أقلام حرة

المراحيض الغربية والشرقية / أمين يونس

"ان الفَرق بين الرؤساء الغربيين ورؤساءنا، في حالة الإستبدال أو التغيير.. كالفرق بين المراحيض الغربية والمراحيض الشرقية ! .. فالأولى يمكن تبديلها بِكُل سهولة ويُسر .. مُجرد ان تَفُك براغي قليلة، ثم ترفع القديم وتضع الجديد ... في حين ان تبديل الثانية أي الشرقية، يتم بتكسير القاعدةِ تكسيراً، وتحطيم مايحيط بها تحطيماً .. حتى يتوفر الوضع المناسب لتركيب مرحاضٍ جديد !! " .

وأقرب مثالٍ على الحالة الأولى .. هو [التبديل] السهل، الذي جرى بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والرئيس المُنتَخَب الجديد هولاند .. حيث تَمَ " فتح البراغي " بِكُل سلاسةٍ ويُسُر .. وإعترفَ ساركوزي، بعد إنتهاء العملية الانتخابية ب [ساعات فقط]، بالهزيمةِ، وقَدمَ التهاني الى خصمهِ الفائز، بِرحابة صَدر .. وتَقَبَل الخسارةَ بِروحٍ رياضية عالية ... بل وطلبَ من الشعب الفرنسي في خطابٍ قصير، التعاون مع الإدارة الجديدة من أجل الجمهورية الفرنسية . من الطبيعي، ان وزارتَي الدفاع والداخلية، الفرنسية .. لم تتأثرا مُطلقاً، وبقِيَتا مؤسستَين مِهنيتَين لاعلاقة لها بتغيير رئيس الحكومة والإدارة ... ولا الوزرات والمؤسسات الخدمية، أصابَتْها الصدمة بسبب الرئيس الجديد، بل إستمرتْ في عملها بصورةٍ طبيعية .

أما المِثال الآخر، الذي يُمّثِل الحالة الأخرى .. فهو الوضع العراقي الآن .. فكما هو واضح، ان عملية تبديل رئيس الوزراء "نوري المالكي" .. شبيهة فعلاً بعملية تبديل المرافق الصحية الشرقية .. وتعتريها صعوبات كثيرة، من قبيل تكسير الكونكريت المُحيط بالقاعدة، وما يتبعه من ضَررٍ يلحق بالكاشي أو الموزائيك، ناهيك عن الفوضى العامة والأنقاض التي تُرافق العملية والضجيج والصخب المُصاحِب، والمصاريف والتكلفة المُحتاجة لتثبيت قاعدة جديدة، وفترة إنتظار ضرورية بعد ذلك، حتى تكون مُهيأة للإستخدام ! .

ان تكسير قاعدة التحالف الذي يرأسه المالكي، قد بدأ بخروج التيار الصدري او كتلة الأحرار، وإصطفافه الى جانب الداعين لتغيير رئيس الوزراء ... وعمليات الضرب المُتبادل تحت الحزام، من قِبَل أطراف العملية السياسية، أدتْ الى تَصّدُع معظم الإئتلافات والتحالفات التي كانتْ قائمة .. فالعديد من أعضاء القائمة العراقية، خرجوا عنها، وتبَنوا مواقف مُغايِرة لمواقف قادة العراقية ... ولاسيما بعض نواب كركوك والموصل .. وحتى في جبهة النواب الكُرد، فان بعض الإنقسامات في المواقف، ظهرتْ مؤخراً .. في حين، ان التصدُع في التحالف الوطني اي قائمة نوري المالكي الشيعية، كان الأبرز، من خلال إنسلاخ التيار الصدري، وبعض النواب المستقلين ... ان هذه الإهتزازات في الكيانات السياسية .. أشبه بِتَكسُر الكاشي والموزائيك المُحيط بالقاعدة ! ... أنها بإختصار، عملية صعبة ومُعقدة ومُكلِفة، ترافقها الفوضى والأنقاض والروائح الكريهة، وتَعّطُل الخدمة ! .

 

..................

ما كان أسعَدَنا .. لو كانَ مرحاضنا غربياً .. فعندما نريد تغييره أو تحديثه، بواحدٍ أكثر كفاءة .. هي مُجّرَد أربعة براغي .. ولكن " مِنينْ يا حَسْرة " !!.

 


 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2149 الثلاثاء  12/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم