أقلام حرة

الرصافي يلقي قصيدته على النفايات / جمال حافظ واعي

الشاعر ذلك الكائن المنذور لسواه، يكمّل صورة المزبلة هنا وينقلها الى حافاتها القصوى.

وغالبا ما يكون ضيوف شرف المزبلة: القطط والفئران والجرذان والكلاب السائبة.

وثمة مشتركات تتراقص على المسرح: الذباب والحشرات.

أحد معاني الجمهور كما ورد في " لسان العرب :" الرمل الكثير، المتراكم، الواسع ".

الشاعر الآن محاصر بوساوس الكائنات المرابطة في المكان،

المكان الذي يتسع لفسحتها في الوجود.

846-jamal

فهل هي مجبرة على سماع ترانيم الشاعر الذي وجد سهوا في منطقتها

أو وجدت سهوا في منطقته؟

المزبلة هي قصيدتها العظمى التي تستمع لها بكل حواسها.

انه غطاء ثقيل تحاول هذه الكائنات أن تزيحه.

الشاعر هنا فزّاعة فات أوان الخوف منها،

وربما ما يقوله محض نفايات قولية ليس الاّ.

انه يقف خلف كتلته ليروي لنفسه

تاريخ المزابل التي أحاطت به ولم يستطع الخلاص منها حتى بعد موته!

وربما هو الآن يردد مع نفسه:

               أنا بالحكومة والمزابل أعرفُ.

 

بدلا من : أنا بالحكومة والسياسة أعرفُ.

 

فلقد استبدل كلمة السياسة بالمزابل، لأنها واقع الحال واللافتة العريضة لهذ الوطن!

أية سيرة تلك التي تُروى وكل ما حولك يقودك الى سيرته؟

الأيام المجهضة والوجوه التي تتنفس رائحة خوفها

وتلك الأجساد المحشورة بين الوجود والعدم

والتي تبحث عن فرصتها الأخيرة في المزبلة..

تمثال الشاعر هنا تتمة للمزبلة، انه  فضاؤها الأرحب 

ونبرته ضرورة قاهرة لاستكمال ايقاع أناشيد كائناتها.

الشاعر يؤدي مشهدا تراجيديا لانمساخ الكائن وكل ما حوله يبارك هذا الانمساخ.

فأية حيرة تلك التي تستبد به وهو يتأمل المكان من حوله، يقلّب خريطته، فيتناهى الى اذنيه طنين الذباب؟

هل ينوب هذا الطنين عن التصفيق؟

انحبستْ اللغات وأغلقت المعاجم أبوابها.

 

استراليا

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2154 الأحد 17/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم