أقلام حرة

جمهورية مصر ورهان الدولة على معاد لة الانتخابات الصعبة / محمد بن امحمد العلوي

ام هوالمأزق السياسي لعملية سياسية انتقالية اتسمت بالاستقطاب الحاد؟  فلقد كان التحرك الثوري للمصريين هدفه البحث عن واقع سياسي واقتصادي واجتماعي  أفضل ، لكن تصورات الشارع والتسرع والتلهف لتحقيق النتائج الإيجابية المنتظرة عجلت بالمرحلة الانتقالية  وتصادمت التصورات بالواقع بكافة  معطياته .و كان هذا التعجل النفسي هو الذي  دفع بشباب الثورة  إلى محاولة اختيار أسهل الطرق للوصول إلى ما يريده من حرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. من الضرورة المنطقية للاشياء الا ينحاز الشعب كله للحراك الثوري وهناك من اراد ان يبقى  الحراك في الميدان وتوجس من المرحلة الانتقالية لان في مخيلته هذه المرحلة تساوي إجهاض للحلم ولاعتبارات التخوف من قتل الثورة من قبل دواليب النظام الايل للسقوط وكذا من تلهف بعض القوى سواء من اجل قطف الثمرة او استعجال قوى اخرى لاستتباب الامن والاستقرار من اجل مصالح مختلفة.جعل هذا كله يخلق قضايا شائكة  الى جانب القضايا الرئيسية التي خرج من اجلها الحراك الثوري  وهذا ما جعل هذه القضايا  تنتظر إيجاد حلول تأتى من خلال  البرلمان الذي يسيطر عليه التيار الاسلامي ولقد بدا أن البرلمان عاجز عن تسوية قضايا المجتمع .    وتوجد دائماً فئات وقوى تسعى لاستعادة النظام السابق باي ثمن وتحاول خلق التأزم النفسي من اجل التيئيس في القوى التي تحاول بناء نظام آخر يتبنى طروحات التوجه الشعبي والحراك الثوري وسعيه الى ان يمحي أسوأ ما في النظام القديم. ولابد من التركيز على هذه   العوامل الموضوعية  التي ادت الى الوصول  لنتيجة الاعادة بهذا الشكل  الى جانب اخرى متمثلة في:   

1سوء إدارة المرحلة الانتقالية بين المجلس العسكري والبرلمان ذي الأغلبية الإسلامية من ناحية .

2مسلسل الأزمات الاقتصادية والأمنية ونقص الخدمات  .

3 الاستقطابات الحادة بين  الإسلاميين والتيارات العلمانية.

  وهناك من يعيب على الاخوان انهم ركبوا سفينة الحراك الثوري متأخرين ،و قطفوا الثمرة بالتعاطي مع المجلس العسكري بمنطق الصفقة، وفي اتجاه آخر هناك من يقاطع أحمد شفيق باعتباره الامتداد الطبيعي للنظام السابق .و الواقع الانتخابي يسطر نتيجة اذهلت من اذهلت من الناس والمحللين في وقت واحد  وقالوا كيف يعقل ان يطرد نظام مبارك من الباب ويدخل من النافذة ؟ فاحمد شفيق  هو مرشح خرج من رحم الجهاز العسكري القابض على مفاصل الدولة بمؤسساتها السياسية والاقتصادية منذ حركة1952  في حين ان محمد مرسي مدعوم من جماعة الاخوان ذات التنظيم الفعال ومجموعة مؤسسات اقتصادية وشركات تتمتع بجهاز إداري قوي، فالمؤسسة الاقتصادية الى جانب مكتب الإرشاد يلعبان دور المحرك القوي للجماعة والمتعاطفين مع خطابها .فعقب الاعلان رسميا على النتيجة النهائية بالإعادة واقتصارها على هذين المرشحين اعترض واحتج عدد من المرشحين الخاسرين وأنصارهم وطالبوا بتطبيق قانون العزل السياسي على شفيق وإسقاطه وذلك لعدم نزاهة العملية الانتخابية . وخلص عبد المنعم  أبوالفتوح الخارج من عباءة الاخوان فى بيان له أنه لابد من التوقف عن إجراء جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية حتى صدور حكم المحكمة الدستورية.في حين اشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات في مؤتمره الصحفي لإعلان النتيجة إلى ان اللجنة العليا للانتخابات تلقت سبعة طعون من المرشحين ، رفضت اربعة منها لعدم استنادها على مسوغ قانوني يستوجب اتخاذ اجراءات لوقف الانتخابات او وقف اعلان النتيجة او تعديل انتخابات ايا من المرشحين.  وقال ان تلك الاخطاء المادية التي شابت العملية الانتخابية لا تؤثر في النتيجة النهائية للانتخابات وبالتالي التزوير المؤثر على النتائج لم يحدث،إذن فالجولة الثانية تبقى سارية المفعول رغم الدفع بالطعون في الانتخابات.

 ويلعب تيار أحمد شفيق على مظلة  الدولة المدنية مقابل الدولة الدينية وهذا محاولة منه لاستدراج الخائفين من زحف الاسلاميين ، ويعلل هذا التيار بأن الإخوان تراجعوا  عن قرارهم الذي اتخذوه في فبراير 2011 بعدم المنافسة في الانتخابات الرئاسية الحالية، لكي يوحي بعدم وفائهم بوعودهم. وكذلك يطرح سؤال "الاستئثار" بالسلطة على أساس أن لديهم أكثرية في مجلسي الشعب و الشورى وأن فوزهم بالرئاسة يضع السلطة التنفيذية في جيبهم  وفي تناقض سافر يقول ألا مانع لديه في الحكم الى جانب الاخوان . فالخطاب السياسي لأحمد شفيق  يركز في مجمله على  الاستقرار  وإصلاح النظام من الداخل  .ويحظى أحمد شفيق بدعم موضوعي من الغالبية العظمى من كتلة عمرو موسى المعبرة  عن شبكة من المصالح الداخلية والإقليمية  والمكونة من الطبقة العليا الأكثر ثراء والمرتبطة بالمنظومة الاقتصادية السائدة في البلاد والجهاز البيروقراطي للدولة وكذلك أفراد الشرطة والجيش المتقاعدون ،والأقباط  الراغبون في الاستقرار والخائفون من صعود الإخوان  بعد الثورة . وتبقى تيارات مهمة من المكونين لهيكل الحراك الثوري يحاول شفيق تقديم إغراءات  لحمدين صباحي كممثل معتبر لهذا التيار من اجل ميل الكتلة التصويتية  المساندة له لفائدة شفيق باتجاه مصالحته مع الثورة . وذلك لانه كان ضعفيا في كسب فرصته من خلال خطابه التوليفي في إقناع أنصار الثورة وكسب أصواتهم ومحاولته الضرب على وتر القطع مع  إعادة إنتاج النظام السابق  وإرجاع الثورة لأصحابها  ،و بالتالي فإغراء شفيق  لتيار صباحي لن يعطي نتيجته المأمولة وذلك باعتبار انه لم  يحقق استقرارا عندما تحمل مسؤولية رئاسة الوزراء  وتقديره لحسني مبارك كبير اعتباره مثله الاعلى ، ومن ثم فهو خصم لكل من تحدى حكم مبارك  رغم وعوده الانتخابية الجديدة بعدم إقصاء أحد .

 وعندما ننتقل بملاحظاتنا الى الطرف الآخر من المعادلة الانتخابية محمد مرسي  نرى انه مرشحاً احتياطياً وليس أصيلاً لحزب الحرية والعدالة ،و هو في  طريقه لنيل ثقة غالبية الناس ومحاولته تجاوز ضعف أداء الإسلاميين في مجلس الشعب الذين قرروا   سلسلة من القرارات السياسية الخاطئة التي اتخذوها في الشهور القليلة الماضية، سواء من حيث طبيعة هذه القرارات أو توقيتها . ولقد ذهب محمد مرسي بعيدا في  تقديم نفسه إلى الناخبين والقوى السياسية بصورة الرئيس المدني  وتعهده بإشراك كافة الفئات الاجتماعية في فريقه الرئاسي ولجنة صياغة الدستور الجديد، ومحاولته استجلاب العنصر المسيحي بتقديم اغراء  منصب نائب الرئيس. في حين انه يطمئن  النساء بألا حجر على لباسها وزيها ويركزعلى حقوقها في التعليم والعمل والوظيفة   وهذه الحقوق ستكون وفقا للقانون ومكفولة بالدستور . ولطمأنة النخبة السياسية اعلن انه  سيتقدم بالاستقالة من حزبه فور فوزه برئاسة الجمهورية ويؤكد على انه سيعمل على القصاص من قاتلي الشهداء ،و من جهة اخرى يعلن على انه ملتزم بنظام المؤسسات وانه مع التوافق من اجل المرور من المرحلة الانتقالية والشعب هو صاحب الكلمة الاخيرة وولاءه للشعب فقط . ومن ناحية الدعم فإن   الكتلة التصويتية لأبو الفتوح تميل  في معظمها  إلى مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي ،و نظرا للعلاقات التي تجمع حزبي «الكرامة»، الذي ترأسه حمدين صباحي ، وجماعة «الإخوان المسلمين» والتنسيق السياسي بينهما  منذ الانتخابات البرلمانية في العام 2005 والتحالف في الانتخابات البرلمانية في العام 2011 تحت لافتة  التحالف الديموقراطي  يتطلع محمد مرسي الى تأييد حمدين صباحي وكتلته التصويتية. ولضرورة الضمانات من اجل تفاهم وتحالف مقبل بين القوى المناوئة لاحمد شفيق والخائفة من محمد مرسي ،أخد على عاتقه رئيس الحزب المصري الديموقراطي محمد أبو الغار، والفقيه الدستوري محمد نور فرحات وآخرون  يحررون ما اسموه ب «وثيقة العهد» يتعهد الرئيس المقبل بتنفيذها بقسم أمام الشعب وتؤكد الوثيقة على 12 مطلبا منها التأكيد على مدنيه الدولة وان مبادئ الشريعة الإسلامية هو المصدر الرسمي للتشريع والتي وضعتها المحكمة الدستورية ، مؤكدا أيضا أنها أكدت على المساواة بين الرجال والنساء والتأكيد على حقوق الأقباط في المجتمع . وأكدت على ضرورة استقلال القضاء وعدم جواز إنشاء أي صور للقضاء الاستثنائي وان يتم محاكمه أي مواطن أمام المحاكم العادية وليست الاستثنائية ،على أن يكون الأزهر الشريف هو المؤسسة الإسلامية المنوط بها تحديد المرجعية الإسلامية للمجتمع المصري دون غيرها من المؤسسات الأخرى. وعدم استنساخ النظام القديم بأي صيغة كانت .

و يقترح أبو عبد المنعم الفتوح يقترح اربع نقاط على محمد مرسي للوصول لإتفاق يقطع الطريق على عودة النظام القديم وتتمحزر حول :

1-   تشكيل الجمعية التأسيسية،من جميع مكونات الشعب واختصاصيين في القانون بترأسها رمز من الرموز الكبيرة للوطن، و قراراتها بموافقة ثلثي أعضائها،  .

2-        تكوين مؤسسة الرئاسة والاعلان عن أسماء نائبين للرئيس بصلاحيات محددة. 

3-       تكوين حكومة ائتلافية، برئاسة إحدى الشخصيات الوطنية من خارج حزب الحرية والعدالة.

4-       تحلل رئيس الجمهورية من اي انتماءات حزبية .

من هنا يتضح ان المصريين يريدون التأكد على مدنية دولتهم المقبلة وايضا الى عدم الاستبداد بعودة النظام القديم او احد رموزه ،و يتطلع المصريون الى تكتثيف جهود  قوى اجتماعية وسياسية  ولاؤها للبلد وذلك من اجل بناء وحدة متجانسة وإعادة اللحمة للمجتمع في اتجاه الاستقرار والامن . فالشعور العام لدى الشعب والنخبة بالاطمئنان هو  الشرط الضروري لاستقرار منصب الرئاسة في الفترة الانتقالية ومن ثم تتميم العملية الانتقالية التي تتطلب وقت ومجهود وصبر.  

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2138 الجمعة  01 / 06 / 2012)

في المثقف اليوم