أقلام حرة

ونحن بماذا مشهورون / زاهر الزبيدي

وتحويلها الى سمة بارزة في حياة تلك الأوطان دافعة إياها بأتجاه أن تكّون مع بعضها موارد مالية هائلة تعيش من أجلها تلك الشعوب أرقى أنواع الحياة الحرة الكريمة، فمنذ إكتشاف النفط .. كان للعراق إحتياطيات هائلة منه .. بينما هناك دولاً لا تمتلك شيئاً من هذا الوقود الأحفوري الذي أصبح اليوم المحرك المهم للثورات الصناعية  في العالم .. أما بالنسبة لنا نحن في العراق فقد أصبح النفط لدينا مدعاة للسكون وعدم التحرك بأتجاه إنشاء إرضية صلبة متكاملة للصناعات التي تخدم المجتمع وتغطي بكفاءة عالية مساحات سوقه الكبيرة والتي تسع كل العالم حتى.

وكل بلد من العالم ينشط في مجال صناعي محدد كأن يكون صناعة الملابس على اختلافها وبدرجة عالية من الرقي موفرة كل موادها الأولية المهمة وخبراتها الصناعية وتحتضن رواد تلك الصناعة وتدعمهم بكل قوة لتتغلب بحرفيتهم العالية على مصانع أخرى وتتغلب عليها في الأستحواذ على أسواق العالم لتفيض على بلدها بالموارد المادية الكبيرة التي تدعم نشاطات البلاد الأستثمارية .. فألمانيا على سبيل المثال تنشط كثيراً في مجال الصناعات الثقيلة من معدات وأجهزة كبيرة وكذلك في إنتاج العدد الدقيقة .. واليابان تنشط في مجال الصناعة وبشكل كبيرة في مجال رفد العالم كله بالمكونات الألكترونية والأجهزة وعلى مدار العقود تبدع اليابان في أستحداث معدات جديدة حسب حاجة البشرية لها .. أمام فرنسا فلها بلاع طويل في صناعة مواد التجميل والأسلحة مع أمريكا التي تعتبر أكبر بلدان العالم تصديراً لها .

فلا حدود للصناعة أمام تلك الدول فكل حاجات البشر المعروفة والتي هي قيد البحث قابلة أن تكون منتجاً وله خطوط إنتاجية كفوءة وحاصلة على شهادات الجودة العالمية ISO   بأنواعها، وليس بالضرورة أن تكون اليابان مشهورة بالصناعات الألكترونية فالشعب الياباني يوفر لنفسه كل الأحتياجات بصورة مستدامة موفراً للبلد ذات الموارد.

وتلك النهظة بدأت منذ عقود تدب في دول الجوار الأقليمي والخليج العربي .. حين أصبحت شهية الأسواق الكبيرة في العالم مفتوحة على مصراعيها لأستقبال كل شيء .. وبالأخص أسواق العراق كل شيء على الأطلاق من الأبرة الى الصاروخ وكأننا نعيش في صحراء .. ليس لدينا ماء فنستورده وليس لدينا أرض خضراء تُرى من الأقمار الصناعية فنستورد غذائنا بأنواعه .. كله معلب .. حتى الخبز وكأن أفراننا عجزت عنه وعقرت تلك المساحات الهائلة من الأراض الزراعية و جف ضرع ماشيتنا حتى عن الحليب لتغرق اسواقنا بصناعات خليجة كثيرة من أنواع الأجبان .. ولو قدر لنا أن نستكشف حجم التبادل التجاري العراقي من دول الخليج العربي أو العالم كله لوجدنا أننا خلال سنة واحدة فقط من قيمة تلك الأستيرادات سنكون قادرين على نقل تكنلوجيا تصنيع كل أنواع المعلبات والملابس والعدد، الغير مطابقة للمواصفات العالمية، التي نراها أمام أعيننا ونتحسر على مصانعا التى لم تصحوا لغاية اليوم من ضربة الحوسمة التي أحالتها خراباً ونتحسر على تلك القوة البشرية الهائلة التي تفترش ارصفة البطالة بلا عمل وبلا .. أمل .

 فحجم إستيراداتنا من بعض الدول مثل أيران، تركيا، الصين، الدول العربية، أمريكا، وغير ها من الدول .. قد يصل الى عشرات المليارات من الدولارات التي تكفي لأغراق العراق بالمصانع الحديثة .. فنحن دولة تمتلك 3 ملايين موظف وقادرين على تشغيل مثلهم إذا توفرت لدينا الخطط البناءة في الأنتاج والصناعة وحدها قد تضم مئآت الألاف من الموظفين بخبرات وطاقات عمل لسنوات عدة في كل المجالات الصناعية وتدربوا في الفترات السابقة في أرقى الشركات العالمية .

في شركاتنا الصناعية اليوم ليس لدينا مكان لجلوس الموظفين فيها لكثرتهم وقلت المكونات المادية، والكثير من تلك الشركات، ذات التمويل الذاتي، غير قادرة على توفير رواتب لموظفيها ويهددون كل يوم بأن رواتبهم ستكون عبارة عن الراتب الأسمي فقط وكأنهم هم السبب في عدم دوران تلك العجلة التي تسمى بالعجلة الصناعية في البلد وليست  إدارات تلك الشركات التي توقفت عقولها عن إيجاد عقود للتعاون وإستثمارات لبناء مصانع جديدة .. فعلى الرغم من كل المعوقات أمام الأستثمار في مجال الصناعة إلا إن العالم يزخر بأنواع المصانع فما الضير في إستيراد مصانع كاملة وتدريب موظيفها على إدارت خطوطها الأنتاجية وتشغيل تلك السواعد التي أخذ منها الملل ما أخذ وتركها تعاني قسوة الحياة وأرتفاع التضخم الذي يتسبب اليوم في إنهاك المدخولات المحدودة لأسرهم .

سيتوقف النفط يوماً ما وسنندب حظنا في عدم إيجاد خطط للصناعات الستراتيجية وعدم إيلائنا لتوفير المواد الأولية لتلك الصناعات أية أهمية .. وإخيرا قد يفهم البعض بماذا نحن مشهورون اليوم بعد كل ما سلف !

 

زاهر الزبيدي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2147 الأحد  10/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم