أقلام حرة

الدين والدولة / حكمت مهدي جبار

وهي مستمرة حتى يومنا هذا .تخللت ذلك التأريخ الطويل مناهج ومذاهب وسياسات مختلفة في هذا الأمر نهج فيه البعض ملوكا وامراء ورؤساء وزعماء الى الفصل بين الدين والدولة كأجتهاد رآه اولئك كحل لتلك الأشكالية في حين اعتبر البعض الآخر انه لايمكن الفصل بين الأثنين وهكذا استمرت المعضلة حتى اتهمت احزابا بالكفر وأخرى بالزندقة وأخرى بالطائفية نتيجة شدة الخلاف وتباين الآراء في ايهما الأفضل في تأسيس دولة مثالية يعيش فيها المواطن حرا بلا قيود.ان الدين كما هو معروف :- دستور سماوي لايمكن بأي حال من الاحوال تغيير منظومته القائمة على اساس النص السماوي المقدس ولا يمكن التلاعب بمبادئه لكي تستخدم كوسائل تكتيكية قائمة على المراوغة والتحايل في حلبة اللعبة السياسية المخادعة عكس السياسة التي هي :- دستور ارضي وضعي يمكن ان تتغير فيه الاساليب حسب مفهوم ان السياسة فن الممكن ليتوائم مع المتغيرات المستجدة الى الحد الذي عرف فيه البعض بأنها نشدان الغايات التي تبررها الوسائل وهي بذلك تفقد امور اخلاقية تتخالف مع اخلاقيات الديانات السماوية ومنها الاسلام.اما اذا اراد رجل الدين ان يقتحم عالم السياسة لاسيما المعاصرة فأنه يتحمل تبعاتها .وعندما يخوض رجل الدين في السياسة ماذا يريد من وراءها ؟حتما انه يبغي السلطة .وهنا تنظر اليه الناس من باب التقديس على انه مخول الهي .وبذلك لايحق لؤلئك الناس ان يبدوا اراءهم او رفضهم لأي امر صادر من رجل الدين السياسي فما عليهم سوى الأمتثال لتلك الأوامر .وحتى لو لم يكن الفرد مقتنعا ببعض ما يأتي به رجل الدين فأنه يقبله بالتظاهر والرياء خشية اتهامه بالزندقة وهو بذلك قد ضحى بحرية التعبير عن انسانيته.وقد تكون القضية اشد تعقيدا في حال الشعوب التي يتكون نسيجها من اديان واعراق وطوائف واقليات .فكيف يتعامل رجل الدين الفلاني الذي تربع على كرسي السلطة مع الاديان الاخرى ولكل من تلك الاديان عقائدها ومناهجها الدينية اذ ان رجل الدين صاحب السلطة الدينية صار صاحب سلطة سياسية فكيف يتعامل مع الحال وهو ملتزم بفتواه التي لايحيد عنها الى الحد الذي قد يصل بالبعض منهم الى تكفير الجانب الاخر فيما يخص الدين ويحمله المسؤولية فيما يخص السياسة .اما فيما يتعلق بالديمقراطية، فأن يأتي رجل دين (أي دين) ويقول نحن اهل الديمقراطية فعليه ان يعرف ان الديمقراطية فيها آراء ونوايا مختلفة ومتعددة الأتجاهات ومعطياتها قابلة للطعن والرد والرفض والقبول والخطأ والصواب فهل بأمكان فرد ان يطعن بأمر صادر من رجل الدين الماسك بالسلطة السياسية والذي يعتبر في نظر البعض مقدسا .؟وهل توجد ديمقراطية في تناول نص ديني قابل للتداول الديمقراطي مابين الرفض والقبول ؟صحيح اننا كمسلمين نجد في القرآن الكريم آية تقول (وأمرهم شورى بينهم) او(كل حزب بما لديهم فرحون) وتلك اشارات لوجود الديمقراطية في الاسلام ولكننا هنا قد نتعرض لسؤال من البعض ويقول :هل يمكن لهذه الديمقراطية ان تغير نصا مقدسا قد يعتمده رجل الدين الحاكم سياسيا في تشريع قوانين لحياة معاصرة يتوائم مع الواقع الجديد .وهناك راي يقول ان ذلك ليس مبررا لتأسيس ديمقراطية اسلامية انما يمكن يكون دعوة لقيام نظام من العدالة والمساواة والتي تسمى بـ (الأشتراكية) ذلك لأن اصحاب هذا الرأي يقولون :-انه من غير المعقول ان تكون هناك سلطة ديمقراطية تحاكم وتناقش نص سماوي وفق طريقة الديمقراطية الحديثة .مما تقدم يظهر لنا السؤال :-هل هناك ضرورة تدعو لفصل الدين عن السياسة؟ ام ان ذلك الفصل لايدعوا لفصل الدين كونه قانون سماوي مقدس عن الدولة، انما فصل الأختصاص الديني عن الأ ختصاص السياسي؟ وما ذلك كما يقول البعض الا حفاظا على الدين نفسه من السياسة..وهناك رأي آخر يقول ان الدين والسياسة خطان متوازيان لايلتقيان مهما امتدا ..لقد اتهم من دعى الى فصل الدين عن الدولة (بالعلماني ) وهو مفهوم ينطبع لدى بالبعض بالكفر! وأتهم من يمزج الدين بالدولة بأنه لابد من أن يكون طائفيا! ..العلمانيون يدعون ان العلاقة الروحية انما هي تنحصر بين الفرد وربه ولا مبرر لوجود وسيط او مرجع. بمعنى ان لايحق ؟لأحد ان يفرض عقيدته ومذهبه على الاخر وهم يعتمدون بذلك على الآية الكريمة (لا اكراه في الدين)..يبقى السؤال مطروحا . هل يمكن فصل الدين عن الدولة ؟وهل يمكن بهذا الفصل ان تتحقق دولة مثالية تضم الجميع؟

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2157 الاربعاء 20/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم