أقلام حرة

علاقة الفن المعماري بالفن التشكيلي / حكمت مهدي جبار

وعندما يسمع منك أحدهم وأنت تتحدث عن الفنون التشكيلية وتذكر ان العمارة جزء منها ينتابه التعجب..ماعلاقة العمارة كهندسة وبناء ومواد وعلم بالفنون التشكيلية كالنحت والرسم والتصميم والخزف والفخار وحتى الخط العربي.

صحيح ان العمارة ((architecture كفن هندسي يقترب من الفكرة والتنفيذ العلميين ,بأعتبارها تقوم على المقاييس والأبعاد والحجوم والكتل والنسبة والتناسب  وهي (تتشكل) من مواد to consist)) كالحديد والحجر والجص والأسمنت ومواد البناء الأخرى,كعناصر لتنفيذ منجز *(يؤدي أغراضا انسانية ومتطلبات حياتية بوسائل مكانية ومادية وبأرتباط وثيق بحياة المجتمع

وزمانه) فهو تؤدي غرضا نفعيا خدميا يهم حياة الأنسان. وعلى هذا الأساس فان العمارة (تشكيل وظيفي) funcational Compositon)) تؤمن حماية الأنسان من حر الشمس والمطر والبرد والعواصف وتنامي حياة الصغار تحت ظلال الجدران حيث الأمان .ولكن كيف أعتبرت العمارة أحدى فروع الفنون التشكيلية الجميلة؟ عندما يقوم المهندس برسم أولي على الورق,ومن ثم يبدأ بالتصميم فأنه حتما يستخدم الخيال والحس .وعندما يبدأ بالتنفيذ يبدأ بتوزيع المساحات والأشكال من جدران وسطوح ونوافذ فأنه انما يقوم بنفس عمل الفنان الرسام والنحات والمصمم .والمهندس المعماري فنان من الطراز الأول فيما يتعلق بالتصميم وتكوين الأشكال.فقط ان المعماري يختلف قليلا عن الفنان التشكيلي كونه يعتمد جوانب عملية تعتمد حسابات وقياسات هندسية تصميمية قائمة على الأرقام آخذا بنظر الأعتبار امورا معينة مثل التكوين المرئي المتعلق بالعلاقات التركيبية لأجزاء البناء والتعبيرية التي تؤثر على فكر وعقل المشاهد والمقدارية التي تقارن نسبة الأنسان بالمكان.أي حجمته وحركته ازاء حجم المكان.أما الفنان التشكيلي فأنه يتعامل مع سطح ذو بعدين فيما يخص الرسام وثلاثة أبعاد فيما يخص النحت.واضعا ايضا بالأعتبار علاقات الأشكال والمساحات من حيث عناصرها التشكيلية الفنية من خط واتجاه وشكل وحجم وقيمة ونسيج ولون.

 

أن الأفكار المعمارية هي أفكار تشكيلية.فالمعماري الذي يقوم ببناء عمارة هو نفس الرسام والنحات الذي يقوم ببناء وحدات وعناصر اللوحة والنحت.لذلك فأن العلاقة بين ذلك الفن وهذا لم تكن طارئة فهي محددة**(منذ القديم ومرت بعصور وعصور جددت وقوت من الصلة بين فن وآخر,حتى أصبحت على الصورة التي عليها الآن) حيث أن دراسة تأريخ تطور الفنون الأنسانية وضعت العمارة والبناء كفن تشكيلي لآن صانعه  يتعامل مع العمق والسطح والزوايا والأنخفاضات والنتوءات والحجر والأسمنت والجص والتراب والطين وألالوان .

أن الفنان الحاذق تراه يراقب كل صغيرة وكبيرة خارج وداخل المكان (البناء) وأن مكملات ألبناء كألأجهزة الكهربائية والشبابيك والمصابيح والأبواب والزجاج لم يتم وضعها الا بالذوق والرؤية الفنية الجمالية أضافة الى العلمية فيما يخص حركة الهواء والتنفس وحركة الأنسان.لذلك ترى اذواق في اختيار شكل الزر الكهربائي وأطار الشباك ولون الغرف.فضلا عن التقديرات النسبية لوضعها في امكنتها فيما قربها وبعدها لكي يستخدمها الأنسان بشكل مريح.

أننا عندما نجلس الى مائدة الطعام ولدينا قدر معين من الذوق والرؤية الجمالية نتلمس مدى جهد المعماري الفني التشكيلي والهندسي العلمي.ويظهر ذلك في الرؤية الفنية والهندسية المشتركة في طريقة تصميم غرفة الطعام وطريقة الجلوس ونسبتها الى غرفة الأستقبال وكذلك ممر البيت المؤدي الى الباب الخارجي وهكذا.فضلا عن الفضاءات والفراغات التي تشكل أهمية كبيرة في الأبداع التشكيلي والمعماري.فعندما نجد مهندسا معماريا متمكن من تأمين كل تلك العلاقات بصورة جيدة وفق مقاييس الهندسة والتشكيل الفني فأننا يمكن ان نقول عنه قد ساهم في أضفاء (الجمال) من حيث الشعور بالراحة في المكان وانسيابية حركة المشاعر والأذواق بشكل عام.

أن من يحكم بين الرديء والحسن هو الفنان .ذلك الذي يقبع في روحية المهندس والرسام والنحات والمصمم والخطاط .اذ ان الرأي الفني الجمالي لايمكن ان ينفصل عن الرأي الهندسي العلمي.حيث يشترك كل من الفنان التشكيلي والمعماري في تشييد أو بناء أو تصميم منجز معماري معين.وأن الشكل المعماري  - عمارة – بيت – اسواق – تماثيل ونصب – جداريات – لوحات رسم انما هي نقاط التقاء الكتلة في الفضاء.وتلك المنجزات التشكيلية المعمارية الفنية الهندسية تتأثر حتى بثقافة المجتمع .التي تتمثل في المعتقدات والأعراف والتقاليد فيما علاقة الأنسان بعالمه.

أن الأشكال والتكوينات المعمارية والملامس والمواد والخطوط وألألوان هي عناصر مشتركة بين العمارة والفن التشكيلي تعبر في الفضاء عن الرؤية المشتركة للفنان والمعماري وبالتالي عن خصائصه الحضارية والثقافية بأعتبارهما هما صناع الصورة والكتلة والشكل واللون والخط والملمس والقيمة والنسيج.


................................

*ماهية العمارة – الفصل ألأول من رسالة ماجستير للطالبة يسار الجبوري – الهندسة المعمارية.

**جماليات الفنون – الموسوعة الصغيرة – العدد  69 – 1980

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2134 الاثنين  28 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم