أقلام حرة

أيها المؤتمرون .. مؤتمراتكم إلى أين؟ / موسى غافل الشطري

فهي إنما تدل على هشاشة الأرضية التي تقف عليها السلطة . وأن هذه الأرضية متحركة، ولا يمكن الركون إليها .

 أي أن ما يلوح من ارتباك وحراجة موقف مثير للبؤس . إنما يدلل على أن الوضع السياسي . بالأخص فيما يخص الحكومة، يؤشر بشكل مكشوف، على هزالة القاعدة الجماهيرية والأمنية. وأن التحرك الذي يجري هنا وهناك، إنما هو نوع من الاستعطاء .

 فلو كانت الحكومة تمتلك تلك الأرضية الصلبة، من خلال عطائها للشعب، لو كان هناك عطاء، ولو كان هناك تزاحم مشاريع بنيوية، لأصبحت قادرة أن تفرض شروطها، دون السعي والجري للذهاب هنا أو هناك . ولاستدعاء أولئك وهؤلاء .

 والمسألة تلوح على نحو فاضح : إلى أن معالجة الأمور مهما كانت التحركات والوساطات، والتدخلات الخارجية سوف لن تحل المشكلة . لأن المشكلة هي تُكمن في كل هؤلاء الأطراف اللاعبة في الساحة السياسية .

 ذلك : أن الجماهير، بصريح العبارة، تتابع من ألفها إلى يائها، ما يحدث من سجالات، وتنتظر أن تسفر النتيجة لصالحها .

 ولعل الجماهير وصلت إلى درجة من اليأس ـ ويجب أن تدرك ذلك ـ بحيث أنها تُفضل أي كان، حتى لو كان شيطاناً، شرط أن يجد حلاً للمعضلات التي تعانيها .

 ونحن لا يحق لنا أن نُلقي بعوامل اللوم على هذه الجماهير المقهورة، حيث أينما رست عجلتها، فلا تلقي سوى الأرض الموحلة .

فهي في كل الأحوال، تبحث عن منقذ ٍ، يمد لها الحبل للخروج من هذا المستنقع الآسن . فمطالبها لن تلق إذناً صاغية . ولم يجر الاهتمام بأوضاعها المأساوية التي يعاني المواطن من ضنك العيش . والبطالة . والأمراض . والجفاف . وفقدان وسائل العيش . والكثير من أمثال ذلك . وهو ينظر لما يجري بعين السخط وعدم الثقة .

 وبكل أسف : إن الظروف المعيشية، التي ألمّت أوجاعها بالعراقيين، أيام النظام السابق، زادت الآن الطين بلة، وأصبح المواطن يبحث عن منقذ .

 فإذا كانت الحكومة المتمثلة برئاستها تبحث عن مخرج من الأزمة، بأية وسيلة كانت . وبتنازلات متوالية هنا وهناك .، فسوف لن يكون هناك حل جذري لأزمتها . بل هي عبارة عن معالجة لتسكين مرضها العضال . ومن بعد سرعان ما تنفجر من جديد، وآنذاك، فسوف يكون لكل حادث حديث . وأي حديث مكلف ؟

 أي أن المعالجة التي تجري الآن، وراء الكواليس، وتفعل الوساطات فعلها غير مجدي للتهدئة، فالأمر القادم سوف لن ينحني أمام هذه الهامات، بل سيتخطاها ويتجاوز احترامها . وحين ذاك تُطرح القضايا بشكل حاد ومثير للقلق .

 هناك عوامل خطيرة جداً . هي بالتأكيد لا توجد سلطة تتحكم فيها . السلطة الآن، كما يبدو عجزت بتلويحاتها بالعصا لمن عصا، للقوى المصطفة في الجانب الآخر .

لكن .. هناك في الخفاء قوى تتربص . وهذه القوى، لم تكن في حالة ضعف . ونستطيع أن نقول، بأنها أشبه بالذي يتحين الفرصة ـ ذئاب على التل ـ بعد أن يؤدي النزاع بين قوى الصراع . وحين ذاك، قد تتأتى الظروف الملائمة للانقضاض، وحين لا ينفع الندم .

 المطلوب من هذه القوى، التي تتحمل المسؤولية الأكبر، وبالذات السلطة التنفيذية، أن تجد الحل الأنسب للخروج من المأزق، قبل فوات الأوان .

 وإن عليها وعلى جميع القوى المشتركة في هذه اللعبة الخطرة، أن تدرك الخطر القابع على التل .

 إن ما نتكلم عنه ليس شأن يشبه تدبيج موضوع إنشائي . بل أن الخطر الكامن هناك، يستدعي من ذوي الإحساس الوطني الشريف، أن يتدارك الأمر .

 وسواء كان هذا الذي نتكلم عنه في هذا الاصطفاف أو ذاك، لكن الشعب الذي يتابع بقلق بالغ وعدم رضا، يطالب بالحل الأنسب . الحل الذي يراعى فيه قضاياها الملحة . وقضية الوطن المستباح .. وإن اللعبة هي، كما يقال، تجري في الوقت الضائع .

 هناك قوى برزت في الساحة، بعد أن يئست من غيرها،أخذت على عاتقها : أن تعلن معارضتها لهذا التداعي الخطر .

هذه القوى المتمثلة بالتيار الديمقراطي . ومبادرة تجمع قناة الفيحاء الشخصيات المستقله ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات، في مشروعها الهام . جميع هذه القوى ينبغي أن تتلاحم وراء مشاريعها الهامة والضرورية إلى أقصى حد . ينبغي أن تكون هي الطرف الثالث . الطرف الذي سيلجأ له اليائسون من التيارين المتنازعين والذين سيخفقا في الاتفاق الثابت، اعتماداً على نيته الصادقة . وبعيداً عن الاصطفافات والمكاسب الضيقة .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2136 الاربعاء  30 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم