أقلام حرة

المالكي والإستعانة بالضُباط السابقين / امين يونس

.. هي نسبة مُرتفعة للغاية، لايوجد مثيل لها في أي بلدٍ في العالم . وذلك إنعكاسٌ لِسوء التخطيط وخطأ الأُسُس التي بُنِيَ عليها العراق الجديد . علماً ان هذا العدد الضخم من المنضوين تحت الوزارات الامنية .. لايعني انهم جميعاً يُمارسون فعلياً مهامهم وواجباتهم المُفترَضة .. بل ان الكثير منهم، مُجرد أسماء وهمية، اُدْرِجَتْ في القوائم، من قِبَل الطبقة الفاسدة المُتنفذة .. من أجل إستلام رواتبهم كمظهرٍ من مظاهر الفساد المُستشري .

- الجيش العراقي وبقية الجهات الامنية .. كما هو معروف " رسمياً "، قد حُلّتْ بِقرارٍ من الإحتلال الامريكي في 9/4/2003 .. لكن " الواقع " خلاف ذلك .. إذ ان الهزيمة الفعلية والإندحار التام وفقدان الكرامة، للجيش العراقي، كانتْ قبلَ ذلك بكثير .. ففي نهاية حرب الخليج الثانية، أي بعدَ الإنكسار المُخزي في حرب الكويت .. والشروط المُذِلة في خيمة صفوان .. فأن الجيش العراقي فقدَ هيبته . وبدلاً من أن ينتحر القائد العام للقوات المُسلحة " صدام حسين "، أو على الاقل يستقيل ويتنحى . فأنه تمادى في تركيع الشعب العراقي، وإذلال ما تبقى من الجيش وسحق الإنتفاضة الشعبية التي إندلعتْ، بالحديد والنار، على مرأى من المجتمع الدولي " الديمقراطي " ومُدّعي الإنسانية .

في التسعينيات كُلها .. كان منظراً شائعاً، ان تجدَ ضُباطاً ذوي رُتبٍ عالية .. يعملون سائقي تكسيات، او يبيعون أي غرضٍ على بسطيات في الاسواق الشعبية .. من شظف العيش وقِلة الرواتب .. في الوقت الذي كان صدام وبطانته، يصرفون ببذخٍ على القصور والحفلات الماجنة والمهرجانات الدعائية . ناهيك عن الإنتشار الكبير، للرشوة في المؤسسات العسكرية والامنية، وقيادتها من قِبَل أشخاصٍ ليسَ لهم أي خلفية عسكرية أو خبرة أكاديمية، مثل صدام نفسه وأبناءه وأقرباءه وبطانته .. في تلك السنوات ونتيجة سياسات النظام الفاشي [ إنتهى الجيش العراقي .. ولم يبقَ له أي نوعٍ من العِزة والشرف والكرامة ] .. وكانتْ هذه المُقدمات، هي أقصَر الطُرق، لِما حصلَ بعدئذٍ، من هزيمةٍ مُنكرة، بدون قتالٍ يُذكَر ولا مُقاومة جدية .. أمام الجيش الأمريكي، الذي إكتسح الوطن، من الفاو الى بغداد في أيام معدودة، ودخلَ العاصمة كانه في نُزهة ! . في 9/4/2003 .. لم يكُن هنالك فعلياً .. لاجيشٌ ولا شرطة ولا قوى امنية . ف [ حّلها ] كان تحصيل حاصل .

- التخّبُط والفوضى العارمة، التي أعقبتْ الإحتلال، إضافةً الى فساد الإدارة المدنية للإحتلال الامريكي والجنرالات الامريكيين، وبالتواطؤ مع الطبقة السياسية الجديدة .. كُل ذلك أدى الى، التسّرُع في تشكيل الجيش العراقي الجديد، من دون الإعتماد على ضوابط وشروط مناسبة، ومن غير تدقيقٍ صحيح يُلائم المرحلة الجديدة .. ومن خلال هذه الآليات .. تَسّرِب آلاف الضُباط السابقين من مُختلف الرُتَب الى التشكيلات العسكرية والامنية .. تحت جناح الاحزاب المتنفذة . وبالتأكيد، فان العديد من هؤلاء الضُباط .. كانوا من المُلطخة أياديهم بدماء الشعب العراقي، سواء في إنتفاضة آذار 1991، او في مناسبات اُخرى، ومن المُعادين للتغيير، ومن المُستعدين للتعاون والتنسيق مع الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج .

- من أبرز، أسباب الإختراقات الامنية التي كادتْ ان تكون يومية، طيلة السنوات التسعة الماضية .. هو تواطؤ بعض ضُباط الجيش والقوى الامنية، مع الإرهابيين سواء مباشرةً او بصورةٍ غير مباشرة .. وما الإنفجارات الفظيعة في الوزرات وأقسام الشرطة والمعسكرات والإغتيالات المستمرة وهروب او تهريب المحكومين بالإعدام ... الخ . إلا دليلٌ على ذلك .

...............................................

ان عزم " نوري المالكي "، إعادة الضباط السابقين، من رُتبة فريق فما دون، الى الخدمة .. ولا سيما في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى .. كما وردَ في تصريحاته وتصريحات الناطقين بأسم الحكومة .. بعد زياراته الى كركوك ونينوى .. هي خطوة في منتهى الخطورة في الوضع الراهن .. وتصعيدٌ خطير . إذ بدلاً من ترشيق المؤسسة العسكرية، وتخليصها تدريجياً، من الحزبية والفئوية والولاء للفرد .. وبدلاً من جعل الجيش مؤسسة وطنية، عالية المهنية .. فأن المالكي [ ولغايات مشبوهة، من قبيل مُغازلة الإتجاهات المتشددة في هذه المحافظات ] .. فأنه يُمارس لعبة خطيرة، رُبما تنعكس نتائجها عليه هو بالذات .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2140 الاحد  03 / 06 / 2012)

في المثقف اليوم