أقلام حرة

مصر الحكيمة في حديثها مع مغربي .. / محمد بن امحمد العلوي

فشعبك ابان على انه صبور رايناه كم بح صوته ليخرج لنا سمفونيات رائعة في التأليف واللحن وكتابات رائعة تنقلنا من عالم لآخر بسلاسة وحكمة . وعندما أقول صباح الخير اراك بكل خير رغم الفلول ولا يفل الحديد إلا الحديد، تصيحين بكل بحة في الصوت زادته حنانا وألقا لقد نهض ابنائي . وازيد انا على قولها ولا اظنهم سيعودون لسبات قد طال امده، فقد نفضوا الغبار وساهموا في زراعة الاحساس ولا يهم الذين يضحكون شماتة او تأسيا المهم زراعة الاحساس بنهضة وعزم .

صباح الخير يا مصر فالكل ذاهب لعمله وكاهله مثقل بهموم لا يعلم متى سوف تنتهي لكنه متأكد ان خروجه لن يضيع وعزمه لن يهدا فهو يحدث نفسه ويُسمع غيره بأنه لم يعد غريبا في بيته وعمله وبين بني جلدته .فاليوم يا مصر تتعرفين على نفسك من جديد تعيدين صياغة مبادئ جديدة وإطارات اخرى وقوانين واناس جدد ممكن ان يخطئوا الطريق لكننا في الصباح نغسل الوجوه ونسقي الزروع ونبدأ من جديد .. والصباح رباح وضياء فشبابك أُعيد لك فخرجتِ مسرعة الى ميادينك مهللة ومزمجرة وقلت كفى لقد سُحِقَتْ آمال ابنائي وانمحت اسارير وجوههم وانقطعت ارزاق آبائهم، قلت كفى وشمرت فما كان من العالم إلا ان وقف مذهولا متسائلا ماذا تودين ولماذا تتحركين والى اين تتجهين .لم تبالي بأصوات الهواة ولا بأصحاب الهراوات بل مضيت في طريقك رافعة لافتة كَتَبْتِ عليها بخط احمر واسود وابيض اريد حريتي اريد اطلاق يدي .

اصفق لك يا مصر فأرضك طرية فلقد جاء من جاء وذهب من ذهب، و تبقي انت شامخة بحضارتك القديمة كإحدى المعجزات وكأجمل الجميلات تستحمين كل صباح بماء نهرك العظيم وتسمرين مع اهلك حول شاطئه . لستِ متبرجة لكنك تلبسين احلى الحلي واجمل الملابس وتتفوقين على قريناتك وتستمعين الى احلى الالحان وتبدعين ارقى الكلمات. وتهمس لي قائلة في خجل تام وبثقة الأُم بأبنائها إن هؤلاء هم أبنائي الذين قدموا جهدهم وعرقهم لخلق علاقة بين هذا النهر وبيني لقد اعطوا عطاءهم هذا، ولم يتوقف منذ ذلك الزمان الممتد إلى أقدم التاريخ وأبعده عن الحاضر الى اليوم .ودائما ما كنت حاضرة شاهدة على انتكاساتهم وهزائمهم فابكي معهم حتى ينقطع الدمع ويجف، و غالبا ما انقلب على قفاي من شدة الضحك من نكاتهم.

سررت يا سيدي من انطلاقات ابنائي في بناء حَاضِرَتِهم قديما وتكوين دولتهم، ولم ارضى في ازمنة عن اطماع كبرائهم وجشعهم فهم لم يكونوا يسمعون الى صوت الحكمة من فم وعقل ابنائي العقلاء .و كثيرا ما احسست بالقرف وانا انظر الى ابنائي الضعفاء البسطاء وهم يعملون في بناء تِرَع وقنوات ومصارف وسكك حديد وأراض خضراء مثمرة تقدم للشعب المصرى غذاءه وكساءه، دون ان يكون لهؤلاء ادنى اعتبار لقد عاشوا وعملوا وماتوا دون أن يدركوا حتى بوجودهم ولا بأهميتهم. لكنني افتخر بهم واعتبرهم اقرب ابنائي الى قلبي فلقد كانوا ولازالوا شديدي التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية والجماعية، و ابتهج ايما ابتهاج وانا انظر في اعين ابنائي وهم ينتفضون ضد من يستعمرهم ومن يحاول استغلالهم وإذايتهم ولو كان منهم .ولقد لاحظتها تطلق لنفسها العنان وهي تغازل ذاكرتها القوية الفتية فأرخت لما دار في الاديرة والمساجد منذ العصور الاولى للاسلام، و اغرقت في التأمل وهي تسترجع الديانات الاولى فوق ترابها والحضارات والثقافات والاسامي التي حفرت والمباني التي شيدت بتفاني بايدي ابنائها كما تكرر دائما وهي مفتخرة .

فتارة تراها حزينة كئيبة لما آلت اليه تلك التحف الفنية والتي لم يبق منها إلا القليل، وتارة اخرى تجدها في احسن حال منتشية بما ابدعت تلك الايادي وخلقت تلك العقول في عصور اخرى وحقول اخرى . قالت لي ونحن نتأمل تلك السفن تتمايل على موسيقى نهر النيل العظيم، لقد أرخت يا سيدي لكل ما حدث ووكتبت كل ما جرى لكن الزمن والابناء العاقين لأمومتي تنكروا لما كتبت والادهى انهم دائما ما كرروا قصة قابيل وهابيل فوق ترابي فارتوى بدماء عطرة كثيرة واخرى نجسة لكنهم ابنائي على كل حال . وسألتها هل انت مريضة الآن ايتها السيدة الجليلة الجميلة ابتسمت وبحكمتها المعهودة أجابت وقالت : اسمع ايها المتذاكي .. يتبع


 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2147 الأحد 10/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم