أقلام حرة

حوارية مع أديبة مصرية عن دور المرأة المصرية في الثورة / احمد محمود القاسم

من المحيط الى الخليج، اتناول في هذه اللقاءات، بشكل عام، دور المرأة في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدمها، ونيلها لحقوقها، كان لقائي في هذا الحوار، مع كاتبة وأديبة مصرية، تدعى أمال الشاذلي، وهي سيدة مثقفة، وتحمل فكرا مستقلا، ومتحررا، وهي كاتبة وأديبة وشاعرة ومثقفة سياسيا، ونجمة متألقة في سماء مدينة الاسكندرية، وهي ايضا نموذجا للمرأة السياسية المثقفة والواعية، والبعض، يطلق عليها لقب (أديبة الثورة المصرية)، وهي تتمتع بشخصية جذابة، وبالصراحة والشجاعة، حيث تؤمن بحرية الفكر، وبالتعددية السياسية، وتحترم الرأي، والرأي الآخر، وكان لها مشاركة، ودور في مظاهرات الثورة المصرية، والتي عمّتْ مدينة الإسكندرية.

قلت لها: انت مدام أمال، كاتبة وأديبة، هل لك أن تعطيني، اسماء مؤلفاتك، وتاريخ نشرها و تأليفها؟؟؟

قالت: لدي عدة مؤلفات منها: كتاب (ضجيج الصمت)، وهو عبارة عن مجموعة قصصية، نُشرَ في عام 2003م، و(لحظة اغتيالي)،  وهو، مجموعة قصصية، نُشرتْ في العام  2004م، و(لسبب ما)،  وهو مجموعة قصصية، نُشرتْ في العام 2006م، وكتاب (شظايا ابجراما)  نشرت في العام 2008م، ورواية (إيقاع الموج والزبد) وهذه الرواية، نشرت في العام  2010م، و(طَرقات، على ابواب السكون)، تحت الطبع.

قلت لها: اود أن اسألك  سؤالا محرجا نوعا ما، وفيما اذا كنت، سعيدة بزواجك، وتلقي الدعم الكافي من زوجك أم لا؟؟؟؟ فيقال دائما (وراء كل رجل عظيم امرأة)، فهل يمكن ان يقال ايضا ان (وراء كل امرأة عظيمة رجل)؟؟؟؟

قالت: وقهقهت من الضحك، ههههههههههههههههههههه، حتى الآن، لا اعرف، ان اقيّم حياتى الزوجية. ولكن، يمكنني القول، ان زوجي على خلق، وهو بلا شك، يدعمني ايضا، ولكن، هل لمثلي ان يرضى، فالإنسان، طموحاته غير محدودة، وأنا طموحاتي وأحلامي لا نهاية لها أيضا.

قلت لها: انا اشعرْ، بان  زوجك، يجب ان يكون اسعد مخلوق بالوجود، كونك زوجته، وتحملين الكثير، من صفات الزوجة المثالية والمثقفة والواعية والصريحة والجريئة والشجاعة، والتي تفهم حقوقها وواجباتها جيدا.

قالت: انا غير راضية عن نفسى، فكيف هو إذن؟؟؟ هو يسأل فى ذلك أيضا، أنا مشكلتى، اننى اريد ان اطير، وأن احلق في السماء بعيدا، وهو يريد ان يجنح للسكون.

قلت:بس انا اشعر بأنك تتمتعين بعقلية منفتحة، ومثقفة، وعلى قدر كاف، من الوعي  والمسؤولية، ومن الذكاء أيضا،  وشخصيتك جذابة، والكثير من الرجال من يتمنى  الاستحواذ على زوجة بصفاتك الزوجية هذه، والتي تمتاز بها شخصيتك بشكل عام.

قالت:الرجل، يدعي أحيانا، انه يحب المرأة المنفتحة والمثقفة والواعية، لكنه في حقيقة نفسه، لا يتمناها أن تكون لزوجته، بل يتمناها أن تكون صفات، في صديقته.

قلت لها: هذا غريب، هذا تناقض في الشخصية، وقد يؤدي لانفصام بها، الزوج الواعي والمثقف، هو يجب ان يجعل من زوجته صديقة له.

قالت: كم من رجل سمعت منه مثل هذا الكلام، وحين أصادف واعرف زوجته، وأتحاور معها في هذا المجال، اعلم الحقيقة المُرّة، وهذا هو مجتمعنا يا سيدي، وتابعتْ تقول، هل سمعتَ عن رجل، يتقّبل ان تقول له زوجته، انها غير سعيدة معه، انه يفضّلها ان تُتْقِنْ فن النفاق، على أن ان تصارحه، عن حقيقة سعادتها معه.

قلت لها:المفروض، اذا كان الزوج ديمقراطيا، ويؤمن بالحرية الشخصية وحرية التعبير الحر، ان يتقّبل، وبعرف السبب، حتى يتجّنبْ الوقوع فيه، ويتلاشاه مستقبلاً، اذا كان هذا حاصل فعلياً،  بسبب منه.

قالت:معظم رجالات الشرق، غير مؤهلين للنقاش، فى اتفه الأمور،  فما بالك بأمور جوهرية كهذه، تمس الحياة الزوجية.

قلت لها: لهذا كتبتُ مقالاً شيقا بعنوان:(الثقافة الذكورية، في المجتمعات العربية والمرأة)، ونشرته على الشبكة العنكبوتية، وناقشتُ به هذا الأمر، فالرجل العربي بشكل عام، متخّلف، وانأ اعترف، كما قلت انت ذلك سابقا.

قالت:سيدي، هناك طبقة من الرجال وحتى من النساء، لا تقرأ، ولا تستمد معلوماتها، إلا من كتب الفقه، التى تخاطب الرجل فقط، وتعزز مركزه ومكانته، الحقيقة، أنا لا ارى في الأديان، بل معظم الأديان، قد انصفتْ المرأة، كما تنصف الرجل.

قلت: البعض منهم، لا يطالع كتب الفقه فقط، بل يطالعون ايضا، الكتب الدينية السلفية والوهابية، ذات الأفكار المتزمتة والفكر الرجعي المتخلف، والتي تعمل على تكميم المرأة، وحبسها خلف اربعة جدران، وتطلب منها ان لا تتكلم، لأن صوتها عورة.

قالت:نحن لدينا ما يحض على الزواج أيضا، من مثنى وثلاث ورباع، وما ملكتْ ايمانكم، يا للبشاعة!!!!

قلت: يا سيدتي، هناك في السعودية، ودول خليجية أخرى عشرات، الأنواع  من الزواج، خارج نطاق الزواج الشرعي، المتعارف عليه.

قالت: مع الأسف، هذه هي الدولة الدينية، التي يحلم بها البعض. نحن نعيش فى عالم قد فسد بالفعل.

قلت: انا كتبتُ عن مثل هذه الزيجات، مقالاً منشوراً على الشبكة العنكبوتية، ومعظم هذه الزيجات، تعتبر عمليات زنى، ولكن تم التحايل عليها، وتم تغطيتها باسم الدين، حتى تكون مشروعة ومقبولة اجتماعيا.(خرجتُ قليلا عن سياق الحوار) وقلت لها: ما هي اخبار الأوضاع في مصر حاليا، في ظل الصراعات الانتخابية؟

اجابت وقالت: الاهتمام فى مصر الآن، هو متابعة اخبار الانتخابات، ومظاهرات ميدان التحرير، حتى ونحن نتناول طعامنا،  او نركب  في وسائل المواصلات، فهذا هو الهم الوحيد الآن، ونحن على مفترق طرق، وبين اختيارين، أحلاهما مُر.

قلت لها: هل هذا الوضع، طبيعي عندكم بهذا الشكل، رغم التفكير، بكل الأوضاع والتوقعات والمخاوف؟؟؟

قالت: لم يعد لدينا هناك توقعات، فنحن ركاب السفينة، لا نعرف، الى اين ستقذف بنا، الرياح الهائجة بالسفينة.

قلت: لهذا أردتُ ان اسمع منك حديثا، عن اوضاع المرأة المصرية، خاصة، فأنا أعلم بأنها شاركت بالانتخابات التشريعية، بشكل فاعل وكبير. لهذا، يمكن ان يكون لها تأثير، على الشخصية المصرية المنتخبة القادمة، لسدة الحكم.

قالت: المرأة المصرية مسكينة، وأكيد، شاركت في الانتخابات، بفاعلية،  ولكني لا اعلم،  اذا كان هذا الحق الانتخابي، سيستمر لها، بعد وصول الاخوان، الى سدة الحكم، ام سيُلغى، المرأة المصرية، لها تأثير واضح بالانتخابات، وان كان قد تم استغلالها، من قبل جماعة الإخوان، الذين استغلوا الفئات الغير متعلمة منهن، وقاموا بتوجيههن، حسب رغبتهم، وليس حسب رغبتها .

قلت لها: ما هي نظرة الرجل المصري، للمرأة المصرية، بشكل عام.

أجابت وقالت: النظرة تختلف من بيئة لأخرى ومن بيت لآخر، فمجتمع الريف مثلا، غير مجتمع المدينة، وفي صعيد مصر كذلك، لكن تظل نظرة الرجل الشرقى للمرأة، بأنها عبارة عن وعاء، للمتعة الجنسية، ومديرة بيته، فمثلا، فى صعيد مصر، لا يزال الرجل، يسْوّدُ وجههُ، وهو كظيم، إذا بُشر بالأنثى، والمثل الشائع لدينا يقول: (إكسرْ للبنت ضلع، يطلع لها اربعة وعشرين ضلع)، يعنى قوّي قلبك، واكسر اضلاعها، ولا تَخفْ.

قلت: وهل مثْلَ هذا المثل، موجود في كل حيْ وحارة ؟؟؟

قالت:بالطبع لا، ولكنه شائع بين الأوساط الشعبية، التى تعاني من مشاكل ثقافية ومن البطالة وأزمة السكن، وكلما ارتقى المستوى، الثقافي بين الرجال والذكور بشكل عام، كلما حَظيتْ المرأة، بمكانة افضل، فوضع المرأة، مرهون، بالوضع الثقافي للرجل بشكل خاص، وفي المجتمع بشكل عام.

قلت: ماذا يوحي لك، كثرة السيدات المصريات المحجبات والمنقبات، في طوابير الانتخابات المصرية ؟؟؟؟

قالت: هؤلاء، كن مُسَيَّسات ومدفوعات من آخرين، بمعنى ان المنقباتْ، خرجن بدافع من ازواجهن، فهم من قاموا بتوجيههن، لانتخاب رموز الأحزاب الدينية بدون وعيْ، ودليلي على ذلك، انه حين تم استبعاد رجل الدين السلفي (حازم ابو اسماعيل)، من سباق انتخابات الرئاسة، لم يخرجن النساء السلفيات للتصويت، بينما قد شاهدناهن، فى الانتخابات البرلمانية بكثرة.

قلت لها: ماذا يعني لك هذا، اكثر من ذلك؟؟؟

قالت:هناك نساء فى قمة الثقافة والوعي، وقد تقابلتُ معهن فى المظاهرات، ورغم تدّيُنُهّن الواضح، إلا انهن، كنَّ رافضات لانتخاب رموز الإخوان، والسلفيين أيضا، وكن مع الدولة المدنية، هناك، حراك اجتماعي واضح، لكن هناك من يتربص به، لأنه من وجهة نظرهم يعتبرونه كفر.

قلت لها:يقال عنك، ويطلقون عليك لقب:(أديبة الثورة المصرية)، هل هذا اللقب، حقاً وحقيقة بالنسبة لك؟؟؟؟

قالت: هذا شرف كبير لي، لكنني لا ادّعيه، سيدي الفاضل. لكن، اذا  قرأتَ أعمالي وكتاباتي، ستعرفْ بأنني، لم ابتعد ابدا، عن قضايا شعبي، وأبناء بلدي، فأنا أعبر عن طموحاتهم وأحلامهم في كتاباتي، هذا الى جانب، نزولي في المظاهرات معهم، والمشاركة بها بشكل فاعل، وحتى أنني لم امنع اولادي من المشاركة فيها، رغم حداثة أعمارهم، وقد اصيب ابني الكبير فى وجهه، لكن، هناك مثله الكثير من الشباب، الذين اصيبوا ايضا، في أماكن مختلفة من اجسامهم.

قلت: هل يمكن أن اقول عنك، بأنك، روح المرأة المصرية الحقيقة المعاصرة؟؟؟

قالت: اعتبر هذا اللقب، به الكثير، من المجاملة لي.

قلت:هل يمكنك القول، ان المرأة المصرية خُدِعتْ، وانضحك عليها مثلا؟؟؟

قالت:المرأة المصرية الحقيقية والكادحة، موجودة هناك، فى الغيطان، تُقلبُ الأرض، وتغرس الزرع، وتحلب الأبقار والجاموس، فتحياتي وامتناني للمرأة المصرية، فى الغيطان والمدارس والجامعات والمصانع، رغم الظروف الأمنية الصعبة، فالمرأة المصرية المثقفة، تم تنحيتها لصالح المرأة المحجبة والمنقبة، التى دفعتْ بها الأحزاب الدينية، تحت قبة البرلمان.

قلت:ماذا انتم منتظرون الآن، وماذا انتم فاعلون، وماذا ستفعلون، اذا كانت النتائج مخيبة لآمالكم وأحلامكم؟؟؟

قالت:لا أحد يستطيع، أن يتنبأ بشيء،  فالأوضاع غامضة، كل شيء مُبهم، ورهن القدر، والحراك الجماهيري الراهن.

قلت:هل ستقبلون بالنتائج مهما كانت؟؟؟؟

قالت: الإخوان المسلمون، لن يرضوا بالنتيجة، اذا جاءت بأحمد شفيق الى سدة الحكم رئيسا. والثوار، لن يقبلوا بنتائج الانتخابات، اذا جاءتْ بالإخوان المسلمون، لسدة الحكم أيضا.

قلت: وهل سيقبلون برموز النظام البائد كأحمد شفيق مثلا؟؟؟

قالت: أنا عن نفسي، لا أستطيع أن أتنبأ بذلك.

قلت لها: يمكن القول، ان الوضع في مصر غامض، ولا احد، يعرف أو يتكهن، ماذا سيكون عليه الحال؟؟؟

قالت:الموقف غامض سيدي الفاضل فعلا، وندعو الله، أن يخرجنا من هذا المأزق على خير وسلام.

قلت لها: واضح من حديثك، انك لن تصوتي للإخوان، فهل ستصوتي لأحمد شفيق؟؟؟؟

اجابت وقالت:لو صوّتْ لأحمد شفيق، أصبحُ خائنة للثورة، ولو صوتْ للإخوان " ابقى فُلّة، شمعة منورة " على رأي أكبر صلعة فى البلد، يا ربي أنا محتارة " فأنا لا احبذ الدولة الدينية " هل بهذا أكون قد خرجت عن ملة سيدنا إبراهيم ؟؟؟؟

قلت: وماذا عن مؤيدي محمد مرسي وجماعته؟؟؟

قالت:اولاد محمد مرسي، يجوبون فى الشوارع، وخلفهم نساؤهم، يهتفون يسقط، يسقط حكم العسكر، وأولاد بديع، يوزعوا أنفسهم في مجموعات، بعضها منخرط في الميادين، والبعض الآخر فى الشوارع " ولا يفوتهم، أن يتفاوض نفر منهم مع العسكر.

قلت لها: هل تنوين المشاركة بالمظاهرات المليونية القادمة؟؟؟

قالت:انا لم أشارك في المظاهرات الحالية، لأن الوضع غير واضح لي تماماً، والتناحر، على كرسى الرئاسة، والإمساك برقبة الشعب المصرى، أصبح هو الهدف، والإخوان، يريدوا أن يشعلوها ناراً وخراباً، والعسكر، يريدون أن يبقى كل شيء، على ما كان عليه الوضع، وما بين العسكر والإخوان، " حمدين صباحي وأبو الفتوح " طريق وعِرٌ وملتو، وكأنهم منتظرين معجزة أن تحدث لهم،" ويبقى شيء غير مفهوم، وغير معروف، ولكن، دعونا ننتظر، ونترقب ما سوف يحدث، (فبكرة بيذوبْ الثلجْ، ويبان ما تحت المرج).

انتهى موضوع حوار مع أديبة مصرية،  ودور المرأة المصرية في الثورة

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2145 الجمعة  08 / 06 / 2012)

في المثقف اليوم