات التي ادلى بها المجتمعون ان الأراء كانت منقسمة وفق التالي : - الطرف الغربي يريد الحصول على ضمانات من ايران بأنها مستعدة لوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة في المائة عشرين، كما يريد ضمانات تؤكد ان لا خلفية عسكرية للمشاريع النووية بل هي مجرد منشأت لأغراض سلمية وعلمية . - الطرف الإيراني يريد من الغرب ان يضمن له استعداده لتزويده باليورانيوم المخصب ليتسنى له تشغيل منشأته النووية تحت رقابة المنظمة العالمية للطاقة الذرية، كما يريد ان تعبّر الدول الغربية عن حسن نيتها لجهة البدء بالتخفيف من العقوبات الأقتصادية المفروضة على ايران والتي تتصاعد تباعاً . وبما ان اجتماع بغداد كان لمجرد ان يعرض كل طرف ما لديه فقد كان من المرجح ان ينتهي الإجتماع دون التوصل الى أي اتفاق على اجتماعات أخرى لولا تدخل روسيا التي اصرت على ضرورة مواصلة المباحثات عارضة ان تكون موسكو مقراً للقاء مقبل . هذا ما قيل علناً في وسائل الإعلام، ولكن ما لم يتطرق اليه احد بشكل علني هو ان الخلاف بين ايران والغرب كان يتمحور حول رغبة طهران بأن تتم معالجة الملف النووي من خلال رزمة ملفات ذات علاقة بالمنطقة ككل، ومن ضمنها الملف السوري . وكانت اجواء الإيرانيين توحي بأنهم على استعداد لتقديم تنازلات في الملف النووي ضمن حدود معينة لقاء ان تتم تسوية ما بشأن الملف السوري لجهة وقف الدعم عن المعارضة ومساعدة الرئيس بشار الأسد من اجل فرض الأمن والأستقرار ضمن اجندة تفضي الى أجراء اصلاحات على كل المستويات تحت وصايته . وترددت معلومات من مصادر اعلامية متعددة تفيد ان الإيرانيين كانوا على استعداد لتقديم تنازلات في ملفات أخرى قد يكون من ضمنها ملف البحرين وأفغانستان . اما الطرف الغربي الذي تقوده بشكل رئيسي الولايات المتحدة الأميركية فإنه كان يفتش عن انتصار في المفاوضات دون تقديم أي تنازلات ولهذا اكتفى بعرض امكانية مساعدة ايران في الحصول على قطع غيار لطائراتها المدنية .اما الملفات الأخرى فلم يكن بوارد البحث فيها لأسباب ذات علاقة بالإنتخابات الأميركية من منطلق ان أي تسوية مع الإيرانيين الأن يمكن ان توظف ضد الرئيس باراك اوباما وأن تترك بالتالي انعكاسات سلبية على شعبيته او على حظوظه بالفوز . وهذا يعني ان المراهنة على احداث خرق في ملف المفاوضات الإيرانية – الغربية في الوقت الحالي في غير محله،ويتطلب المزيد من الوقت ريثما تكون نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية قد ظهرت . وما الدعوة الى اجتماع أخر سينعقد في موسكو إلا لعدم غشاعة اجواء سلبية من شأنها ان تنعكس على اسعار النفط عالمياً في وقت يظهر فيه الغرب بعد ازمته المالية غير قادر على تحمل اي ارتفاع في السوق العالمية . وبإنتظار حلول موعد الإجتماع المقبل في موسكو فإن كل طرف سيحاول حتى ذلك التاريخ تحسين اوراقه التفاوضية .. وفي هذا السياق اعلان طهران عن نيتها انشاء مفاعل نووي جديد العام المقبل لإنتاج الكهرباء !!.

رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

 

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2134 الاثنين  28 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم